Print this page

بعد تأكيد هيئة الانتخابات جاهزيتها وفي انتظار القانون الجديد وأمر دعوة الناخبين: الهيئة تعتبرها السنة الأنسب... هل تٌجرى الانتخابات البلدية في 2026 ؟

تعود مسألة الانتخابات البلدية إلى واجهة النقاش العام

مع اقتراب سنة 2026، التي تُعتبر وفق تقدير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات السنة الأنسب لتنظيم هذا الاستحقاق بعد سنوات من الفراغ المؤسساتي على المستوى البلدي. ويتقاطع في هذا السياق خطاب الهيئة، الداعي إلى تسريع إعداد الإطار القانوني الجديد للبلديات، مع ضرورة صدور أمر دعوة الناخبين من رئيس الجمهورية، ما يجعل روزنامة الانتخابات رهينة استكمال هذين المسارين في آجالهما الدستورية والإجرائية.

تعتبر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنّ سنة 2026 هي الأنسب لإجراء الانتخابات البلدية، لكونها لا تتضمن استحقاقات أخرى، ما يتيح للهيئة تركيز جهودها على الجانب البلدي دون تشتت أو ضغط زمني. كما تتيح هذه الفترة فسحة زمنية كافية لاستكمال النقاش التشريعي وضبط روزنامة الانتخابات وتحديد آجال الترشح والحملات الانتخابية، لكن يبقى إنجاز هذا المسار رهين صدور القانون الأساسي وتنزيله على أرض الواقع، إضافة إلى إصدار أمر دعوة الناخبين الذي يشكّل النقطة المفصلية لإطلاق المسار الانتخابي.

بو عسكر: إصدار قانون أساسي جديد للبلديات حاجة ملحة

خلال جلسة مناقشة مهمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لسنة 2026 بمجلس نوّاب الشعب، أكد رئيس الهيئة فاروق بوعسكر أنّ الهيئة أصبحت عمليًا في المرحلة الأخيرة من الاستعداد للعملية الانتخابية، وأنها أنهت جزءا كبيرا من التحضيرات المتعلّقة بالجانبين التقني واللوجستي، إلا أنّ هذا التقدّم لا يخفي، حسب رئيس الهيئة، الحاجة الملحّة إلى إصدار قانون أساسي جديد للبلديات، لافتًا إلى أنّ مجلة الجماعات المحلية المعتمدة حاليًا لم تعد متلائمة مع البناء السياسي الجديد، ولم تعد منسجمة مع الهيكلة الإدارية التي أفرزتها التعديلات الأخيرة. وأوضح بوعسكر أنّ القانون المرتقب سيُعيد رسم خريطة الصلاحيات داخل المنظومة المحلية، عبر ضبط العلاقة بين المجالس البلدية المكلفة بالمهام الخدماتية والمجالس المحلية التي سيناط بها الدور التنموي، بما يضمن التكامل ويجنب تضارب الصلاحيات الذي طبع التجربة السابقة. كما أشار إلى أنّ التقسيم الترابي للبلديات يمكن أن يخضع للمراجعة بعد تقييم شامل للأداء والموارد البشرية والمالية ونجاعة الخدمات، لافتًا إلى أن الهيئة قادرة، من الناحية التقنية والتنظيمية، على إجراء انتخابات في ظرف لا يتجاوز ثلاثة أشهر متى استكملت الشروط القانونية.

شرط استكمال المنظومة التشريعية الجديدة

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد قد استقبل يوم 14 نوفمبر الجاري بقصر قرطاج رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، الذي قدّم التقرير السنوي لنشاط الهيئة إضافة إلى تقريرها المالي لسنة 2024. وقد خُصّص جانب من اللقاء لمناقشة مسألة الإعداد للانتخابات البلدية، حيث تمّ التأكيد على أن تنظيم هذا الاستحقاق رهين استكمال المنظومة التشريعية الجديدة، وعلى رأسها القانون المؤطر للمجالس البلدية.

جاهزية الهيئة من حيث الإمكانيات البشرية واللوجستية

من جهته، جدد الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، محمد التليلي المنصري، التأكيد على جاهزية الهيئة من حيث الإمكانيات البشرية واللوجستية، مضيفا أنّ الهيئة «مستعدة في كل وقت لإطلاق المسار الانتخابي بمجرد توفر الإطار القانوني الضروري». و أوضح المنصري في تصريح لديوان أف أم أنّ القانون الأساسي الجديد للبلديات ضرورة لا خيارا، نظرا إلى عدم تطابق مجلة الجماعات المحلية مع النظام القانوني والسياسي الجديد. واعتبر أن تجربة 2018 وإن مكنت من انتخاب أول مجالس بلدية منتخبة بعد الثورة، إلا أنها كشفت عن نقائص هيكلية عديدة، خاصة على مستوى تضارب الصلاحيات، وفوضى الهياكل المحلية، وصعوبة تطبيق بعض فصول المجلة على أرض الواقع.

مبادرة من رئاسة الجمهورية أو من عشرة نواب

وأشار المنصري إلى أن مشروع القانون الجديد يمكن أن يُقدّم من رئاسة الجمهورية أو من عشرة نواب، موضحا أنّ إجراءات مناقشته والمصادقة عليه قد لا تتجاوز شهرين. كما شدد على أنّ الهيئة قادرة على إصدار روزنامة الانتخابات في آجال قصيرة فور صدور أمر دعوة الناخبين، مشيرا الى ان هذه الانتخابات يمكن ان تجرى حتى في صورة عدم المصادقة على قانون أساسي لها الا ان الهيئة تحرص على مبدأ النجاعة وتحديد الصلاحيات والمفاهيم المتعلقة بالجانب البلدي.

مع اقتراب سنة 2026، تطرح العديد من الأسئلة حول موعد الانتخابات البلدية المقبلة، وحول قدرة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي ما فتئت تشدد في عدة مناسبات وتصريحات إعلامية على جاهزيتها الفنية واللوجستية، مقابل التأكيد في الوقت نفسه على ضرورة استكمال الإطار القانوني المنظّم للبلديات قبل المرور إلى تحديد الرزنامة وإصدار أمر دعوة الناخبين

لذلك، فالقانون الأساسي الجديد للبلديات بات شرطا لا يمكن تجاوزه قبل تنظيم الانتخابات، وحسب تأكيدات هيئة الانتخابات فإن هذا القانون سيلغي المجلة الحالية ويُعيد تحديد الصلاحيات ويحدد طبيعة العلاقة بين المجالس البلدية والمجالس المحلية

المشاركة في هذا المقال