الدورة السادسة لأيام سينما الجبل افتح أبواب النور في قلبك وشرّع قبلتك حيث الانسانية والحرية

ها انّ اشجار الفرنان الشامخة والصنوبر الحلبي يصنع باقات ساحرة تشبه الاكليل المقدس يمنح لكل زوار هذه المدينة الضاربة في الجمال، هنا عين دراهم بتاريخها وطبيعتها ضربت موعدا جديدا مع الحلم ضمن فعاليات الدورة السادسة لايام سينما الجبل وشعارها "عين دراهم مدينة للسينما".

ايام سينما الجبل فرصة للقاء في رحاب السينما وغمار افكار متمرّدة تنتصر فقط للانسانية، هي من تنظيم جمعية احباء دور الثقافة وبدعم من المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية جندوبة والايام فرصة للتعريف بالمخزون الطبيعي للمدينة والتعبير الصادق عن التضامن مع الحق الفلسطيني عبر بوابة الفن السابع وشارك في الدورة ضيوف من تونس وفلسطين والكويت والبحرين.

تطهّر من ضوضاء المدينة وادخل محراب الفنون بحرية

الثقافة وسيلة للتغيير، السينما سلاح للحلم وتعبيرة منفلتة عن الحريات والحقوق والاحلام، في عين دراهم الطبيعة سيدة المكان دائما، هي صاحبة القرار الاول لتوفير مساحات الجمال تلك، ولانّها مدينة آسرة كانت كل فعاليات المهرجان ساحرة لصدق المشاركين في الفعاليات من مخرجين وفنانين وصحفيين وصناع فرحة وجمهور جاء لاكتشاف الأفلام والانخراط في ثقافة سينما مناضلة.
لك ان تنسى الوقت وتنخرط مع مسارات الطبيعة فالشمس يمكن ان تكون دليلك لمعرفة المواقيت، لك ان تنزع عنك كل مقومات المدينة السلبية والتحضر الزائف فهنا الطبيعة تقبل فقط الصادقين ولن تغمر بعطفها وظلالها الا الحالمين حقيقة والمؤمنين انّ تلك الاشجار الشامخة سيدة كلّ فعل حياتي.
تعرى من الزيف وادخلها حالما، صادقا وستجد كلّ السعادة، تخلّص من زخم الحياة وفوضى المدينة وضجيج السيارات وانزع نعال الخوف عنك وادخل بين أشجارها ولا ترهب تلك الظلمة فهي نتاج تعانق الاشجار، فالصنوبر والزان هنا في واد الزان سيحرسانك حتما، وفي zen campكان اللقاء الاول ونقطة انطلاق الدورة السادسة لايام سينما الجبل.
هنا اختار اشرف دبوسي الاستثمار في السياحة الثقافية وعمل على التعريف بموروث خمير وجمال واد الزان وسحر الطبيعة لتكون قبلة للباحثين عن جمال حقيقي ونقيّ من شوائب الطبيعة، في "الزان كامب" صدح عاليا صوت منذر الجبابلي، ذاكرة الكاف والشمال الغربي، صوته اخترق المكان وتردد صداه حدّ ان تشعر انّه هنا قريب جدا يغني ربما خلف شجرة الزان او بين نباتات السرخس يحتضن رائحتها الساحرة لتكون رائحة لذاكرة المكان.
حدة الصوت وحلاوته تبدو حقيقية وليست خارجة من الشاشة في فيلم "ناقوز" انتاج دار الثقافة تاجروين وقلعة سنان، والفيلم تجربة توثيقية لذاكرة حية لا تموت، منذر الجبابلي صوت الجهة الذي سرق الموت جسده لكن اغانيه ودفاعه الدائم عن الذاكرة التراثية لا يمكن ان تسرق او تتلاشى، فمنذر الجبابلي صوت الكاف ورائحة الشموخ لتراث الجهة، وبين اشجار الفلين والزان كان صوته حرا، حيا، خالدا ابدا وان رحل الجسد وفي zen cmap دقّ ناقوز الجمال والانطلاق نحو الحرية.

اكرم القروي يدق نواقيز الحرية ويكسب الرهان

ليس للحلم حدود والعراقيل جميعها كانت وستكون دافعا للمواصلة، ان تحب ما تنجز هو اول خطوات النجاح، رغم كل العراقيل ها أننا مجتمعين في حضرة سابع الفنون وها أن عين دراهم تفتح ابوابها للفن للحرية ولافلام سينما المؤلف.
فنحن هنا، امّا نكون او نكون لا خيار ثالث للنجاح، هكذا تحدث مدير ايام سينما الجبل اكرم القروي وهو العاشق للفنون والشغوف بكل تلويناتها، اكرم القروي المحامي الفنّان والمنتصر دائما للهامش اختار جهته لتكون حاضنة للحلم واختار عين دراهم بمختلف عماداتها لتكون وجهة للسينما ايمانا منه انّ المدينة الساحرة يمكن ان تكون من افضل وجهات التصوير السينمائي ولذلك انفتح المهرجان على اكثر من فضاء ليتعرّف زوار المهرجان على الخصوصيات الجغرافية والفنية المميزة للجهة.
سينما الجبل حلم مشترك بين محبي السينما، تجربة آمن بها اكرم القروي ليصبح الرهان حقيقة، واكد القروي الدورة السادسة صعبة ولكنها انجزت، في عين دراهم دار الثقافة مغلقة منذ 2014 وابناء نادي السينما هم من بادر بانجاز اللقاء، انطلقت التجربة في شكل لقاء سينمائي اسمه "لقاء سينما الجبل" للاحتفاء بالحياة، اولى العروض كانت "تحت الحيط" اي انها في الشوارع نظرا لعدم وجود فضاء يحتضن العروض، كبر الحلم ومعه الشغف وبعد التوقف والتاجيل عادت ايام سينما الجبل لتكون فعالية تحتفي بسينما المؤلف وتنتصر للسينما المقاومة بفضل محبي السينما والمؤمنين بدور الثقافة في التغيير.
واكد اكرم القروي مدير الايام انّ الفضل يعود للسيدة سناء مزريقي رئيسة جمعية احباء دور الثقافة وهي الجهة المنظمة للتظاهرة بدعم من المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بجندوبة، وايمانها بالسينما وبحق ابناء الجهة في فرجة في افلام نوعية تحتفي بثقافة المقاومة والحياة كان الداعم لترى الدورة النور.
اكرم القوي الفنان المؤمن بحق ابناء جهته في الفرجة، يشاكس المنظومة ويدافع عن الهامش والمهمشين عبر السينما سلاح للتغيير وترسيخ ثقافة الفرجة والنقد.

دع نورك يشع في الفضاء واترك للسينما البقية

حيّ على الحياة، حيّ على السينما، حيّ على ثقافة الفرحة والفرجة، هلموّا يا آل الحب والفن الى عين دراهم الساحرة وصلوّا في محرابها لاجل الحرية والسلام، هنا قدسية مطلقة للجمال وللحياة بأبجدياتها المتنوعة، هنا ألوان متدرجة للاخضر سيد كل مكان وزمان، نور الشمس يخترق القلب ويغسله من أدران الظلمة، ظلال الاشجار المتعانقة يسكن الزائر بطاقة الحب، هدوء مميز ومناظر طبيعية تأسر القلب قبل العين، سحر يمكن معانقته بالبصيرة قبل البصر، ضع يدك صوب القلب واستنشق ازكى روائع تنشرها الاشجار والازهار مختلطة بقطرات الندى على التربة ولامس النور فيك والجمال في روحك دع انسانيتك تنساب وتغني كذاك العصفور بالوانه الفريدة يرقص ويمر من غصن الى الاخر وكانه سيد الكون.
الاشجار تكتب قصائدها المميزة، الاعشاب الصغيرة لها قدسيتها ورمزيتها، هنا اين كتب الشابي "من لا يحب صعود الجبال يعش ابد الدهر بين الحفر" فغير بعيد عن دار الثقافة ومركز المدينة توجد "فج الاطلال" التي سحرت الشابي وكتب فيها اجمل قصائد الثورة والحرية، وصخرة الشابة الرابضة حذو العين تشحن زوار المكان بثقافة الشموخ جزء من جمالية النور والنار في عيد دراهم.
قصائد الشابي يتردد صداها وكلماته تغنيها الاشجار مساءا وهي تودّع الشمس لتستقبل القمر وليدا، من قوّة هذه الكلمات اخذت ايام سينما الجبل طابعها النضالي فالسينما سلاح صادق للبناء والتغيير، السينما رسالة ومسؤولية وموقف وهو ما عاشه جمهور عين دراهم وحمام بورقيبة والتباينية والمكتبة العمومية والمركز المندمج والمركب الشبابي طيلة ايام التظاهرة، لقاءات فنية مختلفة وافلام منها الوثائقي والتجريبي والروائي وجميعها تندرج في خانة سينما المؤلف، السينما المقاومة والمنتصرة لكل فعل فعل حر.
ايام من الفرجة والنقاش ومساحة للحرية قدمتها ايام سينما الجبل للجمهور، افلام وثائقية وروائية جميعها تدافع عن الحقوق، ولان جندوبة منطقة فلاحية بالاساس كان الموعد مع فيلم "ارض النساء" اخراج عادل بكري، الفيلم رحلة حقيقية تكشف اوجاع النساء ونضالاتهنّ لاجل الارض في منطقتين الاولى الفجة من ولاية جندوبة والثانية سجنان من ولاية بنزرت، الفيلم عايش النساء طلية اشهر ونقل للجمهور نضالاتهنّ لاجل لقمة العيش وكشف معاناة مانحات الحياة اثناء خدمة الارض ومشاكل النقل وعدم اهتمام السلطة بهنّ وبدورهنّ في الحياة الاقتصادية، ومن الصدف تزامنا كع وقت عرض الفيلم تعرضت شاحنة تحمل النساء الفلاحات الى حادث سير.
حادثة اخرى تضاف لحصيلة اوجاع الفلاحات وحقوقهنّ المسلوبة، ولان السينما بوابة للتغير والنقاش بعد الفيلم كان اللقاء مع تقديم مشروع "فالحة" الخاص بالمراة بالوسط الريفي من قبل جمعية المراة الريفية وتحدثوا عن القانون عدد52 الخاص بنقل العاملات الفلاحيات، وقدموا مجموعة من المطالب للفلاحات منها الحق في النقل والحق في الرعاية الصحية وتمكين المراة اقتصاديا واجتماعيا و"فالحة" مشروع يعمل على مناصرة النساء في الاوساط الريفية.
ايام سينما الجبل مهرجان سينمائي قدم للجمهور اكثر من 30فيلما سينمائيا في فضاءات عرض متعددة، لقاءات ونقاشات موضوعها كيف تكون السينما محملا لحقوق الانسان وكيف تصبح سينما المؤلف بوابة للتغيير والنقد لذلك اختار المدير الفني للمهرجان رضوان العيادي افلام تتشارك جميعها في فكرة النضال بالسينما وعبر الكاميرا.

التكريمات: اعتراف بقيمة الفنان

ينحت الفنان في صخور اللامبالاة، يبدع امام الكاميرا ويكون صوت من لا صوت لهم، يقبل على الفنون بشغف وفي دورته السادسة كرّم المهرجان ثلاث وجوه فنية صنعت الكثير من الجمال للجمهور، الاولى فنانة ابنة جبال خمير الساحرة، احبت المسرح واحبتها الكاميرا، هي سيرورة للجازية الهلالية وبشيرة بن مراد وعزيزة عثمانة، المراة التونسية الشامخة والصامدة كما تحدثت ناجية الورغي العاشقة للفن دائما.
المكرمة الثانية ابنة الكاف وسحرها وفي البازيليك تعلمت خطواتها الاولى للحرية، فوزية بدر الطفلة التي لا تكبر تقبلت التكريم بحساسية الانسانة ودموع الفنان الصادقة، فالاعتراف هو ما ينقصنا في المجال الفني كما قالت فوزية بدر اثناء تكريمها.
اما المكرّم الثالث فمبدع خلف الكاميرا، عرفته السينما العالمية وحقق العديد من النجاحات، اختار التقنية بوابة للنجاح، ابن جندوبة وفخرها فخر الدين العامري من افضل تقني المونتاج في تونس والعالم، استقبل تكريمه ببساطة المبدعين ووعد بامكانية تقديمه لورشات تطوعية في المونتاج لابناء نادي سينما عين دراهم.
انتهت فعاليات الدورة السادسة لايام سينما الجبل، وكتب المنظمين سطرا اخر في ملحمة النضال بالفن، وشرّعوا النوافذ على حبّ الطبيعة والسينما والدعوة المستمرة لثقافة الحياة.