ففي تركيا مات ودُفن كل من:
- القائد القرطاجي العظيم حنّبعل في سنة 183 قبل الميلاد
- الوزير المصلح خير الدين الذي تولى منصب صدر أعظم للدولة العثمانية بين 4 ديسمبر 1878 و29 جويلية 1879،(1)
- والزعيم علي باش حامبة مؤسس «حركة الشباب التونسي» الذي استقر باسطنبول بعد نفيه من قبل سلطات الحماية في مارس 1912 على إثر حركة مقاطعة الترامواي حيث تولى مناصب عليا في العدلية التركية.(2)
• بعض المحطات في العلاقات التونسية التركية : من التبعية إلى التحرّر
سنة 1574 : أصبحت تونس ولاية تابعة للسلطة العثمانية
سنة 1705 : تأسّس في تونس حكم وراثي دام حتى 1957 تاريخ الإعلان عن الجمهورية. وقد استعملت العائلة الحسينية الحاكمة طيلة هذه الفترة عناصر تونسية في ممارسة السلطة في المستوى المركزي والمحلي وأمكنها بذلك السيطرة الكلية على المجال. ومع الإعتماد المتزايد على العنصر المحلي تراجعت ظاهرة جلب المماليك وتوظيفهم في المراكز الحسّاسة للدولة. وبرزت تدريجيا الذاتية التونسية.
أما في خصوص الجنوح إلى الاستقلالية فإن عدد المؤشرات والوقائع تدعم هذا السعي. لقد أخذ العلم التونسي ملامحه النهائية الحالية منذ حسين باي الثاني (حكم من 1824 إلى 1837) وهو راية تختلف عن الراية العثمانية وان كانت تشبهها.
فإضافة إلى توقيع الاتفاقيات مع الدول الأجنبية دون الرجوع إلى الباب العالي فإن مسألة استعمال اللغة العربية والإحجام عن اللغة العصمانلية يعد أمرا بالغ الأهمية.
ان الوثائق التي تم جمعها وحفظها عند إنشاء «خزنة حفظ مكاتيب الدولة» سنة 1874 من قبل الوزير الأكبر خير الدين والتي تهم مجمل ما أنتجته الإدارة حتى ذلك التاريخ كتبت في أغلبيتها الساحقة باللغة العربية. لقد قام المؤرخ روبارت منتران بجرد الوثائق التركية بأرشيف دار الباي المتعلق بفترة ما قبل 1881 فوجد أن عددها لا يتجاوز 1500 وثيقة و100 دفترا على مجموع 400 ألف وثيقة و15 ألف دفتر. (3)
وحتى في التراسل مع الباي العالي أصبح أحمد باي منذ سنة 1838 يستعمل اللغة العربية.
من جانب آخر استعملت العائلة الحسينية الحاكمة بتونس منذ 1710، وبشكل تدريجي تصاعدي، عناصر تونسية محلية بالمدن وقبائل مخزنية بالأرياف لممارسة السلطة وبسط نفوذها على المستوى المركزي والمحلي وتثبت الوثائق الإدارية والدفاتر المحفوظة بالأرشيف الوطني ذلك.
فمنذ أحمد باي ضعفت العلاقة مع الدولة العثمانية وأصبحت تونس تتعامل مع الخارج كدولة مستقلة تماما إلى درجة أن أحمد باي رفض العمل بالاصلاحات التي أقرتها اسطنبول سنة 1839 بحجّة اختلاف الطباع والظروف، بل وأرسل أحمد ابن أبي الضياف إلى الباب العالي لإبلاغ هذا الرفض وشرحه .
• الإصلاحـات :
- بداية من حكم أحمد باي (1837 - 1855) وخاصة بعد 1860 عرفت تونس إصلاحات عديدة شملت مختلف الميادين فتم تأسيس الوزارة الكبرى ووزارة الحرب والبحر ومجلسا لتدقيق الحسابات ووزارة للعمالة (الداخلية) ومجلسا أكبرا (نوع من البرلمان) وإصدار دستور يفصل بين السلط الثلاث ويحدد مهامها. كما تم إنشاء مطبعة رسمية ومجلة رسمية تسمى «الرائد التونسي»...
- بداية من 1839 بدأت الدولة العثمانية محاولات إصلاحية سميت بالتنظيمات (Tanzimat)
• حرب القرم :
(1853 - 1856) شاركت تونس في هذه الحرب مساندة للدولة العثمانية ضد روسيا بما يقارب 7 آلاف رجل مات نصفهم تقريبا.
• إلغـاء العبوديـة
- ألغت تونس العبودية نهائيا في جانفي 1846
- ألغت السلطة العثمانية العبودية في أفريل 1847
• إصدار الدستـور
- أصدرت تونس دستورا عصريا في 1861
- أصدرت السلطة العثمانية دستورا عصريا سنة 1876
• تركيا والقضية الفلسطينية
- 1948 : تركيا هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي اعترفت مبكّرا باسرائيل سنة 1949.
• تركيا والقضية التونسية
في 31 مارس 1952 اقترحت الباكستان إدراج القضية التونسية في جدول أعمال مجلس الأمن. نُوقش هذا المقترح أيام 4 و10 و14 أفريل 1952 وتم رفضه من قبل فرنسا وبريطانيا
وهي دول تملك حق النقض في حين صوتت مع المقترح الداعم لتونس كل من الباكستان والاتحاد السوفياتي والبرازيل والتشيلي والصين وامتنعت عن التصويت الولايات المتحدة واليونان وهولاندا وتركيا.
هذا الامتناع من قبل تركيا اعتبرته الأوساط الوطنية التونسية عملا عدائيا. تبعته فترة فتور طويلة في العلاقات حتى 1965.
• زيارة الرئيس بورقيبة إلى تركيا : مارس 1965
تمت هذه الزيارة في ظروف الأزمة القبرصية والنزاع اليوناني التركي.
في 25 مارس 1965 خطب الرئيس بورقيبة أمام نواب البرلمان التركي وقال « باعتباري صديقا للأتراك وصديقا لليونانيين أمتنع عن اتخاذ موقف منحاز يزيد من تعقيد الموقف ولا يساعد في التوصل إلى حلّ وسط وأنه على الرجال العقلاء أن يفرّقوا بين المهم والأهم». المهم بالنسبة إليه إيجاد حلّ للقضية القبرصية والأهم هو أن تحافظ تونس على علاقات الصداقة مع كل من تركيا واليونان. كما دعا تركيا إلى تفهم موقف العرب تجاه تركيا في علاقة بالقضية الفلسطينية.
وقد ساهمت هذه الزيارة في اذابة الجليد بين العرب وتركيا وتراجع الجفاء الذي بدأ مند 1916 تاريخ اندلاع الانتفاضات العربية ضدّ الحضور التركي بالمشرق وتفاقم بعد اعتراف تركيا بإسرائيل سنة 1948 .
وفي ديسمبر 1966 أدى الرئيس التركي جودت سوناي زيارة إلى تونس.
وعاد بورقيبة إلى تركيا في زيارة خاصّة سنة 1968 وزار المكان المرجح أن يكون قد دُفن فيه حنبعل وطالب بنقل رُفاته إلى تونس لكن الأتراك لم يوافقوا على ذلك ووعدوا ببناء ضريح له.
------
(1) كان خير الدين من كبار أعوان الدولة التونسية قبل الحماية وتولى الوزارة الكبرى بين 1873 و1877. انتقل سنة 1878 إلى اسطنبول وتوفي بها في سنة 1890. وفي شهر أفريل 1968 تم إرجاع رفاته إلى تونس.
(2) توفي علي باش حامبة في 29 أكتوبر 1918 واعترافا له بالفضل والجميل أكرمته تونس المستقلة وتم جلب رفاتـه في 9 أفريل 1962.
3-Mantran (Robert) : Inventaire des documents d’archives Turcs à Dar El Bey (Tunis) .Puf-1961