التي تقام في الدنمارك والنرويج وكرواتيا بعد أن اكتفى بدور رئيسي بلغه بشق الأنفس وبفوز صعب كان على حساب الجار المنتخب الجزائري الذي استحق التأهل أكثر، حصيلة سيئة ومردود كان بمثابة "الكارثة" لمنتخب في قيمته أكد مجددا عجزه وعمق المشاكل الموجودة فيه والتراجع الكبير المسجل على كل المستويات فالسقوط كان مذلا بالنظر إلى الهزائم التي انقاد لها أمام منتخبات باستثناء الدنمارك وألمانيا لا تملك تقاليد في كرة اليد كان في وقت غير بعيد يتجاوزها بفارق عريض ويمر.
أضاف المنتخب الوطني خيبة أمل أخرى إلى رصيده وخرج من هذا المونديال جارا لحصيلة سيتطلب الكثير من الوقت ليتخلص من تبعاتها، فما قدمه لم يرق إلى مستوى انتظارات الجميع بل زاد الطين بلّة وعقد الوضع أكثر وربما لو غادر منذ الدور الأول لكان أرحم بالنسبة له وللجيل الموجود في صفوفه الذي سيحتاج الكثير من الوقت ليتجاوز ظهوره الباهت في هذه المشاركة التي كان من المفروض أن تفتح الباب أمام اكثر من لاعب نحو تجربة احترافية هامة في مسيرته مثل ما كان الحال سابقا.
لن يشفع المرور إلى الدور الرئيسي للمنتخب وكل طرف سيكون مجبرا على تحمل المسؤولية كاملة تجاه النتائج الحاصلة من لاعبين وإطار فني وخاصة جامعة لم تول الأمر الأهمية اللازمة في أكثر من اختيار، الحصيلة في حد ذاتها مخجلة لكرة اليد التونسية التي تعيش تراجعا رهيبا وغير مسبوق في السنوات الأخيرة بعد أن كانت في وقت غير بعيد تحظى بمكانة كبيرة بين أبرز منتخبات العالم وتنافس دائما على الأفضل وتترك الإنطباع الطيب في كل مسابقة تخوضها.. وهذا التراجع كان بسبب استهتار أكثر من مكتب جامعي متعاقب وضع مصلحته الخاصة فوق كل اعتبار وانشغل بصراعات داخلية من أجل البقاء لأطول فترة ممكنة في "السلطة" في الوقت الذي كان لا بد من انتشال المنتخبات الوطنية من الفراغ الذي تعيشه فجميعها تعرف انتكاسة في كافة الأصناف دون استثناء وخسائها كبيرة تحتاج سنوات للنهوض من تحت أنقاضها.
لا يمكن أن تمرّ هذه المشاركة في المونديال كسابقاتها دون محاسبة لكل الأطراف دون استثناء والطرف العاجز عن تقديم الإضافة لا بد أن يغادر في أقرب وقت ممكن فلا مكان له في المجموعة، فالمنتخب كان بإمكانه تحقيق نتائج طيبة بما أن القرعة أنصفته في الدورين الأول عندما وضعته إلى جانب الجزائر ومنتخب ايطالي شارك للمرة الثانية في تاريخه والثاني عندما واجه التشيك وسويسرا اللذان لا يملكان تقاليد كبيرة وبالإمكان تجاوزهما دون صعوبة.. سلطة الإشراف لا بد أن تدلي بدلوها بخصوص النتائج الحاصلة وتحاسب كل من كان سببا في الظهور المخجل لكرة اليد التونسية في هذا المونديال فالأمر يتعلق بمنتخب وطني خصصت نفاقت كبيرة لتكوين لاعبيه ولتحضيراته سواء في هذا المونديال وما قبله "الكان" التي كانت الخسارة حاضرة فيها أيضا.
مستوى البطولة والفريق الواحد من الأسباب
لن يكون بالإمكان النهوض بالمنتخب وتحقيق نتائج طيبة مثل ما كان سابقا ما لم يتحسن مستوى البطولة وتكون هناك منافسة بين جميع فرقها دون استثناء، فاليوم هناك سيطرة أحادية كلفت المنتخب غاليا وجعلته عاجزا عن تحقيق أبسط الأهداف ومازالت ستتواصل ما لم يكن هناك تغيير بخصوص قانون انتقال اللاعبين فاستقطاب فريق دون سواه لأبرزهم زاد الطين بلة.. الفرق المكونة تعرف تراجعا كبيرا وتدافع عن وجودها بصعوبة وان لم تجد السبل للانقاذ فإن ذلك سيكون له انعكاسه السلبي على كل المنتخبات دون استثناء فالعودة إلى التكوين واعطائه الأهم اللازمة ضرورة.
يوجد أكثر من إشكال لا بد من حله للنهوض بكرة اليد التونسية وأوله مراجعة ملف احتراف اللاعبين في البطولات الخليجية التي يبقى مستواها بعيدا كل البعد عن ما هو موجود في أوروبا ان أرادت الجامعة عودة المنتخب إلى مستواه المعهود، الجيل الحالي لن يذهب بعيدا مستقبلا ما لم يسر على خطى جيل وسام حمام وعصام تاج وهيكل مقنم وأنور عياد وسليم الهدوي ومحمود الغربي وغيرهم وأيضا جيل مصباح الصانعي وأمين بنور ووائل جلوز وتكون له تجارب عديدة في أندية أوروبية مثل ما هو الحال مع لاعبي مصر الذين بلغوا العالمية بحسن اختياراتهم وبسبب الاستراتيجية الناجحة من جامعتهم وكل الأطراف المحيطين بهم واللحاق بركبهم سيكون المهمة المستحيلة في حالت ظلت "دار لقمان" على حالها ولم تكن هناك إرادة قوية للتغيير.
إطار فني بعيد عن المستوى
لم تفلح الجامعة في أكثر من ملف إلى حد الآن بما في ذلك الإطار الفني الذي كان خيارا خاطئا ولم يتماشى مع المرحلة الحالية مثل ما كان مع سابقه الفرنسي باتريك كازال الذي فشل في المهمة ولم يقدم أية إضافة، ومحمد علي الصغير ورغم معرفته بالمجموعة باعتباره درب منتخب الأواسط وحقق معه نتائج طيبة إلا أنه كان غير قادر على توجيهها وإعدادها كما يجب وهذا ما ظهر في المباريات التي خاضها المنتخب إلى حد الآن في هذا المونديال فهو لم يعرف كيف يتعامل مع مجرياتها وخياراته كانت خاطئة والتغييرات ليست في محلها والواجب يقتضي أن يغادر ويكون هناك مدرب أكثر جرأة قادر على اعادة بناء المنتخب مدام هناك متسع من الوقت قبل "كان" 2026.
لا بد اليوم من أن يكون هناك مدرب أكثر جرأة وخبرة على رأس الإطار الفني للمنتخب من أجل إعداد الجيل الموجود فيه كما يجب وأيضا الإشراف على الأصاغر والأواسط اللذان يمثلان المستقبل له ولكرة اليد التونسية على حد السواء، فالمهمة جسيمة وتتطلب خيارا صائبا ومسؤولا للنهوض بـ"اليد" التونسية.
سبق لأكثر من مدرب تونسي ان نجح مع المنتخب لكن المقارنة لا تجوز مع ما هو متوفر اليوم فالأمر مازال يحتاج الكثير من العمل والخبرة.
المراجعة مطلوبة
لا بد اليوم من مراجعة جذرية وصارمة لملف المنتخب وتحديد المسؤوليات فيه للخروج به سريعا من دوامة الفراغ الموجود فيها وتجاوز تراكمات المواسم الأخيرة والشروع مبكرا في إعادة البناء حتى لا تكون هناك انتكاسة أخرى مستقبلا وسقوط مذل أكثر مما هو حاصل، فأول استحقاق قادم هو "الكان" التي ستكون فيها المهمة صعبة في ظل ما هو موجود في منتخب مصر حاليا ولا بد من الإعداد لها منذ الآن لتجنب خيبة أمل جديدة لكرة اليد التونسية هي في غنى عنها وهذا يظل رهين تغييرات جذرية وقرارات جريئة حينية لا تنتظر التأجيل أكثر.