آخرها التي صدرت عن الرئيس الفرنسي ماكرون والخطة الفرنسية السعودية المشتركة التي تتعلق بترتيبات ما بعد الحرب في غزة . اذ تتّجه أنظار المجتمع الدولي إلى العاصمة الفرنسية باريس، حيث تستعد فرنسا، بالشراكة مع المملكة العربية السعودية، لاستضافة مؤتمر دولي للسلام في الفترة ما بين 17 و20 جوان الجاري. المؤتمر، الذي يأتي في ظل أوضاع كارثية تعيشها غزة واستمرار القصف الإسرائيلي، لا يهدف فقط إلى تأكيد التمسك بحل الدولتين، بل يسعى إلى بلورة خطة عملية مدعومة بضمانات سياسية وأمنية واقتصادية، تعيد إطلاق عملية السلام وتمنحها بعدًا ملموسًا وقابلاً للتنفيذ.
المبادرة الفرنسية السعودية ليست وليدة اللحظة، بل جاءت امتدادا لمبادرات سابقة، كان أبرزها الإعلان عن "التحالف الدولي من أجل حل الدولتين" على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ79 في نيويورك. ويضم هذا التحالف أطرافًا دولية وإقليمية فاعلة، من ضمنها الاتحاد الأوروبي، الجامعة العربية، منظمة التعاون الإسلامي، والنرويج، وجميعها تدرك خطورة استمرار الاحتلال، وانهيار مسارات التفاوض، إضافة إلى التهديدات المتكررة بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة .
فرنسا من جهتها ترى أن حل الدولتين لا يزال هو الخيار الواقعي الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة. وقد كثّف الرئيس إيمانويل ماكرون جهوده خلال الأشهر الماضية لجمع الدعم الدولي حول هذه المقاربة. وقد شكلت زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى باريس فرصة لتنسيق أوسع بين البلدين بشأن قيادة المؤتمر، وتقديم وثيقة مشتركة تُعرض في اليوم الأخير من فعالياته، وتؤسس لخريطة طريق متعددة المراحل.
ووفق تقارير لا يقتصر هدف المؤتمر على إطلاق إعلان سياسي جديد، بل يتعداه إلى إطلاق عملية متكاملة تتضمن وقفًا لإطلاق النار في غزة، تحرير الرهائن، وتأسيس ترتيبات اليوم التالي للحرب، وهي الترتيبات التي تتعلق بإعادة الإعمار، وفرض الأمن، ومنع تكرار السيناريوهات السابقة.
وتركّز الخطة المشتركة التي تعمل عليها لجان التنسيق الفرنسية والسعودية وفق تقارير في الغرض، على أن يكون الاعتراف بدولة فلسطين ليس مجرد إجراء رمزي، بل خطوة تنفيذية ضمن إطار سياسي واضح، تُفعل فيه الضمانات الدولية وتلتزم فيه الأطراف الإقليمية بضبط الإيقاع السياسي والأمني. وتشير مصادر فرنسية إلى أن خارطة الطريق التي ستُطرح في المؤتمر تشمل ترتيبات أمنية محددة لقطاع غزة، آليات تمويل دولية لإعادة الإعمار.
وتعتبر باريس أن تحقيق هذا الهدف يتطلب بناء تحالف واسع من القوى الدولية المؤيدة لحل الدولتين، من خلال ربط هذه العملية بمصالح استراتيجية على المستوى الإقليمي والدولي.
للمرة الأولى منذ عقود، يبدو أن مؤتمرا دوليا للسلام قد لا يكتفي بالبيانات الختامية، بل يسعى لترجمة الإرادة السياسية إلى التزامات واضحة، تتمثل في وقف الحرب، وإنهاء الاحتلال، والاعتراف بدولة فلسطينية قابلة للحياة، تُدمج في النظام الإقليمي. لكن يبقى السؤال الأكبر: هل سينجح هذا المسعى في كسر الجمود التاريخي وفتح صفحة جديدة للشرق الأوسط، أم أن الطريق إلى السلام سيظل مرهونا بموازين القوى ومواقف الأطراف المتنازعة؟
قافلة الصمود في اتجاه مصر
في الأثناء عبّر رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة، أمس الأربعاء، عن افتخاره باستقبال الليبيين "قافلة الصمود" المغاربية الساعية لكسر الحصار عن قطاع غزة والتحامهم بها.
وكتب الدبيبة على فيبسوك: "أفخر وأعتز بأبناء شعبي الذين استقبلوا والتحموا بقافلة الصمود، هذه المبادرة الإنسانية الأخوية التي انطلقت من الجزائر ثم تونس ووصلت بلادنا، ليضرب أبناء ليبيا مثالا جديدا في العطاء والفزعة والوفاء، حاملين رسائل الدعم لأهل غزة في وجه الحصار والعدوان" وفق الأناضول.
وصباح أمس الأربعاء، غادرت "قافلة الصمود" مدينة الزاوية شمال غرب ليبيا متجهة نحو مدينة مصراتة مرورا بالعاصمة طرابلس، ضمن جهود تضامنية لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.ومن المقرّر أن تواصل القافلة مسيرتها شرقا عبر الأراضي الليبية وصولا إلى الحدود مع مصر، ومنها إلى معبر رفح على حدود قطاع غزة، حسب ما أفاد به منظمو التحرك.
وأضاف الدبيبة: "إنه مشهد نبيل ليس بغريب عن أبناء ليبيا، هو امتداد لتاريخ من المواقف التي تسبق الأقوال، وتأكيد للقيم السامية التي تجمع شعوبنا رغما عن كل الأزمات". وكانت طلائع القافلة البرية قد بدأت عبورها من تونس إلى ليبيا، صباح الثلاثاء، عبر معبر رأس جدير الحدودي.فيما انطلقت القافلة صباح الاثنين من العاصمة التونسية بمشاركة مئات الناشطين المغاربة، في إطار تحرك شعبي تضامني لدعم الشعب الفلسطيني في غزة.
وتأتي المبادرة في إطار تحركات عالمية لآلاف المتضامنين من 32 دولة، في محاولة لوقف الحرب الإسرائيلية وكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، وإيصال المساعدات إلى أكثر من مليوني فلسطيني يواجهون خطر المجاعة، وفقا لمنظمي القافلة.
استمرار احتجاز 8 من نشطاء السفينة "مادلين"
من جانبها قررت محكمة إسرائيلية، استمرار احتجاز 8 نشطاء تمّ اعتقالهم من السفينة "مادلين" في المياه الدولية، لفترة قد تستمر أكثر من شهر حتى صدور قرار بترحيلهم.
وأفاد مركز "عدالة" الحقوقي العربي في إسرائيل في بيان وفق الأناضول، أمس الأربعاء، بأن المحكمة التابعة لقسم الاحتجاز في مدينة الرملة "قررت ، الإبقاء على 8 نشطاء كانوا على متن السفينة مادلين "قيد الاحتجاز حتى تطبيق قرار الترحيل".
وأشار إلى أن المحكمة حددت جلسة مراجعة احتجاز جديدة في 8 جويلية 2025، في حال لم يتم تنفيذ الترحيل قبل هذا التاريخ.وقال المركز إن القرار جاء بعد رفض الطعون القانونية التي تقدّم بها طاقم "عدالة" الحقوقي، المكون من المحامية لُبنى توما، والمحامية هديل أبو صالح، إضافةً إلى المحامية المتطوعة أفنان خليفة.
وأضاف أنه استلم نص قرار استمرار احتجاز النشطاء الثمانية صباح الأربعاء.ولفت المركز في بيانه أن النشطاء المحتجزين هم: شعيب أوردو (تركيا)، ومارك فان رينس (هولندا)، وباسكال موريراس (فرنسا)، وريفا فيارد (فرنسا)، وريما حسن (فرنسا)، وتياغو أوفيلا (البرازيل)، ويانيس محمدي (فرنسا)، وياسمين آجار (ألمانيا)".
وكانت البحرية الإسرائيلية استولت، فجر الاثنين، على السفينة "مادلين" واعتقلت 12 ناشطا بينما كانوا في المياه الإقليمية الدولية، في محاولة لكسر الحصار المفروض على غزة ونقل مساعدات إنسانية إلى القطاع.وأبعدت إسرائيل في اليومين الماضيين 4 نشطاء وقعوا على تعهّد بعدم العودة مجددا فيما رفض الثمانية التوقيع على هذا التعهّد.
الأردن يدين اقتحام بن غفير "الأقصى"
ميدانيا أدان الأردن أمس الأربعاء، اقتحام وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال الإسرائيلي إيتمار بن غفير باحات المسجد الأقصى، مطالبا تل أبيب بوقف الاستفزاز.
جاء ذلك في بيان لوزارة الخارجية أدانت فيه "بأشد العبارات" اقتحام بن غفير باحات "الأقصى" تحت حماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي.واعتبرت ذلك يمثل "خرقا فاضحًا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتصعيدا مرفوضا واستفزازا غير مقبول يتطلب من إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال وقفه بشكل فوري".
وأكد البيان "رفض المملكة المطلق وإدانتها الشديدة لمواصلة الاقتحامات المرفوضة من قبل الوزير المتطرف بن غفير، وتسهيل شرطة الاحتلال الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، بالتزامن مع فرض قيود على دخول المصلين إلى الحرم الشريف".كما اعتبر ذلك يمثل "انتهاكا صارخا للوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى، من خلال محاولة تقسيمه زمانيا ومكانيا، وتدنيسا لحرمته".
وشدد البيان على أن "جميع هذه الممارسات لا تلغي حقيقة أن القدس الشرقية مدينة محتلة لا سيادة لإسرائيل عليها".وحذرت الخارجية الأردنية من "مغبة وعواقب استمرار هذه الانتهاكات المستفزة واللا شرعية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس".وطالب البيان إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال "بوقف جميع الممارسات الاستفزازية للوزير المتطرف بن غفير التي تعد استمرارا لسياسة الحكومة الإسرائيلية المتطرفة الرامية إلى مواصلة التصعيد الخطير".
وجددت الخارجية التأكيد على أن "المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته البالغة 144 دونما هو مكان عبادة خالص للمسلمين".وأكدت أن "إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون المسجد الأقصى، وتنظيم الدخول إليه".
ودائرة أوقاف القدس، التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية في الأردن، هي المشرف الرسمي على المسجد الأقصى وأوقاف القدس (الشرقية)، بموجب القانون الدولي الذي يعتبر الأردن آخر سلطة محلية مشرفة على المقدسات قبل احتلالها من جانب إسرائيل.واحتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاقية "وادي عربة" للسلام، التي وقعها مع إسرائيل في 1994.
وفي مارس 2013 وقع العاهل الأردني عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، اتفاقية تعطي المملكة حق "الوصاية والدفاع عن القدس والمقدسات" في فلسطين.
ويوم أمس الأربعاء، قالت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس إن بن غفير "اقتحم (باحات) المسجد الأقصى برفقة ضباط من الشرطة الإسرائيلية".ويكرر بن غفير اقتحاماته لباحات المسجد الأقصى رغم الانتقادات الشديدة من قبل العديد من الدول العربية والإسلامية.وتتم اقتحامات كبار المسؤولين الإسرائيليين للمسجد الأقصى بعد الموافقة المسبقة من قبل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وسبق أن اقتحم بن غفير المسجد الأقصى أكثر من مرة منذ توليه مهامه وزيرا للأمن القومي الإسرائيلي في نهاية العام 2022.وكان آخر اقتحام لبن غفير برفقة أعضاء بالحكومة والكنيست وأكثر من 2092 مستوطنا إسرائيليا في 27 ماي، تزامنا مع ذكرى احتلال القدس الشرقية عام 1967 وفق التقويم العبري، الأمر الذي لقي إدانات فلسطينية وعربية واسعة آنذاك.
ويأتي اقتحام بن غفير اليوم، غداة فرض بريطانيا وأستراليا وكندا ونيوزيلندا والنرويج عقوبات ضده وضد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ردا على تحريضهما المتكرر على العنف ضد الفلسطينيين.وتشمل العقوبات تجميد أصول الوزيرين في تلك الدول، ومنعهما من دخول أراضيها.وكانت إسرائيل سمحت بالعام 2003 باقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى رغم المعارضة المستمرة من قبل دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس.