متخذا إجراءات عديدة منها تعطيل دستور 2021 وحلّ مجلس النواب، وذلك لزيادة تمتين سلطته التي بدأها يوم الثامن من ديسمبر الماضي بعد الإطاحة بحكم البعث في سوريا . كما تمّ الاعلان عن حل الفصائل المسلحة في البلاد، استعدادا لدمجها في المؤسسات الحكومية، في حين سيتولى الشرع تشكيل مجلس تشريعي مؤقت حتى يتم إعداد دستور جديد.
الجولاني الذي انضم الى تنظيم القاعدة بقيادة ابي مصعب الزرقاوي لم يكن نفسه يتوقع ان يصبح قائد احد اهم الدول المركزية في العالم العربي ، ولكن لعبة المصالح بين الدول الكبرى فرضته اليوم على سوريا والاقليم والمجتمع الدولي كلاعب رئيسي في المشهد الجديد في دمشق .
مع بداية الاحداث السورية عام 2011 عاد الشرع الى سوريا ليؤسس جبهة النصرة التي أصبحت في ما بعد هيئة تحرير الشام. وشكل عام 2013 مفترقا في حياته في صلب الحركات الإسلامية المتطرفة فاختار البقاء الى جانب زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، في وجه أبي بكر البغدادي، الذي سيصبح فيما بعد الزعيم المستقبلي لتنظيم ما يسمى داعش الارهابي .
فهناك اليوم محاولات لتقديمه كزعيم إسلامي "معتدل أو أقل تطرفا" وتنظيف سيرته "المتطرفة" وقد استقبل منذ وصوله الى الحكم عديد المسؤولين الأجانب .
أهم التوجهات الداخلية والخارجية
اما فيما يتعلق بالسياسات التي سيتخذها الجولاني فقد اكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إن بلاده ستعمل في سياستها الخارجية على خفض التوتر وإرساء السلام. حديث الشيباني جاء خلال فعاليات "مؤتمر إعلان انتصار الثورة السورية" بقصر الشعب الرئاسي بالعاصمة دمشق، وسط حضور موسع من الفصائل العسكرية وقوى الثورة السورية، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية "سانا".
وقال الشيباني: "نجحنا في رسم هوية سورية لائقة تعبر عن تطلعات شعبنا، وتؤسس لبلد يقوم على الحرية والعدل والكرامة، ويشعر فيه الجميع بحب الوطن والانتماء والبذل والتضحية".
وأضاف: "تنتهج سوريا في خضم هذه التحديات الحالية، سياسة خارجية هادفة ومتعددة الأبعاد، في سياق طمأنة الخارج وتوضيح الرؤية وكسب الأصدقاء وتمثيل شعبنا في الداخل والخارج".كما أشار إلى أن "الهدف الأساسي للسياسة السورية الخارجية هو المساهمة في خلق وضع إقليمي ودولي يتمتع بالتعاون المشترك والاحترام المتبادل والشراكات الاستراتيجية".
وأردف: "في المنطقة العربية على وجه الخصوص، تعاني منطقتنا من إرث مثقل بالنزاعات، وسنحاول في سياستنا الخارجية أن نعمل على خفض هذا التوتر وإرساء السلام، وصولا لأن تقود سوريا دورا فاعلا في ذلك المسعى".
الشيباني أكد أن بلاده تولي "أهمية خاصة لروابطها العربية، وتستمر في تعزيز علاقاتها مع الدول المجاورة، وتواصل مسيرتها بحزم وإصرار".
وتابع: "استطعنا بفضل الله تحقيق استثناءات بشأن العقوبات الأمريكية والأوروبية، وهذا بدوره سيعجّل حركة التعافي والنمو".والاثنين، أعلنت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، اتفاق وزراء خارجية الاتحاد على خارطة طريق لتخفيف العقوبات على سوريا.
وفي 7 جانفي الجاري، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا لمدة 6 أشهر، بهدف تسهيل استمرار الخدمات الأساسية في البلاد.
مخاوف الماضي وعبء الإرث السياسي
في مشهد سياسي متشابك ومعقد، جاء إعلان تنصيب أحمد الشرع رئيسا للمرحلة الانتقالية في سوريا ليضع البلاد أمام منعطف تاريخي جديد، تتداخل فيه التوافقات الداخلية بالحسابات الإقليمية والتحديات الهيكلية. وتبرز تساؤلات جوهرية حول مدى قدرة الحكومة الانتقالية على تحقيق الاستقرار وبناء دولة مؤسسات بعيدا عن التجاذبات الداخلية والضغوط الخارجية.
لا يمكن تجاهل الخلفية المثيرة للجدل لأحمد الشرع، الذي كان يعرف سابقا بـ"أبو محمد الجولاني" وقاد جماعات مسلحة، أبرزها "جبهة النصرة"، المرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي قبل أن ينفصل عنها في عام 2016. هذا الماضي يثير قلق العديد من الأطراف المحلية والدولية، خاصة أن المجتمع السوري يتطلع إلى مرحلة جديدة قائمة على حكم القانون والمؤسسات، وليس على النفوذ العسكري أو الإيديولوجي.على الرغم من أن الشرع سعى في السنوات الأخيرة إلى تقديم نفسه كقائد سياسي يسعى للاستقرار، فإن مسيرته لا تزال موضع جدل. فهل سيتمكن من تجاوز إرثه السابق وإقناع الداخل والخارج بقدرته على قيادة المرحلة الانتقالية بفعالية؟.
من هو الشرع ؟
أحمد الشرع، الذي كان عضوا سابقا في تنظيم القاعدة الارهابي، قاد جماعة "هيئة تحرير الشام".ووفق مراقبين ، لئن تُعد هذه الخطوات جزءا من جهود أوسع لإعادة بناء الدولة السورية وتوحيد الفصائل المسلحة تحت قيادة مركزية. كما تهدف إلى إنشاء جيش وطني جديد يمثل جميع مكونات المجتمع السوري. ومع ذلك، يواجه الشرع تحديات كبيرة، أبرزها تحقيق الاستقرار السياسي والأمني، وإعادة بناء البنية التحتية، وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.
من الجدير بالذكر أن الشرع كان قد انفصل عن تنظيم القاعدة في عام 2016، ومنذ ذلك الحين، سعى إلى تقديم نفسه كقائد براغماتي يهدف إلى تحقيق الاستقرار في سوريا. ومع ذلك، لا يزال ماضيه وعلاقاته السابقة تثير قلق بعض الأطراف الدولية والمحلية.
ويرى محللون أنّ تعيين أحمد الشرع رئيسا للمرحلة الانتقالية في سوريا يمثل نقطة تحول مصيرية في تاريخ البلاد.
تواجه الحكومة الانتقالية عدة تحديات كبرى في سوريا، أبرزها تشكيل مجلس تشريعي مؤقت. فوفقا للإعلان الرسمي، فإنّ الشرع مخوّل بتشكيل مجلس تشريعي مؤقّت يتولى مهامه إلى حين إقرار دستور جديد. لكن السؤال المطروح: هل سيعكس هذا المجلس تمثيلا حقيقيا لجميع المكونات السورية، أم سيبقى محصورا في الفصائل المتحالفة معه؟
ولتفكيك إرث النظام السابق، من القرارات الأولى التي تم اتخاذها حل البرلمان السابق وتعليق العمل بالدستور القائم. ثالثا إعادة توحيد القوى العسكرية، بعد سنوات من الحرب والفصائلية المسلحة.
رابعا إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، فوفق التقارير دولية خلفت الحرب دمارا هائلا في الاقتصاد السوري، ممّا يجعل أي حكومة انتقالية تحتاج إلى خطط واضحة لإعادة الإعمار وتحفيز الاقتصاد، فضلا عن تأمين الدعم الدولي لهذه الجهود.
الموقف الإقليمي والدولي
تلعب القوى الإقليمية والدولية دورا رئيسيا في مستقبل سوريا، ومن غير الواضح بعد كيف ستتعامل هذه الأطراف مع قيادة الشرع. فالولايات المتحدة وأوروبا لطالما كانت لديهما تحفظات على القوى الإسلامية المسلحة، بينما تراقب روسيا وإيران المشهد بحذر بعد سقوط الأسد. في المقابل، قد ترى بعض الدول الإقليمية في القيادة الجديدة فرصة للعب دور في المشهد الجديد.
إن نجاح أو فشل المرحلة الانتقالية في سوريا يعتمد على قدرة القيادة الجديدة على تجاوز الانقسامات الداخلية، وكسب ثقة الشعب السوري والمجتمع الدولي. و يخشى البعض أن يؤدي تواجد عسكري في الحكم إلى تعزيز النزعة السلطوية بدلا من بناء دولة ديمقراطية حقيقية.
أمير قطر يزور دمشق
زار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمس الخميس سوريا، وهي أول زيارة لرئيس عربي عقب سقوط نظام الأسد. وتتزامن مع شروع الإدارة السورية الجديدة في عملية انتقال سياسي، انطلقت أمس الأول الأربعاء بتعيين أحمد الشرع رئيسا مؤقتا.
وأفاد الديوان الأميري على منصة إكس بأن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وصل أمس الخميس إلى دمشق حيث استقبله الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، ليصبح بذلك أول رئيس عربي يزور سوريا بعد الإطاحة ببشار الأسد.
وناقشت الدوحة ودمشق "إطارا شاملا" لإعادة إعمار سوريا، كما أعلن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، وذلك خلال زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الخميس إلى البلاد، هي الأولى لرئيس دولة بعد حوالي شهرين من الإطاحة بالأسد.
وقال الشيباني خلال مؤتمر صحافي مع وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي "ناقشنا في اجتماعات اليوم إطارا شاملا للتعاون الثنائي فيما يتعلق بإعادة الإعمار".وأضاف "غطت مناقشاتنا قطاعات حيوية بما في ذلك البنية التحتية وضمان استعادة أسس المجتمع والاستثمار والخدمات المصرفية وتمهيد الطريق للتعافي الاقتصادي والصحة والتعليم".
وأعلن الوزير القطري من جهته أن بلاده سوف تستمر "في تقديم الدعم المطلوب على كافة الصعد الإنسانية والخدمية وأيضا فيما يتعلق بالبنية التحتية والكهرباء".وأضاف "مشاريعنا كثيرة وما تحدث به سمو الأمير مع فخامة الرئيس هي مجالات كثيرة: ما هو متصل بالجانب الإنساني وما هو متصل أيضا بالجانب التنموي والشراكة الثنائية الاقتصادية بين البلدين".ووصل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الخميس إلى دمشق غداة تعيين أحمد الشرع رئيسا انتقاليا.
وكتب الديوان الأميري القطري على إكس "سمو الأمير يصل إلى العاصمة دمشق في زيارة رسمية إلى الجمهورية العربية السورية الشقيقة، وفي مقدمة مستقبليه أحمد الشرع رئيس الجمهورية العربية السورية".
وأمير قطر هو أول رئيس دولة يزور دمشق منذ أن أطاح تحالف فصائل مسلّحة على رأسها هيئة تحرير الشام ذات التوجه الإسلامي، ببشار الأسد في 8 ديسمبر.
وأكّدت السفارة السورية في قطر في وقت سابق وفق "فرانس براس" أنّ الأمير سوف يلتقي أحمد الشرع خلال "زيارة تاريخية تتناول التعاون والدعم في قطاعات عدة".
تأتي الزيارة غداة سلسلة قرارات واسعة النطاق اتخذتها السلطات الجديدة، تشمل حلّ كل الفصائل المسلحة ومن بينها هيئة تحرير الشام التي كان يتزعمها الشرع، إضافة إلى الجيش والأجهزة الأمنية القائمة في العهد السابق، وإلغاء العمل بالدستور وحلّ مجلس الشعب وحزب البعث الذي حكم البلاد على مدى عقود.
ورحّب الوزير القطري أمس الخميس بهذه الإجراءات. وقال "نشكركم على الإعلان الذي قمتم به البارحة بانتهاء مرحلة الثورة والانتقال إلى مرحلة تأسيس الدولة".
دعم اقتصادي
وكان رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني الذي زار دمشق منتصف جانفي، أعلن أن بلاده ستقدّم الدعم الفني اللازم "لإعادة تشغيل البنى التحتية اللازمة" في سوريا.
وقال إن قطر ستوفّر لسوريا 200 ميغاواط من الكهرباء على أن تزيد الإنتاج تدريجا.وبحسب مصدر دبلوماسي في الدوحة، فإن قطر تدرس خططا مع دمشق لتوفير أموال لزيادة أجور القطاع العام في سوريا.وإثر وصول السلطة الجديدة إلى دمشق بقيادة أحمد الشرع بعد الإطاحة بالأسد، كانت قطر ثاني دولة بعد تركيا أعادت فتح سفارتها في دمشق.
وأغلقت الدوحة بعثتها الدبلوماسية في دمشق واستدعت سفيرها في جويلية 2011، بعد أشهر من اندلاع حركة احتجاجية ضد الأسد تحوّلت إلى نزاع دامٍ بعدما واجهتها السلطات بالقمع. وشكلت قطر داعما رئيسا للمعارضة السياسية والعسكرية في سوريا خلال فترة النزاع الذي اندلع في العام 2011.
وأجرى وزير الخارجية السوري الجديد أسعد الشيباني زيارة إلى الدوحة مطلع جانفي التقى خلالها رئيس الوزراء القطري.ويعدّ أمير قطر أرفع مسؤول يزور دمشق منذ وصول السلطة الجديدة إلى الحكم.
لكن دمشق شهدت حركة دبلوماسية نشطة في الأسابيع الأخيرة، حيث توالت الزيارات من موفدين غربيين، مثل وزير الخارجية الفرنسي والتركي ووزيرة الخارجية الألمانية، إضافة إلى موفدين عرب للقاء الشرع.واستقبل الشرع هذا الأسبوع وفدا من موسكو التي كانت حليفا وثيقا للأسد.واستأنفت الخطوط الجوية القطرية في وقت سابق من جانفي أولى رحلاتها إلى مطار دمشق.وكانت قطر،عرضت المساعدة "لاستئناف" مطار دمشق عملياته و"ضمان صيانته خلال المرحلة الانتقالية"، وفق ما أفاد مسؤول قطري وكالة فرانس براس الشهر الماضي.