Print this page

اختتام شهر التراث في متحف سلقطة المهدية :التراث حيّ ومتجدد والدفاع عنه دفاع هن الهوية

عانق الحلم انّى استطعت واسرق لحظات الجمال في مكان بلغ من الجمال اشدّه

ناشد الفرحة وادخل في غمارها لتطهّر من ادران اليومي وحكاياته الثقيلة، الى التاريخ تكون الرحلة باستعمال الخيال والذاكرة والتقنيات التكنولوجية الحديثة، فتصبح العودة أجملن وما اجمل انسان اليوم بثقافته ومعرفته وهو يشاهد حكايات الاجداد ويكاد يلامسها وكأنها الحقيقة.

هكذا كان اللقاء طيلة شهر بأكمله احتفاء بالتراث، بالهوية، بالذاكرة وبأمجاد من اسسوا وبنوا هذا الوطن ليكون اليوم مساحتنا للجمال، شهر التراث انطلق من الموقع الاثري الساحر "كركوان" واختتم في متحف يطلّ على البحر والميناء رابض هناك من آلاف السنين يبوح بأسرار البحارة وحكايات من سكنوا تلك سُلاَّكْتُومْ، سلقطة التي احتضن متحفها فعاليات اختتام شهر من العمل على الترويج للموروث الثقافي والحضاري لهذا البلد، شهر من الجدية للتعريف بالمواقع وتقديم افكار متجددة لصيانة هذا الارث ونظمته وزارة الشؤون الثقافية ووكالة احياء التراث والتنمية الثقافية.

الاحتفاء بالتراث ترسيخ للروح الوطنية

هادئة هي المدينة، تجمّلت لاستقبال زوارها، موجات البحر صنعت سيمفونية خاصة، الميناء الصغير بسفنه وزرقته الممتدة تناص مع الاثار الموجودة وبينهما المتحف الجديد شامخا كانّه يذكّر زوار اليوم بحكايات الامس وتاريخ سلقطة الصغيرة، وستكون واجهته مساحة ليتعرّف الجمهور على عدد من معالم الجمهورية التونسية وقراءة اسطر قليلة من كتاب تاريخ هذا الوطن المجد، فسلقطة ليست سوى سطر في ملحمة اكبر واشمل اسمها تونس.
ساحرة هي الجولة في خبايا التاريخ، انتقل الجمهور وهم مستمعين بنسمات البحر الى دقة الشامخة وسفيطلة الرائعة بالفوروم وجوبيتير حارسها، انتقلوا الى قرطاج الشاهدة على براعة من سكنوا هذه الارض، ثم الى سيكافينيريا الرومانية، وبلاريجيا، والقيروان الاغلبية بجوامعها، فرقّادة الصامتة، الى حضرموت الضاربة في تاريخ، جوهرة الساحل اليوم، منها الى المهدية الفاطمية وحكاياتها البحرية الاقدم التي انتقلت من جيل الى اخر تماما كما ينقل البحر اسراره في جوفه ويحميها وبتقنية المابيغ كانت الجولة في قصص الماضي وتقديم لمحة عن ابرز المعالم التاريخية والمواقع الاثرية لوطن ضارب في التاريخ.
في سّلاكتوم كانت فعاليات اختتام شهر التراث تحت شعار: التراث والفن ذاكرة الحضارة لقاء مع مختلف الفنون لترسيخ الثقافة الوطنية والدفاع عن هوية البلد بقصص الماضي وامجاد من بنوه، شهر من اللقاءات الفنية والثقافية وتوظيف التقنيات والدفاع عن الحرف جميعها بمثابة الجوهرة التي مررها الاجداد وسيتوارثها الاجيال سمة للعزة والشموخ.
والتظاهرة" التي افتَتَحْنَاها من الموقع الأثري بكركوان ونختَتِمُها اليوم في رحاب المتحف الأثري بسلقطة، ستبْقَى مُناسبةً مُتميّزةْ لاكتشافْ ثراءِ تُراثنا الوطنيّ، وللتأكيدْ على أصالة بلادنا وخُصُوصِيَّتها، وترسيخِ رُوحِ الوطنيّة عند كلّ التُونسيّين، ومناسبةً لتكريم كُلّ الفنّانين المُبدِعين في كافة المجالات والاختصاصات الثقافيّة والفنيّة" كما جاء في كلمة السيدة امينة الصرارفي وزيرة الشؤون الثقافية امام ضيوف الحفل من والي المهدية وأعضاء مجلس النواب وأعضاء المجالس الجهوية واطارات وزارة الشؤون الثقافية والفنانين مانحي الفرحة وباعثي الجمال في الفضاءات التراثية والاثرية.

حكايات الامس في حلّة تكنولوجية تلائم جيل الغد

لامسوا الابداع في افكارهم المتجددة، وظفوا معارفهم العلمية والتقنية لتثمين التراث فالتاريخ والآثار جزء من هوية مواطني اليوم، جزء من ذاكرته وللحفاظ على هذه الذاكرة وتثمينها وتمريرها الى مختلف الاجيال كان للعلم حضوره اذ نظمت وزارة الشؤون الثقافية ووكالة احياء التراث والتنمية الثقافية بالتعاون مع مركز تونس الدولي للاقتصاد الرقمي تظاهرة علمية، ثقافية وتاريخية عنوانها Hack the Heritage" والتجربة تندرج في اطار رؤية متجددة للتراث وتثمينه بطرق علمية وتتيح للشباب الفرصة ليتعرّفوا على ثقافتهم وتاريخهم واعادة تقديمه باساليب تقنية حديثة.
"هاك التراث" نسخة سلقطة اشرف عليها السيد محمد حواص متصرف مستشار بوكالة احياء التراث والتنمية الثقافية بالمهدية وانطلقت من زيارات ميدانية لمتحف سلقطة وتقديم لمحة عن تاريخ المدينة من البونيين الى الرومان، وفي يومين طوّر الشباب المبدع مشاريعهم التكنولوجية التي قدّمت في حفل اختام شهر التراث وفاز كل من محمد علي عز الدين وهديل مبروك وروان السلطاني بجائزة افضل مشروع في "الهاكاثون" حتى تكون الرؤية المتجددة لتراث افضل السبل لتمريره الى اجيال التكنولوجيا الحديثة.
وفي اطار التجديد الرقمي ايضا والتعويل على التكنولوجيات الحديثة لابراز جمالية المواقع والمتاحف قدّمت للجمهور زيارة رقمية للمتحف عبر تقنية HOLOBOX، التي تجعل الزائر يثشعر وكانه يعيش في فترة ايجاد كل قكعة اثرية، فتصبح الموسيقى من صوت الامواج وترددات صدى الحرب وغيرها من المؤثرات وكأنها تحدث الان وهنا.
فتحت سلقطة ابوابها لزوارها والباحثين عن الجمال فيها، تتبع الضيوف سحر المدينة وروعة البحر المحيط بالمتحف، جمالية في الصورة انسجمت مع ابداعات فنية قدمت للجمهور من ابناء المدينة وضيوفها، فأبدع عماد عمارة في عرض "دبك الطبل" الذي قدمته الفرقة الوطنية للفنون الشعبية الذي استحضر خطوات ضاربة في التاريخ ومزجت بإيقاعات موسيقية متجددة، ليكون التراث مناسبة للعودة الى جماليات الماضي والاستمتاع بسحره، ليكون التراث حيّ ومتجدد.

 

المشاركة في هذا المقال