Print this page

المشاريع الصهيونية لغزة والضفة من التهويد إلى التطهير العرقي وصولا إلى التغيير الديمغرافي

يبدو ان ما تشهده غزة من حرب تجويع وتهجير ممنهج وكذلك الضفة

من فصل شمالها عن جنوبها ليس سوى المرحلة الأولى من مشروع أكبر يشمل إعادة تغيير خريطة دولة الاحتلال وتوسيعها . فقد أقرت إسرائيل امس الأربعاء مشروعا استيطانيا شرق القدس من شأنه فصل شمال الضفة الغربية المحتلة عن جنوبها رغم تحذير المجتمع الدولي من أنه سيقوض فرص إقامة الدولة الفلسطينية . ما يحصل اليوم في فلسطين المحتلة يؤكد حقيقة الطموحات الصهيونية التي لا تعرف طموحا وحتى قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح لا يرقى لتطلعات مجرم الحرب نتنياهو الذي يود ان يمسح فلسطين بذاكرتها وتراثها وشعبها مثلما فعل قبله مجرمو المحارق الصهيونية منذ النكبة .

أدانت السلطة الفلسطينية القرار، وقالت إنه سيعمل على تقطيع أوصال الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية ويحولها إلى سجون منفصلة وأنه يستدعي سرعة الاعتراف بفلسطين كدولة. وحذر الأمين العام للأمم المتحدة من أن بناء مستوطنات إسرائيلية في المنطقة سيقضي على فرص حل الدولتين الرامي إلى إنهاء النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي.
فصل الضفة
ورغم كل التحذيرات تتالت خطوات حكومة الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة بين الضفة الغربية وقطاع غزة لتكشف أن ما يجري ليس مجرد "ردود فعل أمنية" كما يزعم الكيان، بل مشروع استعماري متكامل يستهدف تصفية الوجود الفلسطيني على الأرض. فمن مصادقة الحكومة على مخطط الاستيطان "إي1" قرب القدس، إلى خطة احتلال غزة تحت مسمى "مركبات جدعون 2"، يتضح أن الإحتلال يتحرك وفق رؤية واحدة وهي قطع التواصل بين الضفة وتهويدها من جهة، وتهجير غزة واحتلالها من جهة أخرى.
ووفق مراقبين فإن مخطط "إي1" لم يكن وليد اللحظة، فمنذ أكثر من عقدين تحاول حكومات الاحتلال الإسرائيلية تمريره، لكن الضغوط الدولية كانت تُعرقل التنفيذ. اليوم، ومع تغير موازين القوى الإقليمية والدولية، وجدت ''إسرائيل'' اللحظة المناسبة لفرضه في وقت تستمر فيه حرب الإبادة التي تشنها في القطاع المحتل منذ مايقارب العامين دون أي رد فعل دولي.
ووفق خبراء يعني هذا المشروع فعليا فصل شمال الضفة المحتلة عن جنوبها، وعزل القدس الشرقية عن امتدادها الطبيعي الفلسطيني. ومع بناء أكثر من 3400 وحدة استيطانية جديدة، ستتحول الضفة إلى مناطق معزولة، ما يحول حلم الدولة الفلسطينية إلى كيان مشوّه بلا سيادة أو استمرارية جغرافية.وهي خطوة بمثابة تهويد تدريجي يستند إلى منطق فرض الأمر الواقع.
"مركبات جدعون 2": التهجير القسري لغزة
في المقابل، تأتي خطة "مركبات جدعون 2" كوجه آخر للمشروع ذاته.فالاحتلال لا يكتفي بمحاصرة غزة عسكريا، بل يسعى اليوم إلى إعادة صياغتها ديمغرافيا عبر تهجير نحو مليون فلسطيني نحو الجنوب، تحت ذريعة ومزاعم "المناطق الإنسانية".
ويرى مراقبون أن هذه التسمية المضللة ليست سوى غطاء لفظي لعملية تطهير عرقي منظم، يعيد إنتاج تجربة النكبة بأدوات جديدة. فإسرائيل تدرك أن غزة بصمودها ومقاومتها تشكل حجر عثرة أمام أي مشروع استيطاني شامل، ولذلك تسعى إلى إفراغها جزئيا وإضعاف بنيتها السكانية والاجتماعية.
ووفق تقارير فإن ما يربط بين "إي1" و"جدعون 2" هو أنهما جزء من إستراتيجية إسرائيلية موحدة ، ففي الضفة هي محاولة لفرض واقع استيطاني لا رجعة عنه يقضي على أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة. وفي غزة هي تقويض القوة الديمغرافية الفلسطينية عبر التهجير، تمهيدا لفرض سيطرة عسكرية طويلة المدى.
ووفق قراءات مشتركة ما يجري ليس مسارين منفصلين، بل مشروع استعماري استراتيجي يتحرك على محورين متوازيين وهو التهويد في الضفة والتطهير العرقي في غزة. وهذا المشروع، وإن حاول الإحتلال تسويقه كخطوات "أمنية" مزعومة أو "مؤقتة"، فإنه يعكس العقلية الاستعمارية ذاتها التي أسست لكيان الاحتلال قبل أكثر من سبعة عقود.
استدعاء 60 ألف عسكري
ميدانيا بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي، إرسال أوامر استدعاء إلى 60 ألف عسكري من قوات الاحتياط، عقب مصادقة وزير الحرب يسرائيل كاتس على خطة احتلال مدينة غزة، رغم جهود الوسطاء لوقف إطلاق النار.
وأوضحت هيئة البث العبرية ، أن الجيش قرر استدعاء 60 ألفا من قوات الاحتياط، وبدأ بالفعل إرسال أوامر التجنيد المعروفة باسم "الأمر 8"، تمهيداً للشروع في تنفيذ الخطة.وفي بيان رسمي، قال الإحتلال الإسرائيلي: "في إطار الاستعداد للمرحلة التالية من العملية، تم صباح اليوم إصدار نحو 60 ألف أمر استدعاء لجنود الاحتياط، إضافة إلى تمديد أوامر خدمة 20 ألفا من الجنود الذين جندوا مسبقا".
وأضاف البيان أن القرار بشأن الاحتياط اتخذ "بعد نقاشات معمقة حول حجم القوات المطلوبة لمواصلة القتال(بغزة)، وصودق عليه من قبل وزير الدفاع بعد أن عُرضت أمامه كافة الأبعاد".وبحسب قناة "آي 24" العبرية، صادق كاتس على عملية عسكرية أطلق عليها اسم "عربات جدعون 2"، تقضي باحتلال مدينة غزة ومهاجمتها، رغم الجهود الدولية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وتبادل الأسرى، وموافقة حركة "حماس" على مقترح الوسطاء.
وفي 8 أوت الجاري، أقر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينت" خطة طرحها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لإعادة احتلال غزة بالكامل تدريجيا، بدءا بمدينة غزة.وتأتي هذه التطورات في وقت يواصل فيه الوسطاء (مصر وقطر إضافة إلى الولايات المتحدة) الجهود للتوصل إلى وقف إطلاق نار وتبادل أسرى في قطاع غزة، عقب تقديم مقترح جديد وافقت عليه حركة حماس.
ويتضمن المقترح "مسارا للوصول إلى اتفاق شامل لإنهاء الحرب، وقبله وقفا لمدة 60 يوما (للعمليات العسكرية) تشهد تبادل (عدد) من الأسرى وإعادة التموضع الإسرائيلي بالقطاع مع تكثيف دخول المساعدات ».
عملية نوعية للمقاومة
ميدانيا ، لا تزال كتائب المقاومة الصامدة في غزة قادرة على المناورة والتكتيك ضد الاحتلال . فقد أعلنت كتائب القسام في بيان أن '' قوة من مقاتلي "القسام" قوامها فصيل مشاة اقتحمت موقعا إسرائيليا "مستحدثا" - جرى استهداف دبابات من طراز "ميركافاه 4" بعبوات "شواظ" و"عبوات العمل الفدائي" وقذائف "الياسين 105" - قصف منازل كان يتحصّن داخلها جنود إسرائيليون بـ6 قذائف مضادة للتحصينات والأفراد - أحد المقاتلين قنص قائد دبابة "ميركافاه 4" وأصابه إصابة قاتلة، وأحد الاستشهاديين فجر نفسه بقوة إنقاذ إسرائيلية.
وأعلنت "كتائب القسام" أمس الأربعاء، قتل وإصابة عدد من العسكريين بهجوم استهدف موقعا إسرائيليا "مستحدثا" جنوب شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.وتأتي هذه العمليات في سياق رد فصائل المقاومة الفلسطينية على الإبادة الجماعية التي ترتكبها ''إسرائيل'' في قطاع غزة، بدعم أمريكي، منذ 22 شهرا، وتشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.وقالت "كتائب القسام" في بيان إن قوة من مقاتليها "قوامها فصيل مشاة" (دون ذكر العدد) اقتحمت الموقع، حيث جرى استهداف دبابات من طراز "ميركافاه 4" باستخدام عبوات "شواظ" و"عبوات العمل الفدائي" إلى جانب قذائف "الياسين 105".
وأضافت أن مقاتليها قصفوا منازل كان يتحصن فيها جنود إسرائيليون بـ 6 قذائف مضادة للتحصينات والأفراد، إلى جانب نيران الأسلحة الرشاشة، قبل أن يقتحموها ويجهزوا على من بداخلها من مسافة صفر باستخدام أسلحة خفيفة وقنابل يدوية.
كما أعلن البيان أن أحد مقاتلي "القسام" قنص قائد دبابة "ميركافاه 4" وأصابه إصابة قاتلة، في حين استهدفت قذائف الهاون المواقع المحيطة بمكان العملية لقطع طرق الإمداد ومنع وصول قوات الإنقاذ.وأوضح أن "مجاهدي القسام" واصلوا قصف الموقع بقذائف "الهاون" لتأمين انسحابهم، مضيفا أن أحد "الاستشهاديين فجر نفسه" في قوة إنقاذ إسرائيلية فور وصولها، ما أوقع عددا من القتلى والجرحى، بينما استمر الهجوم لساعات.وذكرت أنه شوهدت مروحيات إسرائيلية تهبط لإخلاء المصابين، دون مزيد من التفاصيل.
تصاعد الخلاف بين ''إسرائيل'' وفرنسا
وبعد توتر العلاقة بين تل ابيب وأستراليا ، تعرف العلاقة مع باريس مرحلة من التصعيد بسبب قرار باريس الاعتراف بدولة فلسطين، إذ اتّهم رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتأجيج معاداة السامية، ما دفع الإليزيه إلى الرد بحدّة، معتبرا تصريح رئيس وزراء الكيان "دنيئا" و"مبنيا على مغالطات".
وتنتهي أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة المقرر عقدها في سبتمبر المقبل، في 23 من الشهر نفسه، وهو التاريخ الذي حدده نتانياهو في رسالته.
واستنكرت الرئاسة الفرنسية تصريحات نتانياهو وقالت في بيان إن الربط بين قرار فرنسا الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل وتأجيج أعمال العنف المعادي للسامية "مبني على مغالطات، ودنيء ولن يمرّ دون رد".وأضاف الإليزيه أن "الجمهورية تحمي وستحمي دائما مواطنيها اليهود... نحن نمر بفترة تتطلب (التصرف) بجدية ومسؤولية، لا التشويش والتلاعب".
وكان الرئيس الفرنسي أعلن أواخر الشهر المنصرم أن باريس ستعترف بدولة فلسطين في سبتمبر، في خطوة أثارت غضب إسرائيل. إثر ذلك، أعلنت دول عدة عزمها الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر، من بينها كندا وأستراليا وأندورا وفنلندا وايسلندا وأيرلندا ولوكسمبورغ ومالطا ونيوزيلندا والنروج والبرتغال وسان مارينو وسلوفينيا.
من جهتها، ذكرت الصحافة الأسترالية أن نتانياهو أرسل رسالة مماثلة في 17 اوت إلى رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي الذي اتهمه أيضا بـ"تأجيج نار معاداة السامية" ودعاه إلى التحرك.وفي رسالته، أشاد نتانياهو بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووصفه بأنه مثال ل"محاربة" الجرائم المعادية للسامية و"حماية اليهود الأمريكيين".وتابع "أيها الرئيس ماكرون، معاداة السامية سرطان ينتشر عندما يلتزم القادة الصمت ويتراجع عندما يتحرك القادة".
هجوم غير مبرر ومعاد للسلام

استنكرت فلسطين، أمس الأربعاء، هجوم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على فرنسا وأستراليا واعتبرته "غير مبرر ومعاديا للسلام"، ويخدم تبريرها جرائم الإبادة والتهجير وضم الأراضي.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان وفق الأناضول: "نستنكر بشدة الهجوم الذي شنه رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو ضد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس وزراء أستراليا أنتوني ألبانيز".وأكدت أن "الربط بين الاعتراف بدولة فلسطين ومعاداة السامية والتدخل في الشؤون الداخلية للدولتين، غير مبرر ومعاد للسلام وللإجماع الدولي على مبدأ حل الدولتين".
وتابعت: "أسطوانة الخلط بين انتقاد الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه أو تأييد حقوق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال وبين معاداة السامية أو كراهية اليهود باتت مشروخة ومكشوفة ولا تنطلي على أحد".وبيّنت الوزارة أن هذه الأسطوانة "يوظفها اليمين الإسرائيلي الحاكم لحماية الاحتلال وتبرير جرائم الإبادة والتهجير والضم (الأراضي الفلسطينية)، وتجميل تمرده على القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة".
ودعت وزارة الخارجية الفلسطينية "الدول كافة لمواجهة هذا الصلف الإسرائيلي المعادي للسلام والحلول السياسية للصراع".وطالبت "بسرعة الاعتراف الدولي الجماعي أو الفردي بدولة فلسطين حماية لحل الدولتين ودفاعا عن القانون الدولي ومصداقية الشرعية الدولية ومؤسساتها".
تقرير حقوقي فلسطيني يحذر
من جهة أخرى قال تقرير فلسطيني حقوقي، أمس الأربعاء، إن معتقلي قطاع غزة ما زالوا يواجهون الجحيم في السجون الإسرائيلية، خاصة في قسم "راكيفت" ومعسكر "سدي تيمان"، اللذين يشكلان "أبرز عناوين جرائم التعذيب المُمنهجة بحقهم".جاء ذلك في تقرير مشترك لنادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي)، وهيئة شؤون الأسرى التابعة لمنظمة التحرير (حكومية).
وأفاد التقرير بأن "الشهادات المتواصلة من معتقلي غزة تبقى الأشد قسوة والأكثر فظاعة على مستوى الجرائم والانتهاكات المرتكبة بحقهم"، وذلك بعد مرور نحو عامين على بدء حرب الإبادة الجماعية المتواصلة.وأضاف: "معتقلو غزة ما زالوا يواجهون الجحيم في سجون ومعسكرات الاحتلال الإسرائيلي".وعد التقرير قسم "راكيفت" بسجن الرملة ومعسكر "سدي تيمان"، من "أبرز العناوين لجرائم التعذيب الممنهجة بحقّ معتقلي غزة".
وأشار إلى ان الطواقم الحقوقية أجرت بين نهاية جويلية الماضي ومنتصف اوتس الجاري عدة زيارات لمعتقلي غزة داخل سجون إسرائيلية بينها "راكيفت" و"سدي تيمان"، إلا أنها حصلت على إفادات الأسرى وهم "تحت القيود المشددة".وذكر أن المعتقلين في قسم "راكيفت" الواقع تحت الأرض في "سجن الرملة" خرجوا للزيارة وهم يجهشون بالبكاء.وأرجع ذلك إلى "تعرضهم للتهديد والضرب قبل بدء الزيارة، لإجبارهم على الإفادة بأن الوضع المعيشي في القسم ممتاز".وأكد التقرير أن إسرائيل منعت "المحامين من نقل أي معلومات عن العائلة أو أي شيء يتعلق بالوضع الخارجي والحرب المستمرة".
وعن أساليب التعذيب داخل السجون، قال التقرير إن الأسرى أكدوا في إفاداتهم "استمرار سياسة الضرب وتكسير الأصابع، وعزلهم عزلاً شاملًا حيث يُحرمون من رؤية الشمس ويُسمح لهم بالخروج إلى الفورة يومًا بعد يوم لمدة 20 دقيقة فقط، وهم مكبّلو الأيدي ورؤوسهم منحنية إلى الأسفل".
كما نقل التقرير عن الأسرى قولهم إن السجانين "يوزعون فرشات (النوم) مساء ويسحبونها صباحا، ما يضطر المعتقلين للجلوس على الحديد طوال اليوم، فيما يتعمدون إذلالهم وشتمهم وإجبارهم على شتم أمهاتهم وعائلاتهم، إضافة إلى التهديد والإرهاب المستمر على مدار الساعة".وبسبب تلك السياسة، أفاد التقرير أن "حالة الرعب والخوف كانت ظاهرة بشكل جليّ على المعتقلين"

المشاركة في هذا المقال