اذ يبدو ان الحرب الإسرائيلية بعد ان دمرت جنوب لبنان وأجزاء واسعة من الضاحية الجنوبية لبيروت بدأت باستهداف مناطق جديدة في شمال لبنان. يأتي ذلك في وقت أصدرت فيه وزارة الصحة اللبنانية تقريرًا مروعًا حول الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مناطق مختلفة من لبنان، مما أسفر عن مقتل 15 شخصًا على الأقل وإصابة العديد بجروح. هذه الغارات، التي طالت مناطق لا تُعتبر تقليديا معاقل لحزب الله، تثير العديد من التساؤلات حول الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل والتداعيات المحتملة على الأمن والاستقرار في لبنان.
بدأت الغارات الإسرائيلية يوم السبت، حيث استهدفت عدة مناطق تشمل المعيصرة شمال بيروت، ودير بللا قرب البترون، وبرجا في قضاء الشوف. وزارة الصحة اللبنانية أعلنت في البداية عن مقتل خمسة أشخاص، لكن الأعداد سرعان ما ارتفعت مع ورود تقارير جديدة عن ضحايا. تشير المعلومات إلى أن الضحايا من المدنيين، مما يضيف بعدا إنسانيا مأساويا للأحداث.
يبدو أن التصعيد الأخير من قبل إسرائيل يهدف إلى تغيير المعادلة الأمنية في لبنان.إذ يرى مراقبون أن استهداف مناطق غير تابعة لحزب الله قد يُفهم على أنه رسالة واضحة مفادها أن إسرائيل لن تتوانى عن تنفيذ عملياتها في أي مكان في لبنان، بغض النظر عن التواجد العسكري لحزب الله. هذا قد يكون دليلا على أن إسرائيل تسعى لضرب بنية الدعم المحلي لحزب الله، الذي يعتمد على دعم شعبي كبير في مناطق مختلفة من لبنان.
علاوة على الأبعاد السياسية والعسكرية، فإن الغارات الإسرائيلية تحمل أبعادا إنسانية مأساوية. فقد أظهرت الإحصائيات أن الضحايا هم من المدنيين، مما يزيد من قلق المجتمع الدولي حول حماية المدنيين في لبنان وغزة . إذ تشير الأحداث الأخيرة إلى أن التصعيد الإسرائيلي في لبنان قد يكون بداية لمرحلة جديدة من الصراع في المنطقة.
هل ستتوسع الحرب الصهيونية الى الجبهة السورية؟
من جانبه قال الصحفي السوري عامر دارو في تصريح للمغرب أن سوريا مشغولة بحربها الداخلية منذ اكثر من 13 عاما، ولظروف الصعبة التي تعيشها البلاد عسكريا واقتصاديا تبعدها أن أي مبادرة لأي حرب خارجية .
وتابع " لكن وعلى اعتبار أن المقاومة اللبنانية كان لها دور كبير في تحرير الأراضي السورية من الفصائل الإرهابية ونظرا لوحدة الجبهات في محور المقاومة فإن سوريا فعليا هي داخل دائرة الحرب الحالية وتساند المقاومة على اعتبار أنها الملجأ الوحيد بريا للفارين من جحيم القصف الصهيوني حيث استقبل السوريون عشرات الآلاف من النازحين اللبنانيين فضلا" عن النازحين السوريين الذين كانوا يقيمون في لبنان وعادوا إلى بلادهم أخيرا" بعد أن أصبحت معظم مدنها وقراها آمنة" وفق تعبيره.
تهيئة المسرح لعمليات برية محتملة
على صعيد ٱخر وفي إطار التوترات المستمرة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، يرى مراقبون أن استهداف إسرائيل لقوات اليونيفيل (قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان)، يأتي في سياق استراتيجية مدروسة تهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف السياسية والجغرافية.
أحد الاحتمالات البارزة وراء هذا الاستهداف هو سعي إسرائيل لتغيير معالم الحدود الجغرافية السياسية في المنطقة. إذ تهدف إسرائيل إلى إنشاء حزام أمني يمتد على طول الحدود المشتركة بين لبنان وفلسطين المحتلة، بطول يزيد عن 79 كم وعرض يتراوح بين 17 إلى 35 كم. من خلال هذا الحزام، تسعى إسرائيل إلى تعزيز قبضتها الأمنية وتوفير الحماية لمستوطناتها ومرافقها الحيوية.
ويرى مراقبون أن هناك احتمالا آخر يتمثل في رغبة إسرائيل في تسهيل مشاركة القوات الأمريكية في أي عمليات برية قد تنفذها في المنطقة. فمع وجود أكثر من 3500 جندي أمريكي من قوات المارينز في قبرص، يظهر أن هناك استعدادات تامة لإجلاء المواطنين الأمريكيين من لبنان ومنطقة الشرق الأوسط. في هذه الأثناء، تعمل إسرائيل على إبعاد أي وجود دولي قد يراقب أو يوثق تحركاتها، بما في ذلك وجود قوات اليونيفيل.
يُعتبر هذا الاستهداف لقوات اليونيفيل بمثابة إشارة واضحة على عدم الاستقرار في المنطقة، ويعكس التوترات المتزايدة بين إسرائيل والمقاومة في غزة و لبنان.
إن التطورات الأخيرة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية تمثل مشهدا معقدا من التوترات السياسية والعسكرية. ما بين السعي لتغيير الجغرافيا السياسية وتسهيل العمليات العسكرية، يبقى الوضع في المنطقة محفوفا بالمخاطر، مما يتطلب من المجتمع الدولي اليقظة واتخاذ موقف حاسم.
وفي ذات السياق، أعلنت 40 دولة على الأقل دعمها "الكامل" لقوة الأمم المتحدة المؤقتة المنتشرة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، داعية لحماية عناصر البعثة
وقالت الدول المساهمة في اليونيفيل في بيان لها نشرته البعثة البولونية إلى الأمم المتحدة: "نحثّ جميع أطراف النزاع على احترام وجود اليونيفيل، وهو ما يستدعي ضمان أمن وسلامة جميع موظفيها، في كل الأوقات".
الاستعدادات الإسرائيلية للرد على ايران
في سياق متصل وفي خطوة تكشف عن تصعيد التوترات في منطقة الشرق الأوسط، أفادت وسائل إعلام بأن الجيش الإسرائيلي يستعد لعملية عسكرية ضد إيران، بالتنسيق مع الولايات المتحدة. جاء ذلك بعد الهجوم الانتقامي الذي شنته إيران ضد إسرائيل مطلع أكتوبر الجاري، مما دفع تل أبيب إلى اتخاذ خطوات احترازية.
وذكرت شبكة “إن.بي.سي” التلفزيونية الامريكية، أن مسؤولين أمريكيين عبّروا عن اعتقادهم أن إسرائيل حددت أهدافا في ردها على الهجوم الإيراني الأخير على البنية التحتية العسكرية والطاقة.
وقال التقرير نقلا عن مسؤولين أمريكيين لم يذكر أسماءهم، إنه لا يوجد ما يشير إلى أن إسرائيل ستستهدف منشآت نووية أو تنفذ عمليات اغتيال، مضيفا أن إسرائيل لم تتخذ قرارات نهائية بشأن كيفية وموعد الرد.
وذكر التقرير نقلا عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين أن الرد قد يأتي خلال عطلة عيد الغفران الحالية.
وقالت إسرائيل مرارا وتكرارا إنها سترد على الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران في الأول من أكتوبر، والذي جاء ردا على الضربات الإسرائيلية في لبنان وغزة واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.
وبحسب جيش الاحتلال الإسرائيلي في تقارير ، ستقوم القوات الأمريكية بتشغيل نظام "ثاد" بعد تدريبها على هذه الخطوة، مما يعكس مستوى التعاون العسكري الوثيق بين البلدين ، فرغم ماتصرح به امريكا من دعوات لضبط النفس إلا أنها تزيد من إشعال التوتى في المنطقة بدعمها اللامحدود للاحتلال الصهيوني . يُذكر أن نظام "ثاد" يتمتع بقدرة عالية على الاعتراض ويعتبر سلاحا استراتيجيا في مواجهة التهديدات الصاروخية، خاصة في ظل الهجمات الإيرانية المتزايدة.
تجدر الإشارة إلى أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية كانت تعتمد سابقا على منظومات مختلفة مثل "آرو" و"مقلاع داود" و"القبة الحديدية"، إلا أنها فشلت في اعتراض العديد من الصواريخ الإيرانية خلال الهجمات الأخيرة، مما زاد من قلق الاختلال ومخاوفه إزاء قدرة هذه المنظومات على توفير الحماية اللازمة.
إسرائيل تستهدف بلدات وتدمر مسجدا في لبنان
ميدانيا قالت وكالة الأنباء اللبنانية، صباح أمس الأحد، إن الطائرات الحربية الإسرائيلية استهدفت المسجد القديم في بلدة كفرتبنيت جنوبي البلاد ودمرته بالكامل، فيما لم تهدأ الغارات طيلة الليل مستهدفة عدة بلدات، منها عيتا الشعب، ورومين، وكفركلا، والخيام، وسهل مرجعيون.
وقالت الوكالة أن "الطائرات الحربية الإسرائيلية نفذت بعد منتصف الليل غارة جوية مستهدفة بلدة عيتا الشعب التابعة لقضاء بنت جبيل بمحافظة النبطية.
وأضافت أن غارة إسرائيلية "استهدفت، قرابة الساعة 12:15 من بعد منتصف الليل، مبنى مؤلف من 3 طوابق جانب محطة غبريس على أوتوستراد زفتا بقضاء النبطية، ما أسفر عن تدميره وإقفال الطريق".
يذكر أن المبنى نفسه تعرض منذ أسبوع لغارة جوية، دمرت جزءا منه.كما استهدفت غارة إسرائيلية قرابة 06:00 من صباح امس مبنى في بلدة رومين في قضاء النبطية، ودمرته بالكامل، حسب الوكالة اللبنانية.
وفي غارة فجر امس الأحد، استهدفت إسرائيل شقة في أحد المباني السكنية في منطقة الشرحبيل شمال شرق مدينة صيدا (جنوب).
وأوضحت وكالة الأنباء اللبنانية أن "سيارات الإسعاف هرعت إلى المكان، وسمع دوي القصف في أرجاء مدينة صيدا، فيما أشارت المعلومات الأولية أن الشقة كانت خالية".
وأفادت الأناضول بأن غارات إسرائيلية استهدفت محيط بلدة المنصوري في منطقة صور جنوبي لبنان.وشددت الوكالة اللبنانية أن "الغارات الإسرائيلية لم تهدأ طيلة الليل، وهي تستهدف بشكل متقطع كفركلا، الخيام، وسهل مرجعيون بقضاء مرجعيون (جنوب)".
وأسفرت الغارات حتى مساء السبت، عن ألف و437 شهيدا و4 آلاف و123 جريحا، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، وأكثر من مليون و340 ألف نازح، وفق رصد الأناضول لبيانات رسمية لبنانية.
ويرد "حزب الله" يوميا بصواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومستوطنات، وبينما تعلن إسرائيل جانبا من خسائرها البشرية والمادية، تفرض الرقابة العسكرية تعتيما صارما على معظم الخسائر، حسب مراقبين.
وبدعم أمريكي، خلفت الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة في غزة منذ عام، أكثر من 140 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
موجة جديدة من العنف والتهجير في غزة
على صعيد متصل تشهد الأراضي الفلسطينية، ولا سيما قطاع غزة، تصعيدا مقلقا في العدوان الإسرائيلي، حيث تواصل القوات الاحتلال تنفيذ عمليات عسكرية واسعة النطاق منذ بداية الأسبوع الأول من العام الثاني للحرب. تعيد هذه الأفعال إلى الأذهان الأيام الأولى من النزاع، إذ تصاعد القصف الجوي والمدفعي والعمليات البرية، مما أدى إلى مجازر كبيرة في المنطقة.
يُظهر الجيش الإسرائيلي نوايا واضحة لإطالة أمد الاحتلال، حيث قام بتكثيف هجماته في الشمال، مما أجبر مئات العائلات على النزوح القسري، وسط مخاوف متزايدة من خطة إخلاء جماعية للسكان. تتعرض المناطق الوسطى والجنوبية أيضًا لعمليات قصف مستمرة، رغم ما تعانيه من أوضاع إنسانية كارثية.
في تطور غير متوقع، نشر الجيش خرائط جديدة تطلب من سكان الشمال النزوح إلى منطقة المواصي في خان يونس، المكتظة أصلاً بالنازحين. ورغم رفض السكان هذا الطلب، جاءت البلاغات العسكرية تطالبهم بالنزوح الفوري، مستندة إلى أساليب الترهيب التي تتضمن قصفا عنيفا واستهدافا مباشرا.
مع بدء عمليات القصف العنيف حول مخيم جباليا، تبيّن أن القوات الإسرائيلية غير مستعدة لمنح السكان الوقت الكافي للاستجابة. وبدلاً من ذلك، زادت وتيرة الهجمات، حيث حاصرت الآليات العسكرية المخيمات، مهددةً حياة المدنيين في ظل غياب أي مظهر من مظاهر الأمان أو الحماية.
إن استمرار هذه العمليات العسكرية القاسية يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل سكان القطاع، الذين يعانون من آثار العدوان المتكررة. في ظل تصاعد العنف، يبقى الأمل في تحقيق السلام بعيد المنال، بينما تواصل الأوضاع الإنسانية تدهورها في ظل قصف لا يرحم.