Print this page

رواية تونسية وحيدة في قائمة الجائزة العالمية للرواية العربية: "أيام الفاطمي المقتول" لنزار شقرون... من ظل الفاطميين إلى ضوء المعاصرة

في محطة جديدة تؤكد حيوية السرد التونسي

وتعيد الرواية التونسية إلى دائرة الضوء، اختيرت رواية «أيام الفاطمي المقتول» للكاتب نزار شقرون ضمن القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية لدورة 2026. وإن كانت هذه الرواية هي الوحيدة التي تمثل تونس في واحدة من أهم الجوائز الأدبية، فإنّها تواصل ترسيخ مكانة الرواية التونسية داخل المشهد الروائي العربي، عبر أعمال تنبش في التاريخ والذاكرة والراهن بأسئلة فنية وجمالية جريئة.

تختص الجائزة العالمية للرواية العربية سنويا بمجال الإبداع الروائي باللغة العربية، وتبلغ قيمة الجائزة التي تُمنح للرواية الفائزة خمسين ألف دولار أمريكي، ويرعى الجائزة مركز أبو ظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي.
التاريخ بوصفه سؤالا معاصرا
يمثّل وصول «أيام الفاطمي المقتول» الصادرة عن دار مسكلياني إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية محطة مهمة في مسيرة نزار شقرون الإبداعية، ويؤكد مرة أخرى قدرة الرواية التونسية على المنافسة عربيا، ليس فقط بالحضور العددي، بل بعمق الأسئلة التي تطرحها وبحثها الدائم عن أشكال سردية تعبّر عن تعقيدات الإنسان العربي وتاريخه.
هذا الاختيار لا يأتي من فراغ، إذ تُعدّ «أيام الفاطمي المقتول» واحدة من هذه التجارب التي تنهل من التاريخ لتعيد قراءته بعين سردية معاصرة، تجمع بين البحث في المصير الإنساني والتأمل في مفاهيم العدل والسلطة والذاكرة.
لا تتعامل الرواية مع التاريخ بوصفه سردا مغلقا أو وقائع منتهية، بل تنفتح عليه كمساحة للأسئلة والشكوك. من خلال زمن فاطمي مضطرب، تستعيد الرواية مصير رجل يُقتل، لكن مقتله لا يُغلق الحكاية بل يفتحها على مصائر أخرى، وعلى شبكة من التأويلات حول السلطة والعدل والخيانة والذاكرة.
كما يوحي نص الغلاف، تتحرك الرواية بين الداخل والخارج، بين ما يُقال وما يُضمر، وبين التاريخ الرسمي وتاريخ المهمشين. شخصياتها تعيش على حافة الأسئلة الكبرى:هل يمكن للعدل أن يولد في زمن السيف؟ وهل يكفي النجاة الفردية حين يكون الخراب جماعيا؟
التونسي محمد القاضي يرأس لجنة التحكيم

تضم القائمة الطويلة لدورة 2026 خمسة عشر عملا روائيا لكتّاب من عشر دول عربية، في مشهد يعكس ثراء التجربة الروائية العربية وتعدد أصواتها. ويأتي حضور «أيام الفاطمي المقتول» ليؤكد أن الرواية التونسية ما تزال قادرة على المنافسة، لا بعدد الأعمال فقط، بل بعمق الرؤية وجرأة الاشتغال على التاريخ والراهن معا.
وقد تولّت لجنة تحكيم دولية مهمة اختيار الأعمال المتأهلة للقائمة الطويلة، برئاسة الناقد والأكاديمي التونسي محمد القاضي، وعضوية كل من الروائية والمترجمة الفلسطينية مايا أبو الحيات، والناقدة البحرينية ضياء الكعبي، والباحثة الكورية الجنوبية ليلي هيون وون بايك، والكاتب العراقي شاكر نوري.
وفي سياق تعليقه على اختيارات القائمة الطويلة، قال محمد القاضي، رئيس لجنة التحكيم: "تقدّم الروايات المندرجة في القائمة الطويلة في هذه الدورة صورة مصغرة من المشهد الروائي العربي المعاصر في تنوعه وثرائه. وقد احتلّت العوالم الباطنية للشخصيات منزلة خاصة من خلال نماذج استثنائية تعيش أزمات نفسية وتجد عسرا في الانسجام مع الواقع المعيش. كما حظي التاريخ، بعيدا كان أو حديثا، بمكانة بارزة وكان حضوره لافتا باستدعاء الماضي واستكناه أبعاده ودلالاته. كما عالج عدد من الروايات قضايا الهوية في مناخات الحروب والصراعات والهجرات والثورات والتطور الاجتماعي والعمراني غير المتوازن".
بين التاريخ والمتخيل، وبين السؤال والشك، تمضي رواية نزار شقرون في رحلتها نحو القائمة القصيرة، حاملة معها صوتا تونسيا يكتب من داخل القلق الإنساني، لا من هامشه. وإلى موعد الإعلان عن القائمة القصيرة في فيفري 2026، والرواية الفائزة في 9 أفريل 2026 ، تبقى «أيام الفاطمي المقتول» شهادة جديدة على أن الأدب ما زال قادرا على إحياء الماضي، لا لتمجيده، بل لمساءلته واستخلاص دروسه وعبره.

المشاركة في هذا المقال