"هند رجب" تتوسل إلى الهلال الأحمر لإنقاذها من موت محتم وقصف الكيان الصهيوني يستهدف سيارة عائلتها، وهي الناجية الوحيدة من بينهم. لم يتأخر الهلال الأحمر في محاولة نجدة الطفلة ذات الست سنوات لكن القصف استهدف سيارة الإسعاف قبل الوصول، كما أصاب الطفلة هند لتنزف لساعات ثم تفارق الحياة. هذا الصوت المذعور والخائف للطفلة هند رجب استقر في أذن الإنسانية وأذن المخرجة التونسية كوثر بن هنية لتحوّله إلى فيلم بعنوان "صوت هند رجب".
تم اختيار آخر أفلام المخرجة كوثر بن هنية "صوت هند رجب"للمنافسة ضمن المسابقة الرسمية للدورة 80 لمهرجان البندقية السينمائي الدولي، التي ينطلق غدا 27 أوت ويتواصل إلى يوم 6 سبتمبر 2025.
عن قصة استشهاد الطفلة الفلسطينية "هند رجب"
في الوقت الذي تتراكم فيه الأرقام والصور والمآسي في غزة عبر نشرات إخبارية، يأتي "صوت هند رجب" ليفضح بشاعة الاحتلال عبر شاشة السينما . ليست قصة الفيلم من وحي الخيال. فهند رجب، الطفلة الفلسطينية ذات الست سنوات، وجدت نفسها وحيدة وسط جثث أهلها داخل سيارة في حي تل الهوى بغزة، بعدما أُبيد كل شيء حولها. وحده صوتها بقي شاهدا حيّا. هي مكالمة دامت لأكثر من ثلاث ساعات مع طواقم الهلال الأحمر، كانت هند خلالها تتوسل وتنتظر، حتى خفت الصوت نهائيا. وكانت تلك المكالمة هي العمود الفقري لفيلم "صوت هند رجب" للمخرجة كوثر بن هنية.
تملك كوثر بن هنية حساسية نادرة في تحويل القضايا إلى مواقف والتقاط المشترك الإنساني من القصص الواقعية، وفي "صوت هند رجب" تعتمد المخرجة التونسية على التسجيل الصوتي الحقيقي للمكالمة لتخلق عالما سينمائيا توثيقيا تخييليا انطلاق من صوت طفلة تستنجد بالإسعاف وتتمسك بالحياة بكل براءة الطفولة مقابل وحشية الحرب في غزة.
صوت غزّة يطرق في آذان العالم
لم تتوان كوثر بن هنية في أفلامها السابقة والناجحة عالميا عن تسليط الضوء على قضايا النساء وحقوق الإنسان وضحايا الحروب على غرار "على كف عفريت" و"بنات ألف" و"الرجل الذي باع ظهره" ... في تأكيد والتزام منها بأن السينما هي الصوت لمن لا صوت لهم، وهي أداة مقاومة، وشكل من أشكال العدالة الرمزية.
وقد تم تصوير فيلم " صوت هند رجب" في تونس وقد تحصّل على دعم من صندوق التشجيع على الإنتاج الأدبي والفني، وهو من إنتاج التونسي نديم شيخ روحه (أحد منتجي "فيلم بنات ألفة")، إلى جانب الممثلة والمنتجة الكندية أوديسا راي (أحد منتجي فيلم "نافالني" الحائز على أوسكار) والممثل والمنتج البريطاني جيمس ويلسون (فيلم "منطقة اهتمام" الحائز على أوسكار).
أريج السحيري في لجنة تحكيم "أسد المستقبل"
في عرض عالمي أول سيُعرض "صوت هند رجب" لأول مرة في مهرجان فينيسيا في منافسة مع كبار الأسماء العالمية. ويأتي تميّز فيلم كوثر بن هنية ليس لأنّ صاحبته مخرجة موهوبة، أو لأنّ المشاركين في إنتاجه أسماء مشهورة بل من صدقه المؤلم ومن وفائه لطفلة سُرقت منها الحياة لكنها تركت صوتها حيا يذّكر البشرية بمأساة غزة.
ويتنافس 21 فيلما على جائزة الأسد الذهبي، وهي الجائزة الكبرى للمهرجان، والتي فاز بها العام الماضي فيلم The Room Next Door للمخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار.
ومن المقرر أن يكون افتتاح المهرجان بفيلم LA GRAZIA للمخرج باولو سورينتسنو وبطولة توني سيرفيلو، لأول مرة يوم الأربعاء 27 أوت في القاعة الكبرى بقصر السينما.
إلى جانب التونسية كوثر بن هنية التي تسجل حضورها بقوة في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا، تم اختيار أريج السحيري، المخرجة والمنتجة التونسية وصاحبة فيلم "تحت الشجرة" "" لعضوية لجنة تحكيم جائزة " أسد المستقبل" لأفضل عمل أول بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي إلى جانب المخرج الإيطالي سيلفيو سولديني، وتترأس اللجنة المخرجة شارلوت ويلز.