جنوب لبنان على صفيح ساخن .. بين التهدئة والتصعيد: الاحتلال يتحدى الهدنة ومخاوف من اشتعال الحرب مُجدّدا

تتصاعد المخاوف من تصعيد جديد في جنوب لبنان مع "إسرائيل" خاصة بعد انتهاء مهلة الستين يوما

دون ان ينفذ الاحتلال كل بنود اتفاق وقف اطلاق النار الذي تم برعاية أمريكية . واليوم يتعرض الجنوبيون العائدون الى قراهم وبلداتهم لتهديدات صهيونية تجعل الجنوب مقبل على مرحلة من التحديات قد تهدّد الهدنة برمتها وتعيد اشعال الحرب مجددا .

وقد حذر أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم في خطاب له بان المقاومة لن تقبل ببقاء قوات الاحتلال يوما إضافيا وذلك على خلفية الحديث عن إمكانيات تمديد نتنياهو بقاء جنوده في لبنان .
تُثير الخروقات الإسرائيلية المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان مخاوف جدية بشأن احتمال تجدد النزاع المسلح بين إسرائيل و"حزب الله". فمنذ بدء سريان الهدنة في 27 نوفمبر 2024، سُجلت مئات الخروقات الإسرائيلية خلال الفترة الأخيرة، وفقا لرئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي. تشمل هذه الخروقات غارات جوية وقصفا مدفعيا استهدف مناطق عدة في جنوب لبنان، ما أدى إلى سقوط جرحى بين المدنيين. على سبيل المثال، استهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية شاحنة صغيرة في النبطية الفوقا، مما أسفر عن إصابة 14 شخصا.
يذكر أنه تم الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 26 نوفمبر الماضي. وبدأ تنفيذ وقف إطلاق النار فجر اليوم التالي. وتخرق إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار منذ دخوله حيز التنفيذ بشكل يومي. وينص الاتفاق على انتشار الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية في منطقة جنوب لبنان، وسحب إسرائيل قواتها تدريجيا من الجنوب باتجاه الخط الأزرق الحدودي مع إسرائيل خلال فترة تصل إلى 60 يوما. وبعد نهاية الستين يوما، تم الاتفاق على تمديد الهدنة حتى 18 فيفري المقبل.
هذه التطورات تضع اتفاق وقف إطلاق النار على المحك، خاصة مع استمرار التوترات على الحدود. يذكر أن الاتفاق الذي تم بوساطة الولايات المتحدة وفرنسا ينصّ على وقف العنف لمدة 60 يوما، مع انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من جنوب لبنان وانتشار الجيش اللبناني في المناطق المحررة.
ويرى بعض المحللين أن "حزب الله" قد يكون حريصا على الحفاظ على الهدنة لإعادة ترتيب بيته الداخلي، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي المتردي في لبنان. من جهة أخرى، قد تدفع الحسابات السياسية الداخلية في "إسرائيل"، خاصة تلك المتعلقة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى تقويض وقف إطلاق النار إذا رأى في ذلك مكاسب سياسية له بما يضمن له تجاوز الضغوطات الممارسة عليه بعد فشله في غزة والذي أثار ضدّه موجة غضب شعبية .
ووفق تقارير فإنّ الذريعة التي تسوقها وتزعمها "إسرائيل" لتبرير هذه الخروقات هي عدم تطبيق لبنان الكامل لبنود القرار 1701، خاصة فيما يتعلق بإبعاد "حزب الله" شمال نهر الليطاني وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. إلا أن هذا التبرير يتجاهل حقيقة أن البطء في انتشار الجيش اللبناني يعود بالأساس إلى التلكؤ الإسرائيلي في الانسحاب من المناطق المحتلة في الجنوب.
هذه الانتهاكات المستمرة لا تهدد فقط استقرار لبنان، بل تضع مصداقية الضامنين الدوليين، كالولايات المتحدة وفرنسا، على المحك. فإسرائيل، بتجاوزها مهلة الـ60 يوما المنصوص عليها في الاتفاق، تتحدى الإرادة الدولية وتختبر صبر الأطراف المعنية . ويرى محللون أن استمرار هذه الخروقات دون رادع يضع المنطقة أمام سيناريوهات خطيرة، قد تصل إلى مواجهة عسكرية جديدة لا تحمد عقباها.
تحديات كبرى
على صعيد متصل تواجه عملية تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة صعوبات وتحديات جمّة، تتجاوز مجرد توزيع الحقائب الوزارية لتصل إلى صراع القوى السياسية حول النفوذ والتأثير في صنع القرار. ومع تأكيد رئيس الحكومة المكلف، نواف سلام، أنه لم يتم حسم الأسماء أو الحقائب بعد، يتضح أن المشهد السياسي في لبنان يعكس تعقيدات واسعة تتعلق بموازين القوى بين مختلف الأطراف.
من أبرز التحديات التي تواجه تشكيل الحكومة هو تمسك رئيس مجلس النواب نبيه بري بحقيبة وزارة المال. تاريخيا تعتبر هذه الوزارة واحدة من أهم الوزارات في لبنان، حيث تتحكم في السياسات المالية والاقتصادية التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر. وهو ما يعكس رغبة جميع الأطراف في الحفاظ على دوره المؤثر في مفاصل الدولة، خصوصا في ظل الأزمات الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان.
على الرغم من التحديات السياسية، يبقى التحدي الأكبر أمام الحكومة الجديدة هو معالجة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها لبنان. في الوقت الذي يتطلع فيه اللبنانيون إلى حكومة قادرة على تقديم حلول اقتصادية عاجلة، يظل الوضع السياسي المتأزم عائقا رئيسيا أمام أي خطوات فعالة نحو الإصلاح.
التصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومة المكلف نواف سلام، أنّ التشكيلة الحكومية قد تصدر الأسبوع المقبل، تشير إلى أنّ المفاوضات قد تقترب من الحسم، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن التحديات ستنتهي بمجرد الإعلان عن الحكومة. إذ لا تزال هناك العديد من الملفات العالقة التي تتطلب توافقات معقدة بين جميع الأطراف.
ويرى مراقبون أنه إذا تمّ الإعلان عن تشكيل الحكومة في الأيام القادمة، فإنها ستكون أمام اختبار صعب في ظل هذه التحديات. إذ يحتاج لبنان إلى اتخاذ قرارات جريئة على الصعيدين الاقتصادي وعلى صعيد الإصلاحات السياسية أيضا. إذ تبقى الأنظار مشدودة إلى جلسات المفاوضات المقبلة، حيث يترقب اللبنانيون أي مؤشر إيجابي نحو تشكيل حكومة تلبي تطلعاتهم في ظل أزمات متعددة على مختلف الأصعدة.
توتر ومخاوف
تتزامن التهديدات الإسرائيلية الأخيرة مع تطورات أمنية متلاحقة على الحدود اللبنانية الجنوبية. ففي الفترة الأخيرة، كثرت الخروقات من جانب الجيش الإسرائيلي. هذه الخروقات، التي تراوحت بين إطلاق النار وقصف مدفعي وغارات، تمثل مؤشرات على أن التوترات قد تنفجر في أي لحظة.
ويرى مراقبون أن التساؤلات حول نوايا إسرائيل في البقاء في جنوب لبنان لا تأتي من فراغ. فالمخاوف من أن أي اشتباك عسكري صغير قد يؤدي إلى تصعيد كبير.ووفق محللين قد تلجأ إسرائيل إلى خيارات أخرى، مثل استمرار العمل الاستخباراتي والعمليات العسكرية المحدودة في محاولة لاحتواء تهديد حزب الله دون الحاجة لخوض حرب واسعة. لكن في ظل سياسة الردع التي يتبناها حزب الله، فإن أي تصعيد قد يتحول بسرعة إلى مواجهة عسكرية شاملة.
تهدئة أم تصعيد؟
يسعى المجتمع الدولي إلى تجنب التصعيد بين إسرائيل وحزب الله، خاصة في ظل الأوضاع المضطربة في المنطقة. ولكن في ظل غياب أي أفق سياسي للحل، سيظل النزاع العسكري على الحدود الجنوبية احتمالا قائما.
قد تكون المعركة على الحدود اللبنانية الجنوبية على شفا الانفجار في أي لحظة. السؤال الأهم هو مدى قدرة الأطراف على ضبط النفس والبحث عن حلول سياسية، بعيدا عن التصعيد العسكري الذي قد يؤدي إلى حرب جديدة. في هذه اللحظة الحاسمة، يبقى الخيار مفتوحا بين التهدئة، والتي تبدو صعبة في ظل الأوضاع الحالية، أو التصعيد، الذي قد يعيد إشعال النزاع في المنطقة مرة أخرى.
ميدانيا أصيب خمسة لبنانيين بجروح متفاوتة، أمس الأربعاء، بنيران مسيرة إسرائيلية مع مواصلة خروقات تل أبيب لوقف إطلاق النار في لبنان، رغم تمديد الاتفاق، بالتزامن مع عودة النازحين إلى قراهم بمنطقة الجنوب الحدودية.
وأعلن البيت الأبيض تمديد ترتيبات اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل حتى 18 فيفري المقبل، وبدء محادثات بوساطة أمريكية بشأن إعادة الأسرى اللبنانيين المحتجزين بعد 7 أكتوبر 2023.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية في بيان أمس، أنّ "اعتداء العدو الإسرائيلي بمسيرة اليوم على الأهالي في بلدة مجدل سلم جنوب لبنان، أدى إلى إصابة خمسة منهم بجروح".وأوردت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، أن الجيش الإسرائيلي نفذ عملية نسف جديدة في بلدة كفركلا جنوب لبنان، "سمع صداها في أنحاء المنطقة.. كما ألقت مسيّرة معادية قنابل على بلدة بني حيان“.
ولفتت إلى أنّ "آلية إسرائيلية معادية تقدمت في اتجاه طريق بلدة الطيبة - القنطرة قرب مقهى الشلال، وأطلقت النار في الهواء ترهيبا“.وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية، في بيانات متتالية أن حصيلة الاعتداءات الإسرائيلية منذ الأحد بلغت 26 قتيلا، بينهم 6 نساء، و201 جريحا بينهم 14 امرأة و12 طفلا.
ومنذ فجر الأحد، بدأ لبنانيون التوافد إلى قراهم التي هُجّروا منها بسبب العدوان الإسرائيلي، بالتزامن مع انتهاء مهلة الستين يوما التي كان على الجيش الإسرائيلي أن ينسحب بحلولها من جنوب لبنان.
لكن تمسك ''إسرائيل'' بعدم إتمام الانسحاب بحسب الاتفاق وإطلاق جيشها النار على العائدين، أسفر عن عشرات الشهداء والجرحى.وبدأ في 27 نوفمبر 2024، وقف لإطلاق النار أنهى قصفا متبادلا بين الجيش و"حزب الله" بدأ في 8 أكتوبر 2023، وتحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر الماضي.وإجمالا، ارتكب الجيش الإسرائيلي ما لا يقل عن 670 خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان منذ سريانه، ما أسفر عن عشرات القتلى والجرحى.
وندد رئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي بالضربتين الإسرائيليتين على جنوب لبنان وقال إنهما تشكلان "انتهاكا إضافيا للسيادة اللبنانية وخرقا فاضحا لترتيب وقف إطلاق النار". وقال بيان صادر عن مكتب ميقاتي أنه أجرى اتصالا برئيس لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الأمريكي جاسبر جيفرز وطالبه "باتخاذ موقف حازم لضمان تنفيذ إسرائيل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي".

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115