Print this page

خطة ترامب ...خطوة نحو نهاية الحرب أم إعادة احتلال غزة ؟

استعرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أبرز

بنود خطته لوقف الحرب على قطاع غزة المستمرة منذ نحو عامين، ومنها إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين ونزع سلاح حركة "حماس". جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك عقده ترامب مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالعاصمة واشنطن. وتباينت ردود الأفعال بشأن هذه الخطة بين مؤيد ورافض، وفي بيان مشترك، رحب وزراء خارجية 8 دول عربية وإسلامية بخطة ترامب، وهي تركيا والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان والسعودية وقطر ومصر.

كما رحبت دول مجلس التعاون الخليجي بالخطة واعتبرت في بيان ان الخطة يمكن أن تسهم في التمهيد لمسار حقيقي عادل يضمن الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من جوان 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".

وأكد بيان الدول على أن "وقف إطلاق النار ورفع القيود بشكل مباشر وسريع عن إيصال المساعدات، ومنع تهجير السكان (الفلسطينيين) من القطاع وحمايتهم، يشكل أولويات ينبغي أن تكون في صلب أي تحرك دولي مسؤول".

وأشار إلى أن "نجاح أي مبادرة مرهون بجدية التنفيذ وضمان حماية المدنيين وتوفير الظروف الملائمة للاستقرار.

وأعرب عن استعداد مجلس التعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين "لدعم كل جهد يسهم في إنهاء الأزمة في قطاع غزة، وبلورة حل يحفظ جميع حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، من منطلق حل الدولتين، ويحقق الأمن والاستقرار في المنطقة".وتتكون خطة ترامب من 20 مادة لوقف الحرب، ومنها إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين ونزع سلاح حركة "حماس".

مواقف عربية

وفي تحرك دبلوماسي لافت، أصدرت ثماني دول عربية وإسلامية (هي: تركيا، الأردن، الإمارات، إندونيسيا، باكستان، السعودية، قطر، ومصر) بياناً مشتركاً رحبت فيه بالخطة، معتبرة أنها تشكل "خطوة أولية على طريق الحل"، لكنها أكدت على ضرورة أن تستند أي مبادرة إلى المرجعيات الدولية وحل الدولتين.

كما جاء بيان مجلس التعاون الخليجي ليؤكد أن الخطة يمكن أن تشكل "أرضية لمسار عادل يضمن الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني"، وشدد على أولوية وقف إطلاق النار، حماية المدنيين، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية دون تأخير.

هذا الترحيب، رغم أهميته الدبلوماسية، إلا أنه حمل بين سطوره تحفظا واضحا، يشير إلى أن الدعم العربي للخطة مرهون بالتنفيذ الجاد وضمان الحقوق الفلسطينية، وفي مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من جوان 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

ورأى مراقبون أن التمهيد لمرحلة ما بعد الحرب في غزة لا يمكن أن يتم دون معالجة جذرية لقضايا الحصار، وإعادة الإعمار، وضمان حقوق اللاجئين، وهي عناصر غائبة عن خطة ترامب، ما يجعلها في نظر الكثيرين خطة أمنية أكثر منها سياسية.ووفق متابعين يبدو أنّ ترامب يسعى من خلال هذه المبادرة إلى استعادة حضوره السياسي والدولي، من خلال تقديم نفسه كـ"صانع صفقات" قادر على إنهاء أعقد النزاعات في الشرق الأوسط.

غير أنّ مواقف الدول الإسلامية والعربية، وإن أبدت انفتاحاً على الخطةولم تمنحها تفويض مطلقاً، وهو ما يعكس إدراكا إقليميا بحساسية الوضع في غزة، ولخطورة تجاوز الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية.

جوهر الخطة

في تحوّل سياسي مثير ومفاجئ، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من البيت الأبيض، عن اقتراب التوصل إلى "اتفاق شامل لإنهاء الحرب في غزة"، بمشاركة وتوافق بين الولايات المتحدة، إسرائيل، وعدد من الدول العربية والإسلامية. وأعلن ترامب الذي التقى رئيس وزراء الإحتلال بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض أمس الأول ، أن خطته الجديدة المؤلفة من 21 بندا، حازت "موافقة الجميع"، ولم يتبقّ سوى الحصول على الرد من حماس، بحسب تعبيره.

ووفق مراقبين يختبئ خلف هذا الخطاب المنمق واللغة الدبلوماسية الناعمة، مشروع بالغ الخطورة، يحمل في طياته مؤشرات على إعادة احتلال غزة بطريقة جديدة، وتصفية فكرية وسياسية لحركات المقاومة، وتمهيد لتحولات إقليمية غير مسبوقة. فهل نحن أمام خطة سلام أم مقدمة لتفكيك فلسطين؟ .

وتقوم الخطة الأمريكية، كما كشفت تفاصيلها، على وقف إطلاق النار مقابل تسليم جميع الأسرى خلال 72 ساعة. في المقابل، تلتزم "إسرائيل" بانسحاب "تدريجي وطويل الأمد" من غزة، ولكن بشروط صارمة، يرى محللون أن أبرزها القضاء التام على حركة حماس والجهاد الإسلامي وجميع فصائل المقاومة، عسكريا وسياسيا وأمنيّا ووجوديا وفكريا وعقائديا، وفق ما ورد في بنود الخطة.

وبينما يُطرح وقف إطلاق النار كمدخل إنساني مزعوم، إلا أن المضمون الحقيقي يشي بشيء أبعد بكثير وهو إنهاء المقاومة بكل أشكالها، وتجريد غزة من أي بنية دفاعية، وفتح الباب أمام مشروع إدارة دولية للقطاع تحت الوصاية الأمريكية المباشرة، فيما وصفه مراقبون بـ"الانتداب الجديد".

''مجلس السلام''

ومن أبرز ملامح المشروع الأمريكي ما يُسمى بـ"مجلس السلام"، وهو هيئة دولية من المزمع تشكيلها لإدارة شؤون غزة في مرحلة ما بعد الحرب، برئاسة الولايات المتحدة، وتعاون بريطاني يمثله توني بلير، مع تمثيل عربي سيكون وفق خبراء تمثيلا صوريا.

لكن الأخطر، أن القيادة الأمنية ستكون بيد "إسرائيل" بشكل كامل، مع إمكانية نشر عناصر من قوات أمن عربية – وفق ما تم تداوله – لملاحقة حماس و"رافضي الخطة"، أي كل من يتمسك بخيار المقاومة ورفض الوصاية الخارجية.وهكذا، تكون غزة قد تحولت من ساحة صراع بين شعب تحت الاحتلال وجيش محتل، إلى ساحة تديرها واشنطن وتسيطر عليها تل أبيب، بتبرير دولي.

ووفق مراقبين من الواضح أن خطة الـ21 بندا لا تستهدف حماس كحركة سياسية فحسب، بل تستهدف كامل البنية الفكرية والثقافية والسياسية للمقاومة الفلسطينية. فالنصوص تتحدث عن القضاء على كل ما يمثل مشروع المقاومة، واستبداله بإدارة ناعمة تابعة للولايات المتحدة.

وفي مؤتمره مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لم يُخف ترامب حماسته للخطة، واصفا إياها بأنها "سابقة تاريخية"، ومؤكدا أنه سيكون "رئيس الهيئة الدولية التي ستشرف على إدارة غزة".

وفي تصريحات أخرى لوسائل الإعلام، قال ترامب إنه "واثق جدا" من التوصل لاتفاق سلام، مشيرا إلى أن الجميع وافق، ولم يتبقّ إلا موافقة حماس. وعبّر عن أمله أن توافق حماس دون شروط، محذرا أن من يرفض سيكون معزولا.

من جانبه قال مصدر فلسطيني وفق ''سكاي نيوز عربية"،امسالثلاثاء، إن حماس أبدت تحفظا شديدا على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة.وذكر المصدر: "حركة حماس تدرس خطة ترامب لإنهاء الحرب ولكنها أبدت تحفظا شديدا عليها.. بعض قادة حماس اعتبروها بمثابة إعلان هزيمة وتصفية للقضية الفلسطينية".

وأضاف: "حماس طلبت من الوسيط القطري جملة من الإيضاحات بشأن ضمان عدم استئناف الحرب بعد تسلم نتنياهو الرهائن الإسرائيليين والجداول الزمنية لانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة ونطاقات الانسحاب وضمان عدم التعرض مستقبلا لقادة الحركة في الخارج".وأكد المصدر الفلسطيني: "قطر تمارس على الحركة ضغطا لقبول الخطة وطالبت قادتها بأن أي ملاحظات على الخطة سيتم مناقشتها مع الإدارة الأمريكية وتعهدت بنقل هواجسهم للأمريكيين".

في نفس السياق يرى متابعون أن من المؤشرات الخطيرة التي ظهرت بالتزامن مع إعلان الخطة،هو ما تردد عن نية واشنطن وتل أبيب تطبيق النموذج ذاته في جنوب لبنان لاحقا. ففرضية نجاح هذه الخطة في غزة، ستشكل سابقة لدى ترامب وحليفته تل أبيب ، يمكن البناء عليها لضرب حزب الله وتصفية مقاومة لبنان تحت مزاعم "السلام الإقليمي الشامل".

اجتماع للوسطاء وفد حماس

في الاثناء أعلن المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، الثلاثاء، عن اجتماع للوسطاء سيعقد مع الوفد التفاوضي لحماس في الدوحة لبحث خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشأن إنهاء الحرب على غزة.

وقال الأنصاري في مؤتمر صحفي بالدوحة، إن مصر وقطر سلمت خطة ترامب بشأن غزة للوفد التفاوضي الفلسطيني في اجتماع تم في وقت متأخر جدا مساء الاثنين (بالدوحة) وستجرى اجتماعات ثانية مع الوفد بحضور تركي،في وقت لاحق الثلاثاء، بهدف التشاور بشأن هذه الخطة.

وأوضح أن رئيس المخابرات المصرية حسن رشاد يترأس الوفد المصري وحضر اجتماع تسليم خطة ترامب لوفد حماس التفاوضي (بالدوحة)، الاثنين، وسيكون موجودا ضمن اجتماع مساء الثلاثاء مع الوفد التفاوضي للحركة الفلسطينية.ولفت إلى أن وفد حماس التفاوضي وعد بدراسة خطة ترامب بمسؤولية، وأنه ما زال الوقت مبكرا للرد خاصة أنه تم تسليمها متأخرا جدا مساء الاثنين.وأشار إلى أن "الخطوة الأولى بشأن خطة إنهاء حرب غزة هي التوافق بين جميع الأطراف وبعد الاجتماعات مع وفد حماس ستكون الرؤية أوضح".

وردا على سؤال بشأن انضمام تركيا لوساطة إنهاء حرب غزة، قال الأنصاري: "الاجتماع الذي عقد في نيويورك بين قادة دول عربية وإسلامية مع الرئيس ترامب وسّع من دائرة المشاركة في هذه المبادرة لتشمل جميع الدول المشاركة، لذلك نرى اليوم هذا الحضور المصري القطري التركي في اجتماع الدوحة".ولفت إلى أن "كل من وافق على المبادرة يعتبر جهة في إطار مبادرة ترامب وتعمل بشكل جماعي والتنسيق جار بينها وسنرى وفودها في الدوحة".

وبشأن خطة ترامب، أضاف: "نقدر عاليا الالتزام الأمريكي بإنهاء الحرب وهذه الخطة تنظر نظرة شاملة لإنهاء الحرب، وهذا يتماشى مع موقف الدوحة الداعي دائما لإنهاء حالة التجويع والدمار".أما عن المخاوف من بعض بنود خطة ترامب، قال متحدث الخارجية القطرية: "ليس هناك خطة مثالية ويمكن أن تكون هناك تحديات، لكن لن نستبق التعليق على أي مواقف مستقبلية".

تراجع في الدعم الشعبي الأمريكي لـ"إسرائيل"

أظهر استطلاع للرأي في الولايات المتحدة أن دعم الشعب الأمريكي لإسرائيل انخفض بشكل كبير، فيما عارضت غالبية المشاركين إرسال مساعدات اقتصادية وعسكرية إضافية إلى تل أبيب.

الاستطلاع أجرته صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع جامعة سيينا خلال الفترة بين 22 و27 سبتمبر 2025 وشمل 1313 ناخبًا مسجلاً على مستوى البلاد، وتناول مواقف الأمريكيين تجاه إسرائيل.وبحسب النتائج، فإن 51 بالمائة من المشاركين أعربوا عن رفضهم لإرسال مساعدات اقتصادية أو عسكرية إضافية لإسرائيل.وسجّل الدعم للفلسطينيين 35 بالمائة مقابل 34 في المائة لإسرائيل، بعدما كانت النسب في عام 2023 عند 20 بالمائة و47 في المائة على التوالي.

كما أظهر الاستطلاع أن 68 بالمائة من المشاركين الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا يعارضون أي مساعدات إضافية لإسرائيل.إلى جانب ذلك، رأى 58 في المائة من المستطلعة آراؤهم أن على إسرائيل وقف عملياتها العسكرية حتى لو لم يُطلق سراح جميع الأسرى، وذلك من أجل منع سقوط المزيد من الضحايا المدنيين، فيما اعتبر 40 بالمائة أن إسرائيل تتعمد قتل المدنيين في غزة.

وبهذا، تضاعفت تقريبًا نسبة الذين يعتقدون أن إسرائيل تقتل المدنيين عمدًا، إذ ارتفعت من 22 بالمائة عام 2023 إلى 40 بالمائة في 2025.

 

المشاركة في هذا المقال