أنّ''الدول التسع التي علقت تمويلاتها للأونروا عاقبت بشكل جماعي 2.3 مليون فلسطيني يستفيدون من خدمات الوكالة ". وأضاف أن الحرب الدائرة بين إسرائيل و''حماس'' في غزة أكدت التأييد الأمريكي المطلق لإسرائيل على الصعيدين السياسي والعسكري ، مضيفا أنّ هذا الدعم خلف اضطرابات داخلية في الولايات المتحدة .
لو تقدمون لنا قراءة في الموقف الأمريكي من حرب غزة ؟
نتيجة الحرب على غزة بدأت الولايات المتحدة فورا بأخذ مواقف داعمة ومساندة للكيان الصهيوني تمثلت أولا بزيارة رئيس أمريكا للكيان الصهيوني وهناك صرح بشكل واضح أنه مؤيد بشكل كامل لإسرائيل وأنه صهيوني من الدرجة الأولى . ثانيا قال أن ماقامت به حماس عمل إرهابي ويجب فورا إعادة المحتجزين لدى حماس . بالتالي لم تخجل الولايات المتحدة إطلاقا من دعمها للكيان الصهيوني وقامت بعدة إجراءات في الساحة الأمريكية عبر اتخاذ قرارات في الكونغرس داعمة ماليا لإسرائيل منها تقديمها 14 مليار دولار لدعم الحرب إضافة إلى فتح باب الدعم العسكري لدعم إسرائيل بالذخائر والمعدات .
الآن أمريكا رغم ذلك تناور وتراوغ على الصعيد الدولي وعلى الساحة الدولية ، ووفق هذه المراوغة فهي تقول للجانب الفلسطيني أنها دائما مع حل الدولتين وأنها تؤمن بحل الدولتين ، وأنها بصدد العمل على إنهاء الصراع في الشرق الأوسط ودعم الشعب الفلسطيني وتقديم المساعدات والمعونات الطبية والغذائية لغزة . ولكن رغم ذلك تعمل باتجاه فعلي على دعم إسرائيل .
أمريكا واجهت في الأمم المتحدة دول العالم واستعملت الفيتو لمنع إنهاء الحرب أولا ، ثانيا تقول ويوميا في الساحة الأمريكية أنها لن تدعو ولن تطلب من الكيان الصهيوني وقف الحرب على غزة حتى يعود كل المحتجزين .
على مسمع من كل العالم تقول في نفس الوقت أنها ستنظر في دعم إسرائيل ماليا وعسكريا إلى الآخر ، لكن لا تقول بالمطلق أنها ستعمل على وقف الحرب وإدخال المعدات من أجل دعم المستشفيات ، ورغم أنها ترى أنّ مؤسسات الأمم المتحدة الاونروا والمدارس والجامعات والجوامع والمؤسسات الطبية تدمر بالإضافة إلى رؤيتها مقتل 26 ألف فلسطيني بمعدات أمريكية من قبل الكيان الصهيوني وإصابة 66 ألف آخرين وعشرات الآلاف من المفقودين و169 منشأة وأكثر من 300 ألف مبنى سكني تم تدميره بشكل جزئي أو بشكل كلي ، إلا أنه ورغم كل ذلك أمريكا تتعامل بازدواجية في المعايير تجاه الحرب . فهي تقول أنها ستقدم مساعدات لكنها لا تدفع في هذا الإتجاه ولا تدفع نحو وقف الحرب ولا تعمل على وقف دعمها للكيان الصهيوني.
أمريكا للأسف الشديد تواجه ضغط كبير من اللوبي الصهيوني.. كما أن الإعلام الأمريكي متفق على خطاب واحد وهو إعادة مايقوله الكيان الصهيوني ومحاولة صياغته بطريقة مقبولة لإظهاره في صورة الطرف المظلوم. مثلا وسائل الإعلام في أمريكا تجري مقابلات مع أهالي المحتجزين لدى حماس يوميا في محاولة لإبرازهم كأناس مظلومين لكنهم لا يتطرقون لما يعانيه مدنيو غزة المشردين والنازحين الذين يعاونون أوضاعا كارثية . هذا يبرز موقفا متضاربا وغير منسجم من خلاله تراوغ أمريكا على الساحة الدولية لإظهار أنها تدعم أيضا فلسطين ولكنها بالأساس تدعم إسرائيل مائة بالمائة.
كيف أثرت الحرب في غزة على الداخل الأمريكي خصوصا وان هناك انقسام واضح تجاه موقف إدارة بايدن من الحرب؟
اعتقد هنا في الحزب الحاكم الديمقراطي والحزب المعارض الجمهوري جماعة ترامب الذين هم يمينيين متطرفين معظمهم يؤيدون الكيان الصهيوني ، وفي عهد ترامب كلهم دفعوا باتجاه أن تكون القدس عاصمة لإسرائيل وقالوا أنّ لها الحق في الجولان . لم يرفعوا شعار إقامة الدولة الفلسطينية لكنهم رفعوا شعار اتفاقيات ابراهام وهي التطبيع مع العالم العربي حتى يتقبل إسرائيل كدولة مثلها مثل الدول الأخرى.
فهذا في حيثياته الحزب الديمقراطي لم يعترض على ماقام به الحزب الجمهوري ولكن في نفس الوقت يعلن تأييده المطلق للساحة لكن ماحدث هو أنّ الساحة الأمريكية بدأت تنظر إلى كيف العالم ينظر إلى الصراع واكتشفوا أن العالم ينظر للصراع من منظور آخر مخالف لأمريكا ولأول مرة المجموعة الدولية تختلف بشكل صارخ مع الموقف الأمريكي بعد أن كان سابقا الموقف العالمي دائما متضامن مع الشعب الأمريكي.أمريكا لديها مشكلتين المشكل الأول هوا أنّ الجيل الذي يبلغ من العمر 35 عاما وأقل هذا الجيل مطلع على السوشيال ميديا ويستقي معلوماته من وسائل التواصل الإعلامي فتجد لديه وجهة نظر واقعية أكثر من الحكومة وهم مؤيدين للقضية الفلسطينية أكثر من الناس الطين هم قدامى الذين يعتمدون على الإعلام الرسمي هنا صار هناك معضلة لدى الأمريكان.
المشكل الثاني لأمريكا هو أنه يوميا هناك مظاهرات تضم أعدادا كبيرة في الشارع وهناك أيضا مظاهرات عديدة في الجامعات الأمريكية المشهورة مثل هارفارد وفيلادلفيا وغيرها ، هذه جميعها مؤسسات تعتمد عليها الحكومة الأمريكية لأنها تنشئ قيادات المستقبل في المجالات الفكرية والسياسية والعلمية والطبية والاقتصادية والبحثية والتعليمية وهي مؤسسات عريقة ، وعندما يكون طلابها داعمين للقضية الفلسطينية فهذا يمثل عنصر قلق لأمريكا ويخلق مشكلة جدية لديها.
الخروج الكبير جدا للشارع الأمريكي والجامعات في الأسابيع السابقة تأكيد على أن فلسطين قضية أمة وشعب رغم التعتيم الإعلامي علي الجرائم التي ترتكب في حق الفلسطينيين . حتى ترامب نفسه قال أنّ مايجري في الشارع الأمريكي وفي الجامعات الأمريكية معارض للسياسة الأمريكية لأن موقفهم داعم للفلسطينيين ومعارض لإسرائيل وسياساتها ، لذلك هناك مشكلة حقيقة عند الحكومة الأمريكية.
ماتعليقكم على تعليق عدة دول تمويلاتها للاونروا وهل فعلا هو قرار مسيس ردا على الإجراءات التي أقرتها محكمة العدل ؟
مؤسف أن تسحب 9 دول بتعليق دعمها بشكل مؤقت لوكالة الاونروا بناء على اتهامات وجهتها ''إسرائيل'' بأن هناك 12 شخص تدعي ''إسرائيل'' أنهم شاركوا إلى جانب حماس في عملية طوفان الأقصى .
هذه الدول لم تتخذ موقفا حادا معظمها دول أوروبية إلى جانب اليابان لم تأخذ موقف حاسما من القتل وحرب الإبادة والتهجير القسري وتشريد الفلسطينيين لكنها اتخذت موقفا من اتهامات ''إسرائيلية'' غير مثبتة .
فمعاقبة أكثر من 2 مليون فلسطيني يعيشون في غزة نتيجة اتهامات وجهت لـ12 شخص يشتغلون صلب الوكالة ، هذا قرار خاطئ ستكون نتائجه كارثية على الفلسطينيين الذين يتمتعون بخدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا " .
اعتقد أن موقف هذه الدول هو عقاب للشعب الفلسطيني من قبل 9 دول ومحاولة لإعطاء فكرة أن الشعب الفلسطيني شعب لا يقدر خدمات الأونروا ويحاولون أن يقنعوا الشعب الفلسطيني بالسكوت مقابل الخدمات التي يتم تقديمها له ولا يعرفون أن الحق لا يسكت عليه .
كيف ترون مستقبل المشهد في غزة وتأثيراته إقليميا ودوليا ؟
إذا أخذنا وجهة النظر الإسرائيلية أولا النقطة الأولى هي تدمير حركة حماس ونزع امكانياتها العسكرية ثانيا استعادة المحتجزين وثالثا خلق وضع في غزة اجتماعي سياسي ثقافي يكون غير معادي للكيان الصهيوني .
شاهدنا عدة تحركات للفلسطينيين والجالية العربية في المهجر وفي أمريكا خاصة ،كيف كان صدى ذلك في الشارع الأمريكي والغربي عامة؟
تحركات الجالية وصداها على الشارع الأمريكي الجالية الفلسطينية رغم حداثة وجودها على الساحة الأمريكية إلا أنها كانت في حرب غزة فاعلة بشكل كبير جدا رغم الإمكانيات المتواضعة للمؤسسات الفلسطينية والعربية والإسلامية ،والتي بدأت تنظم التظاهرات وفوجئت الجالية الفلسطينية والإسلامية أن عدد المناصرين لعدالة قضية فلسطين بآلاف المنضمين المساندين وهو ما أثار حفيظة الساسة الأمريكية وبدؤوا يتساءلون من حجم الجالية في ظل ماباتت تتركه هذه المسيرات من أثر وبصمات لدى الشارع الأمريكي .