عن بذور الفوضى التي تقوم بزرعها الحكومة البنيامينية في الحرم القدسي والضفة الغربية . ونشرت صحيفة يديعوت أحرونوت مقالاً للكاتب " نحوم بارنيع " يدور حول ما تقوم به الحكومة الإئتلافية من تحركات لتفجير الأوضاع في هاتين الساحتين. وركز بدايةً على دراسة أصدرها معهد القدس مؤخراً تتناول التغيرات التي طرأت على الحرم القدسي خلال الحرب على غزة والتي أسفرت عن يقظة في صفوف تيار الهيكل اليميني والذي يعتبر حراك 7 أكتوبر بمثابة تبشير - في وجهة نظرهم - بقدوم المسيح ( الذي سيقوم بأشياء تُغضب الأغيار من دون أن يخشاهم )؟، وإذا لم يُعثر على المسبح ، فبإمكان " بن غفير " أن يقوم بالدور ، وإن كان السواد الأعظم من الآراء تدرك جيداً أن بن غفير لا يخرج عن كونه مريد يوسوس لأشبال الشياطين ويوجه أفعالهم الاستفزازية .
كما استعرض تقرير معهد القدس للمؤرخ ' أمنون رامون ' الممارسات السلبية التي يقوم بها " بن غفير " وشنه هجوماً كاملاً على الوضع القائم في الحرم القدسي ، وتركيزه على أن يتصدر تغيير الوضع الراهن أولويات وزارة الأمن القومي السنوية ، وأصبحت الزيارات اليهودية الجماعية مسموحة ، وسُمح بأداء صلوات يهودية في الحرم ، وكذلك السماح برفع الأعلام ، وكاد أن يتم ' ذبح ماشية ' كقربان ديني لولا التدخلات في اللحظة الأخيرة ، وأطلقت حملة لإقامة كُنيس قرب " باب الرحمة " من الجهة الشرقية من مجمع المساجد .
هذا ، وينسحب مبدأ توزيع الأدوار وإقتسام الغنائم على التحركات الشيطانية لكل من "بن غفير " وسموتريتش ، فالوضع في الضفة الغربية لا يقل خطورة وما يفعله وزير المالية لا يقل عما يفعله وزير الأمن القومي في الحرم ، لكن بوتيرة أسرع وبإصرار أكبر وبشكل أكثر وضوحاً ، فلم يعد هناك قيود سياسية وقانونية تمنع إقامة المزيد من البؤر الاستيطانية ، ويتم إقامة مزرعة استيطانية فوق كل قرية فلسطينية ولم يعد هناك تحسب للاعتراضات أو الضغوط الأمريكية، وهو أمر تتناوله وسائل الإعلام ومراكز الفكر في تل أبيب بشكل واضح ، في حين تتغافله وسائل الإعلام الإقليمية ، إذ لا يوجد تفاعل ملحوظ مع البيان الصادر الذي أصدرته وزارة الخارجية الفلسطينية وتطالب فيه بتدخل دولي عاجل لوقف ممارسات حكومة الإحتلال لتفجير الأوضاع في الضفة الغربية ، علماً بأنه لا يوجد رادع لقيام جيش الإحتلال بتفجير المخيمات في شمال الضفة وكأن المجتمع الدولي في إجازة صيفية، فلم تحرك الأطراف الدولية الفاعلة ساكناً أمام إقتحام قوات الاحتلال مدينة طوباس شمال الضفة الغربية في نهاية الشهر الفارط ، واعتداءات الـمستوطنين على فلسطينيين بمنطقة الطفوف في بلدة سعير شمال الخليل بالضفة الغربية، وفى نفس الأسبوع وافق مجلس الوزراء الأمني في تل أبيب على إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة .
هذا ، وفي ظل قناعات اليمين المتطرف بأن الصفة تعد امتداداً طبيعياً لساحة الصراع في غزة ، تتواصل الـدعوات الإسرائيلية لفرض السيادة على الضفة الغربية ، وهو ما تجسد في دعوة 4 وزراء إسرائيليين في أفريل الفارط - خلال مشاركتهم في افتتاح حي جديد بالضفة - إلى فرض السيادة على المنطقة، بالتزامن مع تصريح يسرائيل كاتس، وزير الحرب، الذي أكد فيه أن الاستيطان يُشكل حماية لدولة الاحتلال بأكملها، وكذلك أعلن وزير المالية " سموتريتش" أن الاستيطان خلال عام 2025 سيُمثل أكبر تحوُّل مُنذ عام 1967. ونظراً لإقتناع مسؤولين بالائتلاف الحاكم بأهمية استغلال فترة ترامب لفرض السيادة على الضفة ، لم تخلُ تحركات تل أبيب من غطاء سياسي من واشنطن ، حيث طالب أعضاء بالكونغرس الرئيس ترامب بالاعتراف بحق إسرائيل في إعلان السيادة على الضفة، وهو ما يساهم في توسُّع الاستيطان الإسرائيلي.
وتخطط الحكومة الحالية لإقامة 5 مستوطنات جديدة وبناء 3,600 وحدة سكنية في منطقة غوش عتصيون (جنوب غرب القدس)، بالتوازي مع الموافقة على فَصْل 13 مستوطنة في الضفة الغربية خلال الشهر الماضي؛ استعدادًا للاعتراف باستقلالها، وكذلك المصادقة على مشروع بناء شبكة طرق بديلة تُقسم الضفة الغربية إلى نصفَيْن، شمالي وجنوبي في منطقة معاليه أدوميم.