ولا يزال الدمار والقتل والتنكيل والتهجير سيد المشهد في هذا القطاع المنكوب الذي يحمل بؤس العالم ويعكس انطفاء ما بقي من ضمير انساني . فلا أشلاء الأطفال ولا صرخات الأحياء منهم ولا جوعهم الأعمى حركت في المجتمع الدولي أي ساكن للضغط أكثر باتجاه وقف الحرب ...
صحيح أن هناك حركات طلابية واحتجاجات متواصلة في أكثر من عاصمة في العالم وصحيح أيضا ان المسار القانوني في المحاكم الدولية رفع كلمة الحق لأول مرة ضد جرائم إسرائيل لكن ذلك يمثل خطوة أولى في مسيرة طويلة . فما يحصل في غزة من مجاعة ومن صمت دولي يستحق أكثر من زلزال في الوعي العالمي ليستفيق ما بقي من وجدان ...لتستفيق أرواح إليانور روزفلت، وجون همفري وتشون تشانغ، وشارل مالك وكل من شارك في صياغة الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والتي كانت مهمتها الدفاع عن كونية هذه الحقوق قبل ان تُغتال امام مرأى العالم في فلسطين المحتلة .
يبحث اليوم نتنياهو الغارق في أزماته الداخلية وفي مستنقع حرب غزة عن الهروب الى الأمام من المحاكمات القادمة التي تنتظره ومن السقوط المدوي لحكومته ...لذلك عينه اليوم على جبهة الشمال ليعيد رسم مشهدية بقائه بمزيد من الدمار والتقتيل والحروب . اذ كشف إعلام عبري، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيعلن في غضون أيام "الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب"، بعدما كانت المرحلة الأولى تتركز على القصف من خارج القطاع والثانية التوغل البري فيه.
وخلال الأسابيع الأخيرة، تحدثت وسائل إعلام الاحتلال عن أن المرحلة الثالثة من الحرب تعني الانتقال من القصف المكثف لقطاع غزة إلى القصف المستهدف المستند إلى معلومات استخبارية. وستركز على تدمير الأنفاق على محور فيلادلفيا على الحدود بين قطاع غزة ومصر.
هذه الحرب التي أسفرت عن مقتل أكثر من 124 الف قتيل وجريح فلسطينيين معظمهم أطفال ونساء وما يزيد عن 10 آلاف مفقود، ومجاعة أودعت بحياة الأطفال بدعم أمريكي ، يبدو ان مرحلتها الثالثة تتركز بالأساس على طي صفحة حرب غزة من اجل الانطلاق في حرب جديدة على لبنان بكل ما تحمله من سيناريوهات للمنطقة .