إلى جناب الرئيس الأول للمحكمة الإدارية: دعوى في تجاوز السلطة ضد الأمر الحكومي عدد 926 لسنة 2020 المؤرخ في 25 نوفمبر 2020

بطلب من: الجامعة الوطنية للبلديات التونسية في شخص ممثلها القانوني
الضد: رئيس الحكومة التونسية مقرّه بمكاتبه بقصر الحكومة، تونس

فالمعروض على جناب الرئيس الأول للمحكمة الإدارية الطعن بتجاوز السلطة ضد الأمر الحكومي عدد 926 لسنة 2020 المؤرخ في 25 نوفمبر 2020.

I * الوقائع
حيث صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية بتاريخ 27 نوفمبر 2020 الأمر الحكومي عدد 926 لسنة 2020 المؤرخ في 25 نوفمبر 2020 و المتعلق بضبط إجراءات تنسيق الإدارات المركزية و مصالحها الخارجية و المؤسسات و المنشآت العمومية مع البلديات في مجال إعداد أو مراجعة أمثلة التهيئة العمرانية والمصادقة عليها.
حيث تقدمت الجامعة الوطنية للبلديات التونسية في شخص رئيسها بمطلب مسبق بتاريخ 5 جانفي 2021 إلى رئيس الحكومة للتراجع عن الأمر المذكور لعدم شرعيته و ذلك طبقا للفصل 35 من قانون المحكمة الإدارية.
حيث لازم رئيس الحكومة الصمت إلى حدود تاريخ 7 مارس 2021 مما تولّد عنه قانونا قرارا بالرفض الضمني على معنى الفصل 37 من قانون المحكمة الإدارية.
حيث تروم العارضة إلغاء الأمر الحكومي عدد 926 لسنة 2020 المؤرخ في 25 نوفمبر 2020 للأسباب القانونية التالية.
II * المناقشة القانونية
حيث أن مقتضيات الأمر الحكومي عدد 926 لسنة 2020 تتعارض مع الدستور ومع مجلة الجماعات المحلية مما يجعله حريا بالإلغاء
1 - من حيث مخالفة الدستور
حيث يخرق الأمر المطعون فيه الفصول 65 و132 و133 و134 و138 و139 من الدستور
أولا: خرق الفصل الرابع من الأمر المطعون فيه للفصل 65 من الدستور المتعلق بمجال القانون
حيث ينص الفصل 65 من الدستور « تتخذ شكل قوانين أساسية النصوص المتعلقة بالمسائل التالية : - السلطة المحلية ... « كما يضيف الفصل 65 في فقرته الأخيرة « يدخل في مجال السلطة الترتيبية العامة المواد التي لا تدخل في مجال القانون «.
و حيث أن كل ما يتعلق بالسلطة المحلية يعتبر حسب الفصل المذكور من مجال القانون الأساسي دون سواه من النصوص القانوني الأخرى .
حيث يترتب عن ذلك إنفراد القانون الأساسي بوضع القواعد المتعلقة بالسلطة المحلية بصورة أصلية .
حيث أن كل ما يتعلق بصلاحيات و إختصاصات الجماعات المحلية يخرج عن مجال السلطة الترتيبية العامة و السلطة الترتيبية التنفيذية .
حيث لا يمكن للأوامر الترتيبية الحكومية المساس بقواعد إختصاص الجماعات المحلية لا بالزيادة و لا بالنقصان بإعتبارها لا تدخل في مجالها .
و حيث ينص الفصل الرابع من الأمر المطعون فيه على أن : «تحدد المناطق التي تقتضي إعداد أو مراجعة مثال التهيئة العمرانية كليا أو جزئيا بقرار من المجلس البلدي بناء على رأي المستلزمين العموميين و المصالح الخارجية للوزارة المكلفة بالتعمير و الوزارة المكلفة بالدفاع الوطني و الوزارة المكلفة بالفلاحة و الوزارة المكلفة بالبيئة و الوزارة المكلفة بأملاك الدولة و الشؤون العقارية و المصالح المركزية أو الخارجية لسائر الوزارات المعنية و الوكالات العقارية المحدثة بالقانون عدد 21 لسنة 1973 المذكور أعلاه و كذلك على رأي اللجنة الفنية الوطنية لحصر التجمعات السكنية و التوسعات العمرانية بالأراضي الفلاحية .
يعتبر عدم الرد من قبل المستلزمين العموميين و المصالح المنصوص عليها أعلاه في أجل أقصاه شهرين موافقة ضمنية على قرار التحديد ....» .
حيث يحتوي هذا الفصل على إجراءات و أحكام جديدة في مجال إعداد و مراجعة أمثلة التهيئة العمرانية من ذلك تحديد الهياكل الواجب إستشارتها و إشتراط موافقتها القبلية قبل أن تتخذ البلدية قرار تحديد المناطق المعنية بإعداد أو بمراجعة مثال التهيئة العمرانية .
حيث أدخل الفصل المذكور توزيعا جديدا للإختصاص على حساب الجماعات المحلية مما يعتبر إنحرافا عن مقاصد الدستور و مقاصد القانون الأساسي للجماعات المحلية .
وحيث أن مختلف هذه القواعد و التي لم ينص عليها أي تشريع سابق لا في إطار مجلة التهيئة الترابية و التعمير و لا في إطار مجلة الجماعات المحلية ، قد أدخلت تغييرات جذرية على الإطار التشريعي الأساسي المنظم للسلطة المحلية و تنال من مبدأ التدبير الحر الذي أقره الدستور و مجلة الجماعات المحلية .
حيث يمثل الأمر المطعون فيه في فصله الرابع تدخلا صارخا من قبل السلطة الترتيبية في مجال القانون الأساسي مما يمثل خرقا للفصل 65 من الدستور.
ثانيا: خرق الفصل الرابع فقرة ثانية و الفصل الخامس فقرة ثانية من الأمر المطعون فيه للفصل 132 من الدستور
حيث ينص الفصل 132 من الدستور أن الجماعات المحلية «... تدير المصالح المحلية وفقا لمبدأ التدبير الحر» .
حيث إعتبرت المحكمة الإدارية أن مبدأ التدبير الحر « إن هو إلا تجلّ للمقاربة الجديدة للعلاقات التي تربط بين الدولة والجماعات المحلية المبنية على أساس احترام الاختصاصات الذاتية. كما يشكّل هذا المبدأ أحد أهم المبادئ التي يخوّل بموجبه للجماعات الترابية ومنها البلديات في حدود اختصاصاتها سلطة التداول بكيفية ديمقراطية وسلطة اتخاذ وتنفيذ مداولاتها ومقرراتها وعقودها». (الدائرة الإبتدائية للمحكمة الإدارية بالقصرين، قضية، عدد 11200084 بتاريخ 06 أوت 2019).
حيث جاء بالفصل الرابع فقرة ثانية من الأمر المطعون فيه والمتعلق بتحديد المناطق التي تقتضي إعداد أو مراجعة مثال التهيئة العمرانية « يعتبر عدم الرد من قبل المستلزمين العموميين والمصالح المنصوص عليها أعلاه ( الفقرة الأولى من الفصل الرابع) في أجل أقصاه شهرين موافقة ضمنية على قرار التحديد ».
حيث ينص الفصل الخامس فقرة 2 من الأمر المطعون فيه « تعرض البلدية مشروع مثال التهيئة العمرانية على المؤسسات و المنشآت العمومية المعنية و المصالح المركزية أو الخارجية للسلط المركزية لإبداء الرأي فيه كتابيا مع التعليل في أجل أقصاه شهر من تاريخ توصلها به و يعتبر عدم الرد في هذا الأجل موافقة ضمنية»
حيث يستروح من هذه الأحكام أن الأمر المذكور يمنح السلطة المركزية و السلط و الهيئات الراجعة لها إختصاص الموافقة الصريحة أو الضمنية على أعمال الجماعة المحلية مما يعتبر إعتداءا صارخا على مبدإ التدبير الحر .
حيث يستروح كذلك من هذه الأحكام أن السلطة المركزية والسلط و الهيئات الراجعة لها تتمتع بسلطة الإعتراض على أعمال الجماعة المحلية .
حيث أن إستشارة المصالح المركزية و توابعها لا يمكن أن ينص عليها إلا القانون الأساسي شريطة أن تكون الإستشارة على سبيل الإسترشاد بالرأي الفني و في نطاق التنسيق والمرافقة والتشاور لا غير و لا يمكن بالتالي أن تتجاوز ذلك إلى حد إشتراط أن يكون القرار البلدي رهين ترخيص أو موافقة من هذه السلط .
حيث أن هذه الأحكام تمثل نيلا صارخا من مبدأ التدبير الحر الذي تتمتع به البلديات طبقا للفصل 132 من الدستور لما يحتويه من تدخل من السلط المذكورة بالموافقة ضمنية كانت أو صريحة أو بالرفض في مجال إختصاص ذاتي للمجلس البلدي في تحديد المناطق التي تقتضي إعداد أو مراجعة مثال التهيئة العمرانية علما و أن مجلة الجماعات المحلية عرفت الصلاحيات الذاتية في الفصل 14 منها بأنها الصلاحيات « التي تنفرد الجماعات المحلية بممارستها».
وحيث تعتبر الفقرتين المذكورتين غير متطابقتين مع الفصل 132 من الدستور وحرية بالإلغاء على هذا الأساس.
ثالثا: خرق الفقرتين الرابعة والخامسة من الفصل الخامس من الأمر المطعون فيه للفصلين 132 و134 من الدستور
حيث ينص الفصل 134 على» تمتع الجماعات المحلية بسلطة ترتيبية في مجال ممارسة صلاحياتها».
حيث تنص الفقرة الثالثة من الفصل الخامس من الامر المطعون فيه: « إثر إنقضاء الأجل المذكور يحال مشروع المثال معدلا وفقا لملاحظات الهياكل المنصوص عليها بالفقرة الثانية من هذا الفصل إلى الوزارة المكلفة بالتعمير للنظر و إبداء الرأي في أجل أقصاه شهر من تاريخ توصلها به».
حيث تنص الفقرة الرابعة من الفصل الخامس: «يعرض مشروع المثال معدلا على ضوء آراء المصالح المنصوص عليها بالفقرتين الثانية و الثالثة من هذا الفصل على المجلس البلدي».
وحيث تلزم هاتان الفقرتان البلديات في هذه المرحلة بتعديل مشروع مثال التهيئة على ضوء ملاحظات المصالح المركزية و الخارجية و المؤسسات و المنشآت العمومية مما يشكل خرقا صارخا لمبدأ التدبير الحر الذي تتمتع به البلديات طبقا للفصل 132 من الدستور و خرقا لمبدأ تمتع الجماعات المحلية بسلطة ترتيبية في مجال ممارسة صلاحياتها طبقا للفصل 134 من الدستور إذ أن تعديل محتوى مشروع المثال هو من صميم السلطة الترتيبية للبلديات في مجال صلاحياتها الذاتية و لا يمكن للسلطة المركزية التدخل في هذا المجال .
وحيث أن المشرع عند وضعه لمجلة الجماعات المحلية لم يتجرأ على إدراج مثل هذه الأحكام التي تمس بمبدأ التدبير الحر بإعتباره مبدأ دستوريا بل فقد أشار في عديد فصول المجلة عند إحالته إلى نصوص من فصيلة القوانين إلى ضرورة مراعاتها لمبدأ التدبير الحر على غرار الفصل 100 الذي يحيل في مجال عقود الشراكة إلى « التشريع الجاري به العمل المتعلق بعقود الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص في ما لا يتعارض مع مبدأ التدبير الحر»، فلا يمكن بأي حال من الأحوال للسلطة الترتيبية أن تسن مثل هذه الأحكام التي تتعارض مع مبدأ التدبير الحر.
وحيث تخرق هاتان الفقرتان من الفصل 5 المذكور الفصلين 132 و 134 من الدستور و تكون بالتالي حرية بالإلغاء على هذا الأساس .
رابعا: خرق الفقرة الأولى من الفصل السادس من الأمر المطعون فيه للفصول 132 و 134 و 139 من الدستور
حيث ينص الفصل 139 من الدستور : « تعتمد الجماعات المحلية آليات الديمقراطية التشاركية و مبادئ الحوكمة المفتوحة لضمان إسهام أوسع للمواطنين و المجتمع المدني في إعداد برامج التنمية و التهيئة الترابية ومتابعة تنفيذها طبقا لما يضبطه القانون».
حيث تنص الفقرة الأولى من الفصل السادس من الأمر المطعون فيه: « إثر إنقضاء أجل الإستقصاء العمومي ، تحيل البلدية مشروع المثال ... على المصالح الخارجية للوزارة المكلفة بالتعمير لإبداء الرأي و إقتراح إدخال التعديلات الضرورية عند الإقتضاء ...» .
حيث أن هذه الفقرة تمكن السلطة المركزية من إدخال تعديلات على مشروع المثال بعد أن تم عرضه على الإستقصاء العمومي الذي مكن المواطنين في مرحلة أولى من « تدوين ملاحظاتهم أو إعتراضاتهم».
حيث أن تدخل السلطة المركزية في محتوى مشروع المثال بإدخال التعديلات بعد قيام البلدية بالإستقصاء العمومي يفرغ مبدأ الديمقراطية التشاركية من محتواه ضرورة أنه لن يتم عرض المشروع المعدل من السلطة المركزية مرة ثانية على المواطنين لإبداء الرأي فيه.
وحيث تخرق هذه الفقرة من الفصل 6 المذكور الفصول 132 و 134 و 139 من الدستور وهي حرية بالإلغاء على هذا الأساس.
خامسا: خرق الفصلين الخامس والسادس من الأمر المطعون فيه للفصل 138 من الدستور
حيث نص الفصل 138 من الدستور: « تخضع الجماعات المحلية فيما يتعلق بشرعية أعمالها للرقابة اللاحقة».
حيث أن الفصلين 5 و 6 من الأمر المطعون فيه يخولان للسلطة المركزية عن طريق مصالحها الخارجية و للوزارة المكلفة بالتعمير إدخال تعديلات على مشروع مثال التهيئة قبل المصادقة عليه وهو بمثابة تعطيل السلطة البلدية من طرف السلطة المركزية بصفة مسبقة .
وحيث يمثل هذا الإجراء رقابة قبلية و تدخل صارخ في مجال ليس بمجال السلطة الترتيبية و ينال بالتالي من الأحكام الصريحة للفصل 138 من الدستور الذي يحدد تدخل السلطة المركزية ومصالحها في مجال الرقابة اللاحقة على أعمالها .
حيث يعتبر هذين الفصلين غير متطابقين مع الفصل 138 من الدستور وحريان بالإلغاء على هذا الأساس.
2 - من حيث خرق القانون
حيث يخرق الأمر المطعون فيه الفصول 4 و 13 و 14 و 25 و29 و 114 و 121 و 239 من مجلة الجماعات المحلية.
أولا : من حيث طبيعة الأمر الحكومي المطعون فيه.
حيث يتجه بادئ ذي بدء تحديد طبيعة الأمر الحكومي المطعون فيه فهل هو من فصيلة الأوامر المستقلة أو من قبل الأوامر التنفيذية؟
حيث نص الفصل الأول من الأمر المطعون فيه : « يهدف هذا الأمر الحكومي إلى ضبط إجراءات تنسيق الإدارات المركزية ومصالحها الخارجية و المؤسسات و المنشآت العمومية مع البلديات في مجال إعداد أو مراجعة أمثلة التهيئة العمرانية والمصادقة عليها وفقا لأحكام الفصول 21 و 114 و 239 من القانون الأساسي عدد 29 لسنة 2018 المؤرخ في 9 ماي 2018 المتعلق بمجلة الجماعات المحلية ».
حيث ينص الفصل 114 من مجلة الجماعات المحلية: «تعد البلديات الأمثلة التي ينص عليها التشريع المتعلق بالتهيئة و التعمير والتي تدخل في إختصاصها وتصادق عليها مجالسها المنتخبة... يتم التنسيق بين السلطة المركزية و البلديات...عند القيام بالأعمال الواردة بالفقرتين الأولى و الثالثة من هذا الفصل».
حيث ينص الفصل 239 من مجلة الجماعات المحلية: «يعد المجلس البلدي أمثلة التخطيط العمراني».
حيث لم تنص هذه الفصول من مجلة الجماعات المحلية على أي إحالة إلى أمر تنفيذي يضبط إجراءات التنسيق بين السلطة المركزية و البلديات في مجال التعمير .
حيث أن إستناد الأمر المطعون فيه في فصله الأول على هذه الفصول من مجلة الجماعات المحلية يعتبر من قبل « المغالطة « لأن الفصول المذكورة أسندت إختصاصا تنفرد به البلديات في مجال إعداد أمثلة التهيئة و المصادقة عليها و لو أن المشرع ألزم هذه الأخيرة بالتنسيق مع السلطة المركزية .
حيث بالنظر إلى محتوى هذا الأمر نلاحظ أنه تجاوز الطابع التنفيذي ضرورة أنه لا يوجد صلب مجلة الجماعات المحلية تفويض تشريعي صريح للسلطة التنفيذية لإتخاذ مثل هذه الأوامر في مجال التعمير .
وحيث ينص الفصل الأول من الأمر المطعون فيه أنه صدر وفقا لأحكام الفصل 21 من مجلة الجماعات المحلية .
حيث أن الفصل 21 من مجلة الجماعات المحلية، الذي إستند عليه الأمر المطعون فيه في فصله الأول ينص « تضبط بمقتضى أمر حكومي بناءا على رأي المجلس الاعلى للجماعات المحلية والمحكمة الإدارية العليا صيغ وإجراءات التنسيق و التعاون بين البلديات والجهة والمصالح الخارجية للإدارة المركزية و المؤسسات والمنشآت العمومية التابعة لها بما لا ينال من إختصاص كل طرف و بما يحقق نجاعة مختلف تدخلات الأجهزة الإدارية«.
حيث لا يعتبر هذا الفصل تفويضا تشريعيا لتدخل رئيس الحكومة في المجال العمراني و إنما يمكن السلطة التنفيذية من إستصدار أوامر حكومية للتنسيق و التعاون في مختلف السياسات المحلية و لا في المجال العمراني خاصة أن المشرع خص الفصول 114 و 239 للمجال العمراني و لم يحل للأوامر التنفيذية .
حيث أن السلطة المركزية و لئن إعتبرت أن الأمر المطعون فيه هو أمر تنفيذي إلا أنه يستنتج مما سبق أنه أمر إستند على فصول لم تمنحه تفويضا و بالتالي سمح لنفسه التدخل بسن أحكام جديدة في المجال العمراني في خرق صارخ للدستور ولمجلة الجماعات المحلية.
ثانيا: خرق الأمر المطعون فيه للفصول 21 و 114 و239 من مجلة الجماعات المحلية
حيث نص الفصل الأول من الأمر المطعون فيه: «يهدف هذا الأمر الحكومي إلى ضبط إجراءات تنسيق الإدارات المركزية و مصالحها الخارجية و المؤسسات و المنشآت العمومية مع البلديات في مجال إعداد أو مراجعة أمثلة التهيئة العمرانية و المصادقة عليها وفقا لأحكام الفصول 21 و 114 و 239 من القانون الأساسي عدد 29 لسنة 2018 المؤرخ في 9 ماي 2018 المتعلق بمجلة الجماعات المحلية».
حيث ينص الفصل 114 من مجلة الجماعات المحلية : «تعد البلديات الأمثلة التي ينص عليها التشريع المتعلق بالتهيئة و التعمير والتي تدخل في إختصاصها وتصادق عليها مجالسها المنتخبة ... يتم التنسيق بين السلطة المركزية و البلديات...عند القيام بالأعمال الواردة بالفقرتين الأولى و الثالثة من هذا الفصل».
حيث وبالإضافة إلى ذلك ينص الفصل 239 من مجلة الجماعات المحلية و الذي ينضوي ضمن عنوان « في الصلاحيات الذاتية « : « يعد المجلس البلدي أمثلة التخطيط العمراني».
حيث ينص الفصل 21 من مجلة الجماعات المحلية:» تضبط بمقتضى أمر حكومي بناءا على رأي المجلس الأعلى للجماعات المحلية و المحكمة الإدارية العليا صيغ و إجراءات التنسيق والتعاون بين البلديات و الجهة و المصالح الخارجية للإدارة المركزية و المؤسسات و المنشآت العمومية التابعة لها بما لا ينال من إختصاص كل طرف».
حيث جاء الأمر الحكومي المطعون فيه تحت عنوان: «أمر متعلق بضبط إجراءات تنسيق الإدارات المركزية و مصالحها الخارجية و المنشآت العمومية مع البلديات في مجال إعداد ومراجعة والمصادقة على أمثلة التهيئة العمرانية».
حيث أنه بالتدقيق في محتوى هذه الإجراءات، نتبين أن الأمر يتجاوز مجرد التنسيق المنصوص عليه بالفصل 114 المذكور في فقرته الثالثة بل يؤدي إلى تقاسم الإختصاص بين البلديات و بقية الإدارات المتدخلة في مجال تنفرد به البلديات بإختصاص إعداد و مراجعة و المصادقة على أمثلة التهيئة العمرانية طبقا للفصلين 114 فقرة أولى و 239 المذكورين .
حيث أن الفصل 239 المذكور يندرج ضمن الصلاحيات الذاتية للبلديات مما يؤكد رغبة المشرع في إفرادها دون غيرها بإختصاص إعداد ومراجعة و المصادقة على أمثلة التهيئة العمرانية الذي لا يندرج بالتالي ضمن الصلاحيات المشتركة المنصوص عليها بالفصل 234 من مجلة الجماعات المحلية .
حيث أن الأمر المطعون فيه قد خرق الفصلين 114 و239 المذكورين مما يجعله مشوبا بعيب خرق القانون بإعتباره يمثل إعتداء من طرف السلطة الترتيبية على إختصاص السلطة المحلية.
حيث أن الفصل 21 من مجلة الجماعات المحلية ، الذي إستند عليه الأمر المطعون فيه في فصله الأول ، ولئن نص على إختصاص السلطة الترتيبة بإتخاذ أمر حكومي يضبط « صيغ و إجراءات التنسيق و التعاون بين البلديات و الجهة و المصالح الخارجية للإدارة المركزية و المؤسسات و المنشآت العمومية التابعة لها» ، إلا أنه حدد هذا التدخل بشرطين متلازمين و هما:
الشرط الأول : أن يتعلق الأمر الحكومي بضبط « صيغ و إجراءات التنسيق و التعاون بين البلديات و المصالح الخارجية للإدارة المركزية و المؤسسات و المنشآت العمومية التابعة لها « ، إلا أن الأمر المطعون فيه و لئن كان بعنوان « التنسيق « فإن مقتضياته تتجاوز التنسيق كليا لتضمنها لقواعد تكرس مبدأ الموافقة المسبقة للسلطة المركزية و مصالحها الخارجية قبل إتخاذ البلدية لقراراتها في هذا المجال كما جاء في الفصل الرابع فقرة ثانية من الأمر المطعون فيه « يعتبر عدم الرد من قبل المستلزمين العموميين ... موافقة ضمنية على قرار التحديد « ، كما تتضمن قواعد تمنح للسلطة المركزية إمكانية إدخال تعديلات على محتوى مشروع المثال كما ورد في الفصل السادس الذي ينص « ... تحيل البلدية مشروع المثال في كل الحالات على المصالح الخارجية للوزارة المكلفة بالتعمير لإبداء الرأي و إدخال التعديلات الضرورية».
و حيث يستنتج مما ذكر أن مقتضيات الأمر المطعون فيه تتجاوز التنسيق إذ تمكن الإدارة المركزية و المؤسسات التابعة لها من مشاركة البلديات في مجال إختصاص تنفرد به طبقا لمجلة الجماعات المحلية وهو ما يمثل تعديا واضحا من السلطة المركزية على الإختصاص الذاتي للبلديات .
الشرط الثاني : أن « لا ينال الأمر الحكومي من إختصاص كل طرف « ، وهو ما لم يحترمه الأمر المطعون فيه و الذي تضمن إجراءات لا علاقة لها بالتنسيق بين الهياكل المركزية و المحلية إنما تتجاوزها لتصبح سلطة رقابة قبلية و إشراف تمارسها السلطة المركزية و الهياكل التابعة لها على البلديات و هو ما يجعل الأمر المطعون فيه يتعارض في نفس الوقت مع الفصل 114 فقرة ثانية و الذي يؤكد على علاقة التنسيق بين السلطة المركزية و البلديات .
حيث أن الأمر المطعون فيه لئن أستند إلى الفصلين المذكورين و خاصة مبدأ التنسيق لضبط عديد الإجراءات في مجال إعداد أمثلة التهيئة إلا أنه يخرق بصفة فادحة مقتضيات مجرد التنسيق بين الهياكل و ويكرس آليات تؤسس لعلاقة عمودية بين السلطة المركزية و البلديات بل لرقابة مسبقة تسلط عليها في مجال تنفرد بها بإختصاص ذاتي .
حيث وتبعا لما تم ذكره فإن الأمر المطعون فيه تدخل في مجال الإختصاص الذاتي للبلديات و يعد اعتداءا على السلطة الترتيبية للبلدية و على صلاحيات السلطة المحلية .
حيث أنه من المبادئ الأصولية في تأويل النصوص القانونية أن النصوص المانحة للإختصاص تؤول تأويلا ضيقا، وفضلا عن ذلك، فقد استقر الفقه وفقه القضاء المقارن على أن تدخل السلطة المركزية بواسطة أوامر أحالت لها النصوص التشريعية المنظمة لللامركزية يجب أن تكون في حدود ضيقة تكريسا لمبادئ الإستقلالية والتدبير الحرّ.
ثالثا: خرق الفصل الرابع من الأمر المطعون فيه الفصول 13 و 14 و 239 من مجلة الجماعات المحلية
حيث ينص الفصل 13 من مجلة الجماعات المحلية : « تتمتع الجماعات المحلية بمقتضى القانون بصلاحيات ذاتية تنفرد بمباشرتها ...».
حيث ينص الفصل 14 : « تنفرد كل جماعة محلية بما يرجع لها من الصلاحيات الذاتية... ».
حيث ينص الفصل 239 : « يعد المجلس البلدي أمثلة التخطيط العمراني ...».
حيث ينص الفصل الرابع من الأمر المطعون فيه: «تحدد المناطق التي تقتضي إعداد أو مراجعة مثال التهيئة العمرانية بقرار من المجلس البلدي بناء على رأي المستلزمين العموميين و المصالح الخارجية للوزارة المكلفة بالتعمير و الوزارة المكلفة بالدفاع الوطني و الوزارة المكلفة بالفلاحة و الوزارة المكلفة بالبيئة و الوزارة المكلفة بأملاك الدولة و الشؤون العقارية و المصالح المركزية أو الخارجية لسائر الوزارات المعنية و الوكالات العقارية و كذلك على رأي اللجنة الفنية الوطنية لحصر التجمعات السكنية و التوسعات العمرانية بالأراضي الفلاحية . يعتبر عدم الرد من قبل المستلزمين العموميين و المصالح المنصوص عليها أعلاه في أجل أقصاه شهرين موافقة ضمنية على قرار التحديد».
حيث يضيف هذا الفصل إجراءات وأحكام جديدة من تحديد الهياكل الواجب إستشارتها و إشتراط موافقتها القبلية قبل أن تتخذ البلدية قرار التحديد و التي لم ينص عليها أي تشريع سابق لا في إطار مجلة التهيئة الترابية و التعمير و لا في إطار مجلة الجماعات المحلية.
حيث أن هذه الإضافة تدخل تغييرات جذرية على الإطار التشريعي النافذ في هذا المجال و تتعارض مع مقتضيات مجلة الجماعات المحلية في فصولها 13 و 14 و 239 و التي تكرس لمبدأ الإختصاص الذاتي الذي تنفرد به البلديات في مجال إعداد أمثلة التهيئة العمرانية بما في ذلك تحديد المناطق المعنية بإعداد أو بمراجعة الأمثلة .
حيث أن الفصل المذكور يخرق مبدأ علوية النصوص التشريعية على النصوص الترتيبية مما يجعله حريا بالإلغاء على هذا الأساس.
رابعا: خرق الفقرة الأولى و الفقرة الثالثة و الرابعة من الفصل السادس للفصول 4 و 25 و 114 و 239 من مجلة الجماعات المحلية .
حيث ينص الفصل 4 من مجلة الجماعات المحلية : « تدير كل جماعة محلية المصالح المحلية وفق مبدأ التدبير الحر طبقا لأحكام الدستور و القانون مع إحترام مقتضيات وحدة الدولة».
حيث ينص الفصل 25 من نفس المجلة : « تتمتع الجماعة المحلية بسلطة ترتيبية تمارسها في حدود مجالها الترابي وإختصاصها ...»
حيث تنص الفقرة الأولى من الفصل السادس من الأمر المطعون فيه: « إثر إنقضاء أجل الإستقصاء العمومي ، تحيل البلدية مشروع المثال ... على المصالح الخارجية للوزارة المكلفة بالتعمير لإبداء الرأي و إقتراح إدخال التعديلات الضرورية عند الإقتضاء ...». .
وحيث تضيف الفقرة الثالثة من الفصل السادس: «تحيل البلدية مشروع المثال معدلا وفقا لآراء المصالح المنصوص عليها إلى الوزارة المكلفة بالتعمير».
و حيث تنص الفقرة الرابعة من الفصل السادس :» عند إستكمال الإجراءات المبينة أعلاه يعرض مشروع المثال معدلا وفقا لآراء المصالح المنصوص عليها بالفقرات السابقة من هذا الفصل ...على المجلس البلدي للمصادقة ...» .
حيث يمكن هذا الفصل السلطة المركزية من إدخال تعديلات على محتوى مشروع مثال التهيئة مما يشكل خرقا صارخا لمبدأ التدبير الحر الذي تتمتع به البلديات طبقا للفصل 4 من مجلة الجماعات المحلية و للسلطة الترتيبية التي تتمتع بها البلديات في مجال إختصاصاتها الذاتية طبقا للفصل 25 المذكور، و الذي يستنتج منه أن تعديل محتوى مشروع المثال هو من صميم السلطة الترتيبية للبلديات و لا يمكن أن يكون نتيجة إملاءات المصالح المركزية أو هياكلها الخارجية كما يمليه الأمر المطعون فيه.
حيث تعتبر هذه الفقرات غير متطابقة مع الفصول 4 و 25 و 114 و 239 من مجلة الجماعات المحلية و حرية بالإلغاء على هذا الأساس .
خامسا : خرق الفصل السادس للفصلين 29 و 239 من مجلة الجماعات المحلية
حيث ينص الفصل 29 من مجلة الجماعات المحلية في فقرته الثانية: « يخضع إعداد برامج التنمية و التهيئة الترابية وجوبا إلى آليات الديمقراطية التشاركية .
يضمن مجلس الجماعة المحلية لكافة المتساكنين و للمجتمع المدني مشاركة فعلية في مختلف مراحل إعداد برامج التنمية والتهيئة الترابية».
وحيث ينص الفصل 239 من نفس المجلة :» يعد المجلس البلدي أمثلة التخطيط العمراني بإعتماد آليات الديمقراطية التشاركية» .
حيث ينص الفصل 6 من الأمر المطعون على أن المجلس البلدي: «يصادق على مشروع المثال معدلا وفقا لآراء المصالح المنصوص عليها و مرفقا بالملاحظات والإعتراضات التي أسفر عنها الإستقصاء العمومي «.
حيث أن الفصل 6 المذكور يمكن السلطة المركزية من إدخال تعديلات على مشروع المثال بعد أن تم عرضه من طرف المجلس البلدي على الإستقصاء العمومي الذي مكن المواطنين من» تدوين ملاحظاتهم أو إعتراضاتهم « في مرحلة أولى من مراحل إعداد مشروع المثال.
حيث نستنتج مما سبق بسطه أن المجلس سيصادق على مشروع المثال معدلا وفقا لآراء المصالح المركزية دون إعادة عرضه على الإستقصاء العمومي ثانية .
وحيث و على هذا الأساس ، يؤدي إدخال السلطة المركزية تعديلات على مشروع المثال بعد تشريك البلدية للمواطنين ، إلى إفراغ مبدأ الديمقراطية التشاركية من محتواه بإعتبار أن مشاركة المواطنين كانت شكلية و ليست فعلية .
حيث أن هذا التنصيص يتعارض مع مبدأ الديمقراطية التشاركية المكرس بمختلف فصول القسم الخامس من مجلة الجماعات المحلية و المتعلق بالديمقراطية التشاركية و الحوكمة المفتوحة و خاصة الفصل 29 المذكور .
حيث تعتبر هذه الفقرة من الفصل 6 المذكور غير متطابقة مع الفصلين 29 و 239 من مجلة الجماعات المحلية و حرية بالإلغاء على هذا الأساس.
سادسا : خرق الفصول الخامس و السادس و السابع من الأمر المذكور للفصل 121 من مجلة الجماعات المحلية
حيث ينص الفصل 121 من مجلة الجماعات المحلية : تتولى السلطة المركزية أو ممثلها بالجهة إشعار الجماعات المحلية كتابيا بالإخلالات التالية عند القيام بأحد الأعمال المنصوص عليها بهذا الباب :
- مخالفة التشريع الوطني المتعلق بالمجال الترابي
- عدم إحترام الإرتفاقات ذات المصلحة العمومية
- عدم تناسق أعمالها مع أمثلة جماعات محلية مجاورة
- الإضرار بالمشاريع ذات الصبغة العامة .
حيث أن الفصلين 5 و 6 من الأمر المطعون فيه يخولان للسلطة المركزية عن طريق مصالحها الخارجية و للوزارة المكلفة بالتعمير إدخال تعديلات في مراحل متعددة على مشروع مثال التهيئة و ذلك قبل المصادقة عليه من طرف المجلس البلدي.
حيث أن هذا الإجراء يمثل خرقا للفصل 121 المذكور بإعتباره لا يخول للسلطة المركزية سوى تقديم إشعار كتابي للجماعة المحلية بالإخلالات المرتكبة عند إعداد أمثلة تهيئتها.
حيث أن إدخال مثل هذه التعديلات قبل المصادقة على المشروع من طرف المجلس البلدي يشكل رقابة سابقة تمارسها السلطة المركزية على البلديات في مجال تتمتع فيه هذه الأخيرة بمبدأ التدبير الحر في إطار صلاحياتها الذاتية التي تنفرد بها و التي لم تمنح فيها مجلة الجماعات المحلية للسلطة المركزية سوى إمكانية التدخل البعدي إما بإشعار كتابي أو في حالة عدم تجاوب البلدية بإمكانية الإعتراض امام القضاء الإداري طبقا للفصل 278 من مجلة الجماعات المحلية الذي يمكن الوالي «بمبادرة منه أو بطلب ممن له مصلحة الإعتراض على القرارات التي تتخذها البلدية».
حيث يعتبر الفصلين 5 و 6 المذكورين غير متطابقين مع الفصل 121 من مجلة الجماعات المحلية و حريان بالإلغاء على هذا الأساس.
حيث نص الفصل 7 من الأمر المطعون فيه: «أن الوزارة المكلفة بالتعمير تقوم بإشعار البلديات عند معاينة الإخلالات التالية : - مخالفة التشريع الوطني المتعلق بالمجال الترابي و العمراني ، بما في ذلك عدم إستشارة المصالح المركزية أو الخارجية للسلطة المركزية التي أوجبت الأحكام المذكورة إستشارتها ».
حيث أن الفقرة المذكورة تخرق صراحة الفصل 121 من مجلة الجماعات المحلية الذي حدد بصفة حصرية الإخلالات التي يمكن للسلطة المركزية إشعار الجماعة المحلية بها و التي لا يمكن للأمر المطعون فيه التوسع في قراءتها بإضافة مقتضيات جديدة لم يشملها الفصل 121 المذكور.
و حيث أن الفصل السابع من الأمر المطعون فيه أصبح يشرع في مجال ليس من إختصاصه مما يجعله خارقا لإحكام الفصل 121 من مجلة الجماعات المحلية و حرية بالإلغاء على هذا الأساس.
سابعا: خرق الأمر المطعون فيه لمبدأ علوية القانون الأساسي على القانون العادي
حيث أن الفصول المطعون فيها في الأمر المذكور والتي تشير إلى إستشارة السلط المركزية و مصالحها الخارجية والتي تمنحها صلاحية الموافقة المسبقة و إدخال التعديلات قبل مصادقة المجلس البلدي تنبثق من الفصل 16 من مجلة التهيئة الترابية و التعمير و الذي لم يعد يتماشى مع مبدأ التدبير الحر و مع الإختصاص الترتيبي للبلديات و مع مبدأ الرقابة اللاحقة التي تمارسها السلطة المركزية على البلديات و المكرسة في مجلة الجماعات المحلية و ذلك عملا بعلوية مقتضيات القانون الأساسي أي مجلة الجماعات المحلية على مقتضيات القانون العادي أي مجلة التهيئة الترابية و التعمير .
حيث أن هذا المبدأ طبقه كل من القضاء الدستوري (قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين عدد 1 /2018 مؤرخ في 23 جانفي 2018 يتعلق بالطعن في دستورية مشروع القانون عدد 78 /2017 المتعلق بمنح عطلة استثنائية للأعوان العموميين المترشحين للانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية والجهوية.) و القضاء الإداري حيث إعتبر القاضي في القضية التعقيبية عدد 34002 بتاريخ 17 مارس لسنة 2003 «أن إجراءت التعقيب في المادة الجبائية تخضع لقانون المحكمة الإدارية لا للفصل 71 من مجلة الضريبة ، ضرورة أن قانون المحكمة الإدارية هو قانون أساسي بوأه الدستور مكانة أرفع من القوانين العادية على غرار المجلة المشار إليها ».
حيث أن محكمتكم الموقرة و بمناسبة إستشارتها من قبل رئيس الحكومة حول مشروع أمر حكومي يتعلق بالمصادقة على مراجعة مثال التهيئة العمرانية لبلدية المرسى إعتبرت أنه « في ضل غياب أحكام إنتقالية صلب مجلة الجماعات المحلية في هذا الخصوص ، و عملا بقاعدة الأثر الفوري ، فإنه يتعين إستبعاد تطبيق أحكام الفصل 19 من مجلة التهيئة الترابية و التعمير ، و تفعيل أحكام الفصل 114 من مجلة الجماعات المحلية الذي إقتضى أن تتم المصادقة على مثال التهيئة و بالتالي مراجعته بقرار صادر عن المجلس البلدي ضرورة أن مبدأ التدرج الهرمي للنصوص يقضي بعلوية القانون الأساسي عن القانون العادي» (الإستشارة عدد 1942 - 2020 بتاريخ 2 أفريل 2020) .
حيث أنه و إن لا تزال أحكام مجلة التهيئة الترابية والتعمير سارية المفعول إلى حين صدور مجلة جديدة تتماشى مع مقتضيات الدستور و مجلة الجماعات المحلية إلا أن نفاذ مقتضياتها مقيد بمبدأ التدرج الهرمي للنصوص يقضي بعلوية القانون الأساسي عن القانون العادي .
حيث لا يمكن للسلطة الترتيبية أن تعيد إنتاج القواعد التشريعية الموجودة في مجلة التهيئة الترابية و التعمير و التي نسختها مجلة الجماعات المحلية بحكم علويتها عليها.
حيث أن هذا الأمر بخروقاته الخطيرة و المتواترة والمتتالية التي تنال بصفة فادحة من روح الامركزية التي أرساها الدستور و نظمتها أحكام مجلة الجماعات المحلية بلغ أقصى درجات اللاشرعية مما يصيره لا فقط مشوبا بمجرد عيب من العيوب التي تجعله حريا بالإلغاء بل تنحدر به إلى مرحلة القرار المعدوم الذي لا أثر له مثلما سبق لمحكمتكم الموقرة القضاء به في قضايا سابقة على غرار الحكم الإبتدائي عدد 19620 بتاريخ 17 جانفي 2004 .
لذا و لهاته الأسباب ولجملة الخروقات المذكورة
الرجاء من عدالة الجناب الحكم بإلغاء الأمر الحكومي عدد 926 لسنة 2020 مؤرخ في 25 نوفمبر 2020 المذكور أعلاه.

و السـلام

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115