Print this page

بين شروط المقاومة وضغوط المرحلة… حماس تشدد على أن إنهاء الاحتلال هو مفتاح الاستقرار

تواصل دولة الاحتلال حرب الإبادة بأشكال جديدة

في وقت تتسارع فيه الخطوات الدولية للتباحث في شكل غزة بعد الحرب . فقد رصدت نقابة الصحفيين الفلسطينيين، 57 انتهاكًا واعتداءً إسرائيليًّا، بحق الصحفيين خلال نوفمبر الماضي.
وفي خضمّ ذلك تتواصل المباحثات الإقليمية والدولية حول مستقبل قطاع غزة ، فيما جددت حركة حماس التأكيد على أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي يشكّل الشرط الحاسم لأي ترتيبات سياسية أو أمنية مقبلة. وبرز هذا الموقف بوضوح في تصريحات خليل الحية، رئيس الحركة في غزة، الذي شدّد على ارتباط سلاح المقاومة بوجود الاحتلال، مشيرا إلى أن الحركة مستعدة لوضع هذا السلاح في يد دولة فلسطينية ذات سيادة حال زوال الاحتلال بشكل كامل. هذا الطرح، يبرز تمسك حركة المقاومة الاسلامية حماس بالثوابت في مواجهة الى الاحتلال الصهيونية .
وتوضح تصريحات الحية أن ملف السلاح لا يزال محل نقاش داخلي بين الفصائل، وفي إطار محادثات أوسع مع الوسطاء الإقليميين والدوليين. ويُقرأ هذا الانفتاح على أنه مساع جادة للتماشي مع الضغوط السياسية المتزايدة التي تطالب بترتيبات أمنية واضحة للمرحلة القادمة . وفي سياق متصل، أبدت الحركة استعدادها للنظر في وجود قوات أممية تعمل كقوات فصل ومراقبة على الحدود وفي نقاط وقف إطلاق النار.

واكدت الحركة أنها متمسكة برؤيتها السياسية القائمة على رفض الإدارة الأجنبية لغزة، وضرورة بقاء القرار الفلسطيني بيد الفلسطينيين، إضافة إلى اعتبار إنهاء الاحتلال مدخلا إلزاميا لأي تسوية أو إعادة بناء للنظام السياسي في القطاع. ويشير مراقبون إلى أن هذا الخطاب يعكس تمسك المقاومة بالثوابت من خلال الإصرار المستمر على ربط مستقبل السلاح والسيادة بزوال الاحتلال.
يشار الى ان تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تعديل محتمل على المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين حماس وإسرائيل، يضفي مزيدا من الغموض بشأن مستقبل تنفيذ الاتفاق الذي يواجه حقل ألغام.
وتعتبر المرحلة الثانية من الاتفاق الأكثر حسما بشأن قضايا حساسة بالنسبة لحماس وإسرائيل على حد سواء، لكن الوصول إلى تطبيقها يصطدم بتعنت صهيوني تحاول من خلاله سلطات الاحتلال تحقيق مكاسب أو تأجيل استحقاقات مرتبطة بالتنفيذ .
مصر تحسم موقفها من مستقبل غزة السياسي
في خضم الجدل المتصاعد حول شكل الحكم في قطاع غزة بعد اتفاق وقف اطلاق النار الهش، أطلقت القاهرة موقفا واضحا صباح أمس الأحد يؤكد رفضها تولّي أي دور إداري في القطاع أو السماح لغيرها بلعب هذا الدور، مشددة على أن السيادة في غزة يجب أن تبقى للفلسطينيين وحدهم.
وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال مشاركته في جلسة بمنتدى الدوحة، بعبارات قاطعة إن مصر لن تحكم غزة ولا تقبل بأن تتولى أي دولة أجنبية إدارة القطاع، مشيرا الى أن السيناريو المقبول الوحيد هو تمكين الفلسطينيين من إدارة شؤونهم ذاتيا.
ويأتي هذا الموقف في ظل ضغوط إقليمية ودولية تبحث عن ترتيبات سياسية جديدة للمرحلة التي تلي الحرب، وسط محاولات لإيجاد صيغة مؤقتة لإدارة القطاع.
وبحسب الخطة المطروحة من جانب واشنطن، يجري العمل على تشكيل حكومة فلسطينية تكنوقراطية تتولى إدارة الشؤون المدنية تحت إشراف "مجلس سلام" تنفيذي تقوده الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترامب، في إطار رؤية أمريكية مزعومة لتثبيت وقف إطلاق النار.

قوات دولية على "الخط الأصفر"
وشدد عبد العاطي أيضا على ضرورة نشر قوة دولية لحفظ السلام على امتداد ما يُعرف بـ"الخط الأصفر"، وهو خط تجريدي يفصل بين مناطق وجود جيش الاختلال الإسرائيلي في غزة وتلك التي انسحب منها وفق بنود وقف إطلاق النار.
فتوجه واشنطن يتقاطع مع تصريحات إعلامية إسرائيلية أشارت إلى أن منتصف جانفي المقبل قد يشهد بدء انتشار "قوة الاستقرار الدولية" التي يجري تحضيرها حاليا.
هذا التحرك الدولي يستند إلى قرار مجلس الأمن الصادر في 18 نوفمبر الماضي، والذي وافق على مشروع أمريكي لإنهاء الحرب، وتشكيل قوة دولية مؤقتة تستمر حتى نهاية 2027.

قطر: وضع غزة لا يمكن أن يستمر

من جانبها وأكد رئيس وزراء قطر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن الوضع الحالي في قطاع غزة لا يمكن أن يستمر، محذرا من أن الانتهاكات الإسرائيلية تهدد بتجدد الصراع بالقطاع.
جاء ذلك خلال مشاركة المسؤول القطري في جلسة باليوم الثاني والأخير في منتدى الدوحة 2025، وفق ما نقلت وكالة الأنباء القطرية.
وقال آل ثاني إنه "لا يمكن للوضع الحالي في القطاع أن يستمر، والانتهاكات تهدد بتجدد الصراع".
يأتي ذلك في ظل تصاعد الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي.
ويوميا تخرق إسرائيل الاتفاق بقصف قتل 367 فلسطينيا وأصاب 953، بحسب وزارة الصحة في غزة.
وفي السياق ذاته، أكد رئيس وزراء قطر أن "سكان غزة لا يريدون مغادرة بلادهم، ولا يمكن لأحد إجبارهم على ذلك"، في إشارة لرفض بلاده مخططات التهجير الإسرائيلية.
وأعلن وزراء خارجية تركيا ومصر وإندونيسيا والأردن وباكستان وقطر والسعودية والإمارات، في بيان مشترك، رفضهم بشكل قاطع أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.
وأكد هؤلاء، على ضرورة الالتزام الكامل بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وما تضمنته من فتح معبر رفح في الاتجاهين، وضمان حرية حركة السكان، وعدم إجبار أيٍ من أبناء القطاع على المغادرة، بل تهيئة الظروف الملائمة لهم للبقاء على أرضهم والمشاركة في بناء وطنهم.
وأضاف المسؤول القطري: "نطالب دائمًا بحل النزاعات بالسبل الدبلوماسية، ومحاولة تحقيق الاستقرار في المنطقة وهذه سياسة دولة قطر".
وأكد أن بلاده تركز على خفض التصعيد في المنطقة وتحقيق السلام، مشددًا عل أنه "لا يمكن أن يتحقق السلام دون انخراط جميع الأطراف".
ولمدة عامين بدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 70 ألف قتيل و170 ألف جريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء.
وعلى مدى يومي السبت والأحد، يشارك في المنتدى الذي يعقد تحت شعار "ترسيخ العدالة.. من الوعود إلى الواقع الملموس"، أكثر من 6 آلاف شخص، و471 متحدثا من نحو 160 دولة.
وعقدت النسخة الأولى من منتدى الدوحة عام 2001، ويعد منصة عالمية للحوار تجمع قادة وصناع السياسات لبحث التحديات الكبرى التي يواجهها العالم، وبناء شبكات مبتكرة قائمة على العمل والحلول.
محاولة لتهجير شعب غزة
من جهته أدان رئيس البرلمان العربي محمد بن أحمد اليماحي بـ "أشد العبارات التصريحات الصادرة عن كيان الاحتلال الإسرائيلي، بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد فقط، بما يمهد لتهجير سكان قطاع غزة قسريا"، مؤكدا أن "هذه التصريحات تمثل خرقا خطيرا للقانون الدولي الإنساني، وانتهاكا صارخا لاتفاق شرم الشيخ، ومحاولة مكشوفة لفرض وقائع جديدة على الأرض تتماشى مع مخطط كيان الاحتلال الهادف لتصفية القضية الفلسطينية.
وقال اليماحي، في بيان نشره البرلمان على موقعه امس الأحد ، إن "أي محاولة لفرض فتح المعبر من اتجاه واحد ليست إجراء إنسانيا، بل سياسة ممنهجة للتهجير الجماعي، وابتزاز للشعب الفلسطيني تحت وطأة القصف والحصار"، محذرا من أن "هذه الخطوات تمثل جريمة حرب وتتنافى مع الاتفاقات الدولية التي تؤكد على وحدة الأراضي الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه".
وأشار اليماحي إلى أن "خروقات كيان الاحتلال لاتفاق شرم الشيخ تتواصل بشكل متصاعد، سواء عبر إعاقة إدخال المساعدات، أو استهداف مناطق يفترض أنها آمنة، أو التوسع في العمليات العسكرية داخل القطاع".
ولفت إلى أن "الإصرار على الالتفاف على الاتفاق يهدف إلى إجهاض أي جهد دولي لضمان وقف إطلاق النار واستقرار الأوضاع الإنسانية" ، مشددا على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار بشكل كامل، ووضع حد لمعاناة المدنيين، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة دون قيود أو عوائق، والشروع في جهود التعافي وإعادة الإعمار، وتهيئة الظروف أمام عودة السلطة الفلسطينية لتسلم مسؤولياتها في قطاع غزة، بما يؤسس لمرحلة جديدة من الأمن والاستقرار في المنطقة".
وأكد رئيس البرلمان العربي أن "غزة يجب أن تهيأ لحياة كريمة لأهلها داخل وطنهم، لا لدفعهم إلى الهجرة أو اقتلاعهم من أرضهم " ، مشيرا إلى أن "الطريق الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار هو احترام الاتفاقيات الدولية، ووقف العدوان على غزة فورا، والالتزام الكامل بتسهيل دخول المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط، وبدء مسار سياسي جاد يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها مدينة القدس".
انتهاكات ضد الصحفيين الفلسطينيين
رصدت نقابة الصحفيين الفلسطينيين، 57 انتهاكًا واعتداءً إسرائيليًّا، بحق الصحفيين خلال نوفمبر الماضي.
جاء ذلك في تقرير لها نشرته ، معتبرة أن "تلك الانتهاكات تعكس استمرار التصعيد الممنهج ضد الطواقم الإعلامية ومنعها من القيام بواجبها المهني".
وقالت النقابة إن المستوطنين لعبوا دورًا محوريًا في تنفيذ اعتداءات جسيمة شهدتها مناطق الضفة الغربية المختلفة.
وتضمنت تلك الانتهاكات إصابتين بالرصاص الحي و22 اعتداء على يد المستوطنين، إضافة إلى المنع من التغطية، والمطاردة، والضرب بالعصي، ورشق الحجارة، وإشهار السلاح بوجه الصحفيين.
وذكر تقرير النقابة، أن الاعتداءات شملت 16 حالة احتجاز أفراد وطواقم صحفية ومنعهم من العمل.
ووثقت النقابة في تقريرها 6 حالات بالضرب المباشر، على أيدي جنود إسرائيليين ومستوطنين خلال التغطيات الإعلامية.
كما أقدم مستوطنون على تحطيم مركبات صحفيين واحتجاز بعضها خلال تغطيات في الخليل (جنوب).
وطالبت نقابة الصحفيين "بتكثيف الضغط الدولي على الاحتلال لوقف الاعتداءات اليومية بحق الإعلاميين، وتوفير حماية دولية للصحفيين في الميدان".
حماس والصليب الأحمر يواصلان البحث
على صعيد آخر تستأنف حركة حماس بالتعاون مع الصليب الأحمر امس الأحد، البحث عن الرقيب ران غويلي المختطف في حي الزيتون بمدينة غزة، في وقت أفادت فيه التقارير الإسرائيلية بوجود خيط محتمل بشأن مكان دفن الرقيب غويلي.

ويُعتبر غويلي، البالغ من العمر 24 عاما، آخر رهينة متبقية في قطاع غزة. وقد خرج غويلي ضمن قوات شرطة الاحتلال صباح 7 أكتوبر ، قبل أن يُقتل في اشتباكات ، ونُقلت جثته إلى قطاع غزة.
ويأتي البحث الجاري في إطار الجهود الدولية والمحلية لتحديد مصير الرهائن وتعزيز جهود إعادة الأسرى، وسط استمرار التوترات في القطاع.
وكانت حركة حماس سلمت وسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، رفات أحد الرهائن المتوفين في غزة إلى الصليب الأحمر الأربعاء، دون تحديد ما إذا كانت هذه الرفات تعود للرقيب غويلي أو للرهين الآخر، المواطن التايلاندي سودثيساك رينثلاك، الذي خُطف مع غويلي خلال طوفان الاقصى يوم 7 أكتوبر عام 2023.
تركيا والقوة الدولية
من جهته قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان لـ"رويترز"، امس السبت، إنه ينبغي تشكيل إدارة مدنية فلسطينية ذات مصداقية وقوة شرطة مدربة من أجل نزع سلاح حماس، مضيفًا أن الحركة مستعدة لتسليم إدارة القطاع.
وفي مقابلة على هامش منتدى الدوحة، قال فيدان إنه دون هذه الخطوات الأولية فإن خطوة نزع سلاح حماس في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار "ليست واقعية وغير قابلة للتنفيذ".
وحذر فيدان من أنه إذا أخفق المجتمع الدولي في تنفيذ المرحلة الثانية من خطة وقف إطلاق النار في غزة فسيكون ذلك "فشلًا كبيرًا" للعالم وأمريكا، لافتًا إلى أن واشنطن تضغط على إسرائيل لمشاركة تركيا في قوة إرساء الاستقرار في غزة.

 

المشاركة في هذا المقال