أن "اتفاق وقف إطلاق النار الأخير قد يسهم بشكل كبير في تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، خاصة بعد الحرب الوحشية التي خاضتها سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 15 شهرا دمرت خلالها قوات الاحتلال أكثر من 360 ألف وحدة سكنية، وأدت إلى مقتل وجرح مايقارب الـ200 ألف ". وتابع عبد القادر أن هذا الاتفاق، إن تم تطبيقه بشكل فعلي، سيعني انسحاب "إسرائيل" من غزة، وهو ما سيمكن الفلسطينيين من العودة إلى منازلهم بعد تهجيرهم قسريا.
كيف ترون تأثير هذا الاتفاق على الواقع الميداني في غزة؟ هل سيخفف من معاناة الشعب الفلسطيني؟
الاتفاق سيخفف الكثير من معاناة الشعب الفلسطيني ، هذه الحرب هي أطول حرب تخوضها سلطات الإحتلال ضد شعبنا ولم تنتصر فيها . هي حرب وحشيّة بكل ما تحمله الكلمة من معاني .حيث ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلية حرب إبادة متكاملة الأركان دمرت خلالها أكثر من 360 ألف وحدة سكنية وقتلت وجرحت مايقارب 200 ألف فلسطيني من بينهم 47 ألف شهيد و110 آلاف جريح وأكثر من 20 إلى 25 ألف مفقود . هذه المعاناة كبيرة جدا حيث أجبرت قوات الإحتلال بالحرب والتدمير 90 بالمائة من الفلسطينيين في غزة على التهجير إلى منطقة ضيقة في جنوب غزة .بالإضافة إلى ذلك حرمت الشعب الفلسطيني من كل مقوّمات الحياة سواء الغذاء أو الماء أو الغاز والأدوية والوقود ، دمّرت المستشفيات والمدارس والجامعات وكل شيء يمت بصلة إلى مقومات الحياة .
هذه الحرب وحين إنهاءها ،وكما نص الاتفاق ، فإنّ "إسرائيل" ستنسحب من غزة وسيعود أهل غزة الذين تمّ تهجيرهم . هذا سيخفّف بشكل كبير من معاناة الشعب الفلسطيني ، وطبعا هذا الوضع أك د للعالم أنّ الشعب الفلسطيني قاوم وصمد وحارب التهجير رغم المرارة ورغم القتل والتدمير . ستنتهي هذه الحرب والشعب الفلسطيني لم يرفع الراية البيضاء بل استمرّ ولم يخضع ولم يستسلم وبقي رغم إمكانياته الضعيفة يحارب ويقاتل رغم قوة "إسرائيل" المدعومة ماليا وعسكريا واقتصاديا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا ..ففي الحقيقة الشعب الفلسطيني كان يقاتل هذه الدول جمعاء لا فقط الاحتلال الإسرائيلي.
هل تعتقدون أنّ هذا الاتفاق هو بداية حقيقية لنهاية الحرب، أم أنه مُجرّد فترة هدنة مؤقتة ؟
نحن نعلم أنّ "إسرائيل" بيمينها المتطرف وبمبادئ الصهيونية التي أقامت إسرائيل منذ أن وُجدت الصهيونية في أوربا وانتقلت وهجّرت اليهود ضمن مفهوم أن أوروبا تقتل اليهود وتعاملهم بشكل سيئ جدا ، فضمن هذين المفهومين وضمن شعار أنهم وجدوا في فلسطين من أجل أن يبقوا هناك ويقيموا دولة تمثل اليهود في كل العالم . وصل التطرّف في هذا الكيان من قبل اليهود الصهاينة إلى حدّ أنهم يحاربون حربا وجودية بمعنى إما نحن أو الفلسطينيين . فمن ضمن آمالهم وأحلامهم وسياساتهم وبرامجهم طرد الشعب الفلسطيني من أرضه، والحرب الأخيرة دليل على ذلك أنهم كانوا يقتلون دون تمييز مابين الطفل والمرأة وكبار السن والعزل والضعيف الموجود في المستشفى وفي بيوتهم ممّا جعلها حرب إبادة كاملة الأركان .
هذا الاتفاق هو عبارة عن هدنة بالنسبة لهم وممكن أن يعودوا إلى نفس الكرة لأنّ لديهم أحلام توسعية وأن يكونوا اليد الكبرى في فلسطين التاريخية .واعتقد أنّ ترامب عندما أجبرهم على القبول في الاتفاق الأخير على وقف الحرب كان هناك بعض الضمانات السرية لنتنياهو وحلفاءه اليمنيين بأنه سيدعمهم كما دعمهم في السابق عندما أعلن القدس عاصمة مزعومة لإسرائيل وأغلق السفارة الفلسطينية في واشنطن وعندما هوّد الجولان ووافق أن تكون المستوطنات جزءا لا يتجزأ من إسرائيل وقال أنها يجب أن تتوسّع ودعم كل ذلك باتفاقيات ومعاهدات أبراهام التي كانت نوعا من التطبيع بين "إسرائيل" وبعض الدول العربية . تطمينات ترامب القادمة أكد فيها أنه مع حقّ ''إسرائيل'' في التوسع وأنه يشرعن الإحتلال ويضعف الفلسطينيين والقيادة الفلسطينية بحيث يُنهي حلم الفلسطينيين بدولة مستقلة ووجود هامشي معنوي لا أساس استقلالي له .
هذا الاتفاق مجرّد وقفة في تاريخ "إسرائيل" وكلنا يشهد على ماقام به الإحتلال في السابق وهو اتفاقيات أوسلو التي وُثقت في البيت الأبيض بين الرئيس الأمريكي بيل كلينتون والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ، بعد ذلك قامت واشنطن باستدعاء عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود باراك لكن إسرائيل لم تلتزم بأية التزامات في اتفاق أوسلو ومحادثات واي ريفير . فإسرائيل دوما تسعى لانتزاع التنازلات من الشعب الفلسطيني .
كيف ترون الدور الدولي في دعم هذا الاتفاق؟
اعتقد أنّ هذه الحرب بينت وجه إسرائيل الحقيقي ومدى الدعم غير المشروط من الولايات المتحدة الأمريكية ومن بريطانيا وألمانيا ماليا ولوجستيا وفي الإعلام العالمي عبر نشر سردية مزعومة أنّ "إسرائيل" لها الحقّ في الدفاع عن أمنها وحقوقها . أعتقد أنّ بقية دول العالم بدأوا يدركون أنّ "إسرائيل" هي كيان عكس ماتدعيه من ديمقراطية لكنها تعيث في الأرض تدميرا وخرابا وحروب إبادة .
اعتقد أنّ هذا التناقض بين دعم هذه الدول الثلاث وبين واقع أنّ إسرائيل تمارس أقصى درجات الحرب عنفا ودموية التي بدأ العالم يتكشفها . كل العالم اليوم بدأ يطور من إيجابيته تجاه فلسطين والقضية الفلسطينية والدليل على ذلك ماتتخذه الأمم المتحدة من قرارات مُوافق عليها في غالبيتها من كل دول العالم ماعدى أمريكا وبريطانيا وألمانيا وعدد آخر من الدول الصغيرة الأخرى غير المؤثرة .
هذا الاتفاق سيدعم من دول العالم ولكن يجب أن نعترف بالحقيقة أن أمريكا هي الأقوى وهي التي تؤثر على كل مجريات الساحة الدولية وماتريده تفرضه سواء بالقوة السياسية أو العسكرية أو المحادثية أو الاقتصادية أو المالية . ففي النهاية رغم أن العالم بدأ يتحول لمساندة الشعب الفلسطيني لكن واشنطن هي النافذة الأكبر في هذا الشيء .
كيف ترون سياسة ترامب القادمة تجاه القضية الفلسطينية وتجاه الحرب في غزة مع قرب تنصيبه ؟
كلنا يعرف أن ترامب في فترة حكمه الأولى قدم لإسرائيل ما لم يقدر أي رئيس أمريكي قبله على تقديمه ، فالرئاسات الأمريكية السابقة كانت تتغنى بدعم حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولة مستقلة على حدود السابع من جوان 1967 وتعويض الفلسطينيين الذين هُجّروا . ترامب تجرّأ على تقديم الكثير للكيان الصهيوني من إغلاق السفارة الفلسطينية في واشنطن إلى إعلان القدس عاصمة لإسرائيل وتهويد الجولان والاعتراف بأن كل المستوطنات المنتشرة في كل أنحاء الضفة الغربية هي جزء لا يتجزأ من إسرائيل .
ترامب عمل بشكل دؤوب على إجبار بعض الدول العربية على التطبيع مع الإحتلال دون مقابل . الآن في هذه المرحلة ترامب سيكون أكثر عنفا في سياسته تجاه فلسطين ودول المنطقة فخلال حملته الانتخابية قال أن "إسرائيل" لها الحق في الاتساع وأيضا أكد حرصه على أن تكون اتفاقيات ابراهام تشمل كل الدول العربية وخاصة المملكة العربية السعودية لأهمية مكانتها في العالم العربي.