أسئلة لصناع الدراما في تونس

هل نستطيع أن نقول أنّ هذا المسلسل (أو أي إنتاج فني) هو عمل فني أم مجرّد عمل فرجوي يبثّ على التلفزيون؟ من يستطيع أن يشكّك في هذا؟

من ينصّب نفسه عارفا حكيما متذوّقا للفن في أعلى مستوياته وتجلياته حتى ينتقد عملا فنيا؟ هل هنالك نقد فني في تونس؟ قطعا هنالك أقلام وأصوات ناقدة ولكن بأكثر دقة هل هنالك حركة نقدية فنية في تونس؟ هل هنالك انتاج فني حتى نتحدّث عن حركة نقدية؟ لا أحد يستطيع أن يؤكد ذلك تأكيدا مطلقا أو ينفي نفيا مطلقا كذلك..
هل نريد أن تقدّم عملا فنيا أو عملا فرجويا؟ هل هنالك فرق بينهما؟ يمكن أن يكون العمل الفني فرجويا، ولكن هل بالضرورة يمكن أن نقول أنّ العمل الفرجوي هو عمل فنّي؟
ربما الناقد الفني ذلك الذي يحبك برؤيته بين أثواب المدارس والتيارات الفكرية المختلفة، ولا ينسى المصادر أبدا.. وهنا يطول الحديث ولكن لا أحد يستطيع أن ينكر أنّ تاريخ نشأة النقد الفني لم يكن في أكاديميات الفنون بل كانت في الصحافة ووسائل الإعلام ..
على كل حال النقد تبصّر وتأمّل ذكي وواع، و يبقى الناقد، في حال وجود عمل فني، يساعد الجمهور على تحسين معرفته وفهمه وتذوقه، وصفا أو تفسيرا أو تقييما وحتى تنظيرا حول فلسفة العمل الفني..
هل للإنتاجات الدرامية، باعتبارها مشاريع فنية، فلسفة ترتكز عليها؟ أشكّ في هذا بالنسبة لجلّ الأعمال لهذه السنة.. نستثني «حرقة» و«كان يا ماكانش» باعتبارهما عملين فنيين يمكن أن نطلق عليهما صفة : الاحترام، والذكاء، والعمق وحتى الإبداع.. أعمال تحترم المشاهد وتجعله يفكّر بعيدا عن منطق الجماهير وسوسيولجيته..
نعود للانتاجات الدراميّة الرمضانية التونسية لهذه السنة (مسلسلات، سيتكوم، سلسلات…)، هل يمكن أن نعتبرها أعمالا فنيا؟ نترك ذلك للنقاد خصوصا إذا كانوا من صناع الدراما من منتجين ومخرجين وممثلين وكل المتدخلين!!! وطبعا لا ننسى الآراء الفايسبوكية الأنستغرامية ..
ولكن هنالك أسئلة عديدة متعددة لا بدّ تُطرح ولعلّ بعضها: هل اتكأ صناع الدراما على بقايا الروايات الأدبية العالمية؟ هل أشاروا للمصدر؟ هل قاموا بالاقتباس من الأفلام العالمية؟ وهل أشاروا للمصدر؟ كيف يمكن أن نثبت هذا دون تجنّ على الأفكار الأصلية والمشاريع الفنية؟ على كل هنالك دائما أبدا نسخ مشوّهة من النسخ الأصلية.. لكنّ الإبداع يتجاوز هذه الأسئلة دائما..
هل أن صانع أو صناع العمل الفني (إن كان كذلك طبعا) هو فنان مثقّف حامل لمشروع، مشروع لا يمكن أن يدنّس القيم الإنسانية الكونية ويكون عارفا متنوّرا منفتحا مبدعا في آن؟
لماذا ينخرط الفنان الجهبذ أي فنان في ترويج سلوكيات خطيرة سمتها العنف، كل أنواع العنف، دون معالجة فنية ويكون مزهوّا بذلك؟ هل يتعامل الفنان مع الأخلاق السائدة في مجتمعه باعتبارها نسبية وهو ما يشرع عرضها على النقاش والتمحيص؟ هل يحقّ مصادرة حقّ المبدع في مساءلة ثقافة مجتمعه؟ هل يقومون بذلك فعلا؟
هل يمكن أن نفرض بعض الالتزامات على الأعمال الفنية التي لا تستأذن الجمهور تلك التي تبثّ على التلفزيون، هذه الآلة التي تتسم خطورتها في صيغتها الجماعية؟ ألا نرى تأثير ذلك في السلوكيات الجماعية ؟
هل أن تشبّع بعض الأعمال الدرامية بنسبة عالية من العنف (الجسدي واللفظي والنفسي) موظّفة توظيفا محكما في سياق درامي معالج، أم أنه مجاني ومبالغ فيه؟
هل قدمت هذه الأعمال صورة دونية منمّطة مستسهلة متخمة بالرجعية للمرأة؟ أم هل قدّمت صورة تؤمن بالمساواة وتقطع مع إرث فيه ما فيه من الرجعية والدونية؟
هل يتحلّى القائمون على هذه الأعمال بالمسؤولية والطرح الجدّي والذكي للظواهر المجتمعية على حساب الإثارة والاستسهال؟ ألا يصبّ هذا في صالح المجتمع نفسه؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115