خارطة «البتكوين» في العالـم والمنطقة المغاربية...

بعد أن شهدت عملة «البتكوين» الرقمية المٌشفرة طفرة غير مسبوقة في سعر تداولها مخترقة جميع الحواجز والعتبات المتوقعة

بقيمة سوقية بلغت تريليون دولار وما أحدثه ذلك من زلزال عنيف تجاوز أوساط المال والأعمال وأروقة البنوك المركزية ليصبح حديث العامة والمنتديات الافتراضية بجميع أصنافها وكأنّ بالشخصية الغامضة للمؤسّس المفترض لعملة «البتكوين «ساتوشى ناكاماتو» بدأت بالبوح بالبعض من أسرارها...
وفي محاولة لإجراء تقطيع جيني un séquençage génétique للهوية البيومترية لهذه العملة، سنعمد الى اطلاق سلسلة من الورقات البحثية حول هذه العملة / اللغز ، يكون منطلقها خارطة توزيع «البتكوين» حول العالم وفي المنطقة المغاربية على وجه الخصوص.
1- الدول المانعة للبيتكون إلى حدود مارس 2019
للتذكير فإن «بتكوين» عبارة عن «عملة رقمية تعتمد على التشفير، وتتميز بأنها «عملة لا مركزية»، ولا تملك العملات الرقمية المشفرة، رقما متسلسلا ولا تخضع لسيطرة الحكومات والبنوك المركزية، كالعملات التقليدية، بل يتم التعامل بها فقط عبر شبكة الإنترنت».
ومن بين الدول التي تمنع استخدام «البتكوين» شراءا ودفعا نذكر على سبيل المثال لا الحصر القائمة التالية :
أفغانستان – باكستان – الجزائر – المغرب – الصين - بوليفيا – العربية السعودية – الكويت – روسيا الاتحادية الخ
2- الدول المٌطبّعة مع «البتكوين» بدرجات متفاوتة - على سبيل المثال لا الحصر -
اليابان – هولندا – أوكرانيا – سنغفورة – مالطا – ألمانيا – جورجيا – الولايات المتحدة الأمريكية (تداول مسموح به في حدود 10 ألاف دولار) - الخ
3- باقي الدول المتأرجحة بين المنع والتطبيع - على سبيل المثال لا الحصر –
ألبانيا – الأرجنتين – كولومبيا – نيجيريا – تونس – الامارات العربية الخ
4- الدول المغاربية : المراوحة بين اللون الأسود والرمادي
على ضوء ما سبق، تتأرجح مواقف الدول المغاربية حيال عملة «البتكوين» بين الرفض وحالة اللاموقف:
- ليبيا : من الأكيد أن حالة التناحر المناطقى المٌسلّح الذي تشهده البلاد ألقت بظلالها على وضعية العملة المشفرة التي عرفت بدورها انقساما داخل مؤسسة المصرف المركزى بين شق مؤيد واخر رافض «للبتكوين»، ووفق ما نقلته «بوابة الوسط» فقد كرست «حالة الانقسام السياسي في ليبيا وضعية الانقسام في المصرف المركزي على نفسه، ما يجعل اتخاذ مواقف صارمة بشان تداول الليبيين للعملات الافتراضية أو الرقمية غير فعال، خاصة في ظل انشغال المواطنين بأزمة السيولة وتراجع قيمة الدينار، وتزايد نسبة التضخم في الاقتصاد الليبي».
في المدى القريب على الاقل، من السريالية بمكان توقع تشكل موقف ليبى موحد حيال عملة البتكوين في بلد تمزقه الصراعات ويرزح تحت البند السابع من ميثاق الامم المتحدة.
- تونس : من الواضح أن قدر بلادنا ما بعد 2011 ان تظل عالقة في منطقة رمادية شبه دائمة تتسم بعدم قدرة الطواقم الحكومية المتعاقبة على الحسم في عدد من الملفات الكبرى وذلك بالاكتفاء بلعب دور المتفرج حيال قضايا الرقمنة بشكل خاص بما فيه ملف «البتكوين» المفخّخ...
في هذا الصدد، اختارت بلادنا على خلاف جيراننا في الجزائر والمغرب نهج اللاموقف في التعاطى مع ظاهرة «البتكوين» في انتظار ما ستؤول إليه هذه العملة على المستوى الدولى...
حسب تقديرات عدد من الخبراء تعكس هذه المقاربة الانتظارية approche attentiste درجة عالية من العقلانية خاصة وان السلطة النقدية في البلاد بصدد الاشتغال بالشراكة مع مؤسسة « بريد تونس» وعدد من الشركات الناشئة les startups ومشغلى الانترنت على تطوير الدينار الإلكترونى e-dinar ليصبح عملة مشفرة وفق خصائص وبرتوكولات التداول التي تعرفها باقى العملات الرقمية الشهيرة لكن مع الإبقاء عليها تحت الرقابة المباشرة للبنك المركزى.
في المقابل، فان ضرورة الاسراع باتخاذ القرار السيادى المناسب في هذا الشأن مسألة لا تحتمل كثيرا من «التكركير» على الطريقة التونسية خاصة وأنه ثبت بالملموس - على خلفية الهجمات الالكترونية الكبرى التي عرفتها بلادنا مؤخرا - انها العملة المفضلة بامتياز لقراصنة الإنترنت إضافة إلى دورها الحاسم والمؤكد في تبييض الأموال وتمويل الإرهاب على نطاق دولى واسع.
تجدر الملاحظة بان القانون التونسى لا ينظم تداول «البتكون» وفي ذات الوقت لا يجرّمه على الاطلاق وذلك بالرغم من تصريحات محافظ البنك المركزى السابق والحالى الرافضة من حيث المبدإ عملية تداول «البتكوين» داخل المنظومة البنكية والمالية...
- الجزائر : أكد وزير المالية السابق عبد الرحمان راوية «ان نظام العملة الرقمية المستعمل في بعض البلدان،تم منعه في الجزائر منعا باتا في اطار قانون المالية 2018 ، والذي يتضمن مادة تنص على عدم استعماله للشراء او الدفع وذلك بسبب إمكانية إستخدامه لشراء أشياء غير مطابقة للمواد المسموح بها في الجزائر».
- المغرب : أصدر بنك المغرب ومكتب الصرف الأجنبي بيانًا في 20 نوفمبر 2017 ينص صراحة على «إنّ التعامل بالعملات الافتراضية يشكل انتهاكًا للأنظمة في المغرب، وسيتعرض من يتداول هذه العملات للعقوبات والغرامات».
كما أكد «مكتب الصرف المغربي» على ضرورة «الالتزام بقوانين الصرف المعمول بها في البلاد، والتي تنص على أنّ المعاملات المالية مع الخارج يجب أن تتم عن طريق البنوك المعتمدة بالمغرب، وبواسطة العملات الأجنبية المعتمدة من بنك المغرب، معتبرًا أنّ التعامل بـ ”Bitcoin” يشكل خطرًا على المتعاملين بها لكونها نقودًا افتراضية لا تتبناها الجهات الرسمية، ويبقى دائمًا أصحابها الأصليون مجهولي الهوية”.
في مطلق الاحوال، من الواضح أن النظام النقدي الراهن يخوض حرب وجودية ضروس في مواجهة عدو غير تقليدي اسمه « البتكوين وشركائها» Bitcoin & Cie Wait and See!

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115