أبحر أمس من ميناء سيدي بوسعيد أسطول الصمود البحري محملا بالمساعدات نحو غزة بعد تأخير بساعات عن الموعد المقرر لإجراءات تنظيمية، على الساعة الرابعة، ورغم كل التعطيلات والعراقيل والحوادث التي وقعت خلال الليلتين المنقضيتين، أسطول يجمع مختلف البلدان والجنسيات والأديان انطلق أمس وسط توديع عدد كبير من التونسيين والذين رددوا العديد من الشعارات المنددة بحرب الإبادة الجماعية والمساندة للشعب الفلسطيني على غرار " مهما يسير مهما يسير سنواصل حرب التحرير" و"غزة غزة رمز العزة" و"فلسطين حرة حرة والصهيوني على برة" و"بالروح بالدم نفديك فلسطين" و" الشعب يريد تحرير فلسطين" و" تجريم التطبيع واجب" وغيرها من الشعارات، الأسطول شارك فيه 72 تونسيا دون احتساب الصحفيين والأطباء والبرلمانيين.
وفق عضو تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين، وائل نوّار فإن الأسطول قد اختار الردّ على الحوادث التي تعرض لها خلال الليلتين المنقضيتين عبر الإبحار رغم الظروف المناخية، مشددا على أن كل السيناريوهات مفتوحة وواردة في إشارة إلى إمكانية تعرضهم إلى الاستهداف مرة أخرى ولكنهم مستعدون وقد تمّ التشاور بين كافة المشاركين والحديث عن كل ما يمكن أن يقع للأسطول خلال مسار إبحاره نحو غزة، وأشار إلى أنه تمّ الاتفاق على الإبحار مهما كانت الظروف وإنذارات التحذير من الطقس، وقد تحدث وائل نوار عن إمكانية اللجوء إلى إحدى الموانئ أو البقاء في المياه الإقليمية.
إمكانية اللجوء إلى أحد الموانئ التونسية بسبب الطقس
بلغ العدد الجملي للمشاركين من مختلف الجنسيات في أسطول الصمود حوالي 400 مشارك وضمّ أكثر من 40 سفينة، ووفق تصريح نوار فإن الأسطول سينطلق في مسار امن وقد يتم اللجوء إلى أحد الموانئ التونسية بالنظر إلى ظروف الطقس، مشيرا إلى أن الأسطول سيعلن عن تفاصيل تحركاته بعد الانطلاق، قائلا "مستعدون لكل السيناريوهات والسيناريو الأسوأ هو الاستهداف في المياه الدولية..كلنا مستعدون..نبحر ونحن على علم بكل هذه الصعوبات ولكنها لا تساوي شيء أماما ما يعيشه أبناءنا في غزة..". وكان منظمو "أسطول الصمود قد أعلنوا أنّ قاربا ثانيا من هذا الأسطول قد تعرّض ليل الثلاثاء-الأربعاء، في حادثة مماثلة لما حدث للسفينة "فاميلي"، وقد أكدت هيئة الأسطول، عبر صفحتها الرسمية على الفيسبوك أن السفينة التي تحمل اسم "ألما" قد تعرضت إلى اعتداء يشتبه بأنه اعتداء صهيوني. وأشارت إلى السفينة تحمل العلم البريطاني، وهي ثاني أكبر سفن الأسطول وكان على متنها 9 صامدين، مؤكدة أن الجميع بحالة جيدة وأنه ليس هناك إصابات، في انتظار الإعلان عن تفاصيل الحادثة من المؤسسات الرسمية.
نفي أي عمل عداي أو استهداف خارجي
وكانت هيئة تسيير الأسطول قد أعلنت في وقت سابق عن استهداف طائرة مسيرة لإحدى السفن ما أدى إلى حريق في جزء منها في المقابل نفت الإدارة العامة للحرس الوطني الخبر في بلاغ لها، وأوضحت أنه خلافاً لما يتم تداوله على بعض صفحات التواصل الاجتماعي بخصوص وجود "مسيرة" استهدفت إحدى البواخر الراسية بميناء سيدي بوسعيد والقادمة من إسبانيا والتابعة لأسطول "الصمود"، فإن هذه الأخبار لا أساس لها من الصحة. و بحسب المعاينات الأولية، فإن سبب الحريق يعود إلى اندلاع النيران في إحدى سترات النجاة على متن الباخرة المذكورة، نتيجة اشتعال قداحة أو عقب سيجارة ولا وجود لأي عمل عدائي أو استهداف خارجي، وفق الإدارة العامة للحرس الوطني التي شددت على حرصها على مدّ المواطنين بالمعلومة الصحيحة ودعت إلى استقاء الأخبار من المصادر الرسمية وتجنب الانسياق وراء الإشاعات. بدورها أكدت وزارة الداخلية في بلاغ، إن ما تم تداوله حول سقوط مسيرة على إحدى السفن الراسية بميناء سيدي بوسعيد لا أساس له من الصحة. وأضافت الوزارة، أن الوحدات الأمنية المختصة قد تولت معاينة آثار نشوب حريق في إحدى سترات النجاة سرعان ما تمت السيطرة عليه، ولم يخلف لا أضرار بشرية ولا أضرار مادية باستثناء احتراق عدد من السترات.
رسالة اتحاد الشغل إلى المشاركين في الأسطول
وكان الاتحاد العام التونسي للشغل قد وجه أمس رسالة إلى المشاركين في أسطول الصمود، الذي غادر أمس من تونس لفك الحصار عن غزة، عبر فيها عن أسمى آيات التقدير والعرفان على شجاعتهم الفائقة وإقدامهم التاريخي في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ أمتنا. وقال الاتحاد في رسالته "إن مهمتكم النبيلة ليست سهلة، والمخاطر التي تحدق بكم كثيرة، والتهديدات لا تتوقف وكذلك حملات التشكيك والتشويه مستمرة ونعرف أنها لن تقل من عزيمتكم فإيمانكم بالحق وبعدالة الحق الفلسطيني كان أقوى من كل التحديات". مردفا "لقد أتيتم من خلال تضحياتكم الجسيمة، قبل مشاعركم الإنسانية العالية وما تحملونه من قيم ومبادئ كونية سامية تجاوزت الجنسيات والأديان والتوجهات، وتؤكد على حق الشعوب في الحياة الكريمة والتحرر من كل أشكال الظلم والاحتلال".
صفحة جديدة
واعتبر الاتحاد في رسالته إن الموقف السياسي الواضح للمشاركين في الأسطول في رفض الاحتلال الصهيوني الغاشم، وإيمانهم الراسخ بالحق الفلسطيني غير قابل للتصرف، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، هو تجسيد حي لأسمى معاني التضامن الإنساني والالتزام بالمبادئ العادلة. وأكد الاتحاد العام التونسي للشغل، وقوفه الدائم إلى جانب المشاركين في الأسطول وإلى جانب الشعب الفلسطيني الأبي في نضاله المشروع من أجل الحرية والكرامة. وأردف "إنكم اليوم تكتبون صفحة جديدة من صفحات المجد والعزة، وتزرعون الأصل في قلوب الملايين حول العالم، بأن إرادة الشعوب الحرة لا تقهر".وختم الاتحاد رسالته بتمني السلامة لكل المشاركين من كل أذى.
رسالة رابطة حقوق الإنسان إلى الأسطول
بدورها وجهت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أمس رسالة دعم وتضامن إلى أسطول الصمود المغاربي وجميع مؤيدي الصمود العالمي، الذين انطلقوا في مسيرتهم نحو غزة بهدف كسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني. وأكدت الرابطة في رسالتها أن "هذه المبادرة النضالية تجسّد التزامًا عميقًا بالمبادئ الإنسانية وتعبيرًا عمليًا عن الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني"، معتبرة أن مشاركة نشطاء من مختلف الدول تعكس أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم في معركتهم ضد الاحتلال. وأضافت أنّ "إصرار المشاركين على المضي في رحلتهم لكسر الحصار هو عمل شجاع يعبر عن صوت الحق ويمثل رمزًا للأمل والكرامة، ورسالة إلى كل الشعوب المظلومة بأن التضامن قادر على تجاوز كل العقبات". وختمت الرابطة بيانها بالتأكيد على أنّ "دعم قضية فلسطين هو جزء لا يتجزأ من مقاومة كل أشكال الاستبداد والهيمنة، داعية إلى أن تكون هذه المسيرة نحو غزة انطلاقة جديدة لتعزيز قيم الحرية والعدالة في العالم".