ولا فضل لطائفة على أخرى ولا ميزة لمواطن على آخر وسيكون عهد تطبيق القوانين ،انه عهد لبنان " ...بهذه الكلمات بدأ رئيس الجمهورية الجديد للبنان جوزيف عون عهده بعد أن تم انتخابه امس في جلسة برلمانية استثنائية بـ 99 صوتا في الدورة الأولى . فمن عمق الأزمات وأوجاع اللبنانيين ومن صميم الضغوطات الداخلية والخارجية يأتي العماد عون ليعلن انطلاق مرحلة جديدة في بلد الأرز .
وركز في كلمته على أوضاع الجنوب اللبناني وحاجة لبنان الى التهدئة لحماية حدوده من التغيرات التي تشهدها المنطقة وتتغير فيها المعادلات والحدود .
وتعهد بإقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية وممارسة الحياد الإيجابي وحل مشكلة النازحين وإعادة اعمار الضاحية وبيروت وجنوب لبنان .
ولا يخفى ان انتخاب عون جاء بشبه توافق داخلي لينال الأصوات المطلوبة . فقد كان حزب الله يدفع باتجاه انتخاب مرشحه سليمان فرنجية ولكن فرضت المرحلة انتخاب رئيس توافقي لحماية لبنان من الزلزال الجيوسياسي الإقليمي . واكد عون في كلمته على ان لبنان كان وسيظل عربي الهوية والانتماء متعهدا بالحفاظ على الدستور وسيادة لبنان وسلامة أراضيه .
وكان عون نال في الدورة الأولى من الاقتراع تأييد 71 نائبا من إجمالي عدد النواب البالغ 128 الذين شاركوا في العملية الانتخابية، فيما يفترض أن يحصل المرشح على أكثرية الثلثين أي 86 صوتا، ليصبح رئيسا.
كما تعهد عون في خطاب القسم بالحفاظ على وحدة لبنان وحدوده وحماية ترابه . واكد على أهمية تفعيل علاقات لبنان مع الدول والمجتمع الدولي على قاعدة الاحترام المتبادل .
يشار الى ان انتخاب عون جاء بعد جدل بشأن دستورية انتخابه بالنظر الى ان الدستور اللبناني يحظّر انتخاب أي موظف من الفئة الأولى للرئاسة وهو في الخدمة. كما عبّر البعض عن الاستياء من ان يطرح اسم عون من جانب الدول الأجنبية. وكان حزب الله وحلفاؤه يعارضون انتخاب عون لكن يبدو ان هناك ضغوطات مورست لكي يتم التصويت لصالح عون لكسر حلقة الفراغ التي تستغلها إسرائيل للبقاء في جنوب لبنان . وقد صرح امس رئيس كتلة حزب الله في البرلمان بان المقاومة هي التي حمت لبنان ليصبح هذا المكان أي البرلمان امنا ليتم انتخاب رئيس جديد للبنان وقال :" شهداؤنا الذين قدمناهم دفاعا عن السيادة الوطنية حقهم علينا وعوائلهم وعوائل الجرحى ان نخدمهم ونرعى مصالحهم ونحميهم من كل تآمر خارجي يريد الطعن بموقعهم وبقوتهم ويريد ان يفرض عليهم بالقوة الهزيمة حتى يتسلق المتطفلون من اجل ان يتحكموا بإرادة هؤلاء الناس ". واجاب :"نحن حماة حقيقيون للناس وبذلنا دماء زكية . وقال ان حزب الله هو راعي التوافق اللبناني وسيبقى وفيا لأهله على اختلاف طوائفه ليحفظ لبنان ليكون منارة في هذا الشرق . ودعا نواب الحزب للتكاتف لمنع التدخلات الخارجية في حكم لبنان وتنظيم اموره .
يشار ان نواب الثنائي الشيعي في لبنان أي حركة امل وحزب الله امتنعوا في الدورة الأولى عن التصويت لعون ليعيدوا انتخابه في الدورة الثانية التي انعقدت بعد ظهر امس . وبعثوا ذلك برسالة لقائد الجيش بان أصواتهم هي من صنعت الفارق ليحصل على ثلثي أصوات النواب ويصبح رئيسا .
ووفقًا للدستور اللبناني، تنصّ المادة 49 على أنه يُمنع انتخاب موظفي الفئة الأولى، مثل قائد الجيش، خلال مدة قيامهم بوظيفتهم، بالإضافة إلى السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعليًا عن وظيفتهم. ويستند أيضًا قانون الانتخاب بالنسبة للعسكريين إلى شرط مرور 6 أشهر على تركهم الخدمة قبل الترشح لأي منصب سياسي.
وكل المؤشرات كانت تؤكد بان لبنان سيشهد انتخاب رئيس جديد له امس وبان الدخان الأبيض سيخرج من قبة البرلمان ، خاصة ان الرجل يحظى بدعم عدد من الدول الإقليمية والدولية التي تضغط من اجل تنفيذ بنود اتفاق وقف اطلاق النار مع الاحتلال الصهيوني . وتشترط الهدنة ان يسحب حزب الله قواته إلى شمال نهر الليطاني الواقع على بُعد قرابة ثلاثين كيلومترا من الحدود، وأن يفكّك أيّ بنية تحتية عسكرية فيها.
وينتخب رئيس الجمهورية اللبنانية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين ( 86 ) من أصوات مجلس النواب في الدورة الأولى .وإذا لم يحصل المرشح على أصوات ثلثي عدد النواب المطلوب للفوز، تجري عملية اقتراع جديدة ويكتفي المرشح بالغالبية المطلقة من الأصوات 65 .
تحديات كبرى
وتنتظر الرئيس الجديد تحديات كبرى لعل أهمها منع الاعتداءات الصهيونية وتقوية الجيش اللبناني والضغط من اجل انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان بعد انتهاء مهلة الـ 60 يوما . وكذلك ان يرعى الرئيس فتح حوار حقيقي سياسي في لبنان لتجاوز التصدعات الداخلية .
ومن المنتظر ان يكلف رئيس الجمهورية رئيسا جديدا للحكومة سيكون امامها مهام صعبة أبرزها الإعمار بعد الحرب الأخيرة التي دمّرت أجزاء في جنوب وشرق البلاد وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي يشمل ايضا الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في العام 2006 .
ومن التحديات أيضا القيام بإصلاحات ملحّة لتجاوز الأزمة المالية والاقتصادية والمجتمعية التي يعيشها البلد.
وتستمر ولاية رئيس الجمهورية 6 سنوات، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا بعد مرور 6 سنوات على انتهاء ولايته.ويُعتبر رئيس الجمهورية رمز وحدة الوطن وحامي الدستور، وله دور في توقيع القوانين وتعيين رئيس الوزراء بالتشاور مع مجلس النواب.
من هو جوزيف عون؟
جوزيف عون هو قائد جيش يصل للرئاسة بعد فؤاد شهاب، وإميل لحود، وميشال سليمان، وميشال عون. ولد جوزيف عون في 10 جانفي 1964 في منطقة سن الفيل في قضاء المتن شرقي لبنان.
وهو حائز على إجازة في العلوم السياسية، اختصاص شؤون دولية، واجازة جامعية في العلوم العسكرية.
تطوّع في الجيش بصفة تلميذ ضابط والتحق بالكلية الحربية بدءا من عام 1983، وخلال مسيرته العسكرية، رُقّي إلى رتب عدة حتى عين قائدا للجيش في مارس 2017.
شارك عون في دورات عسكرية عدة داخل لبنان وخارجه، خصوصا في الولايات المتحدة، وآخرها كان عام 2009.
عون حائز على أكثر من 15 وسامًا، بينها: وسام الحرب 3 مرات، وسام الوحدة الوطنية، وسام الأرز الوطني من رتبة فارس، وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط، وسام مكافحة الإرهاب، وسام الفخر العسكري من الدرجة الفضية، وغيرها.
في 19 أوت 2017، أطلق الجيش اللبناني بقيادة جوزيف عون عملية "فجر الجرود" لطرد عناصر في تنظيمي "جبهة النصرة" و"داعش" من معاقلهم الحدودية الشرقية مع سوريا.
وبعد انتهاء العملية، قال عون لجنوده: "بعد أن أنهيتم عملية "فجر الجرود" التي حققتم فيها انتصارا حاسما على الإرهاب بطرده من جرود بلدتي رأس بعلبك والقاع، تعود هذه المنطقة العزيزة إلى كنف السيادة الوطنية، معمّدةً بدماء رفاقكم الشهداء والجرحى وبعرق جباهكم الشامخة".
بعد بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله"، باشر الجيش اللبناني بقيادة عون بتنفيذ مهماته بالجنوب والبقاع وضاحية بيروت وتعزيز انتشاره جنوب نهر الليطاني جنوب لبنان، كما أن الجيش هو أول من يدخل القرى اللبنانية الجنوبية بعد خروج القوات الإسرائيلية منها.