دعونا نعطي فرصة للمرحلة الانتقالية السورية

بقلم: السفير ميشيل دوكلو

في مقابلة مع” جريدة المغرب“، يحلل ميشيل دوكلو، السفير الفرنسي السابق في سوريا،

التطورات السياسية في سوريا. تتعرض هذه المقابلة إلى 5 محاور:
نظام الأسد "في نهاية فترة حكمه": يُظهر الهجوم الخاطف الذي شنه الثوار السوريون، الذين استولوا على حلب في غضون 48 ساعة فقط، استنفاد طاقة نظام الأسد، الذي ضعف دعمه الداخلي والخارجي. لم تستطع قوات الأسد” المنهارة معنويًا والتي لا تتقاضى أجورًا كافية “المقاومة في غياب داعميها التقليديين حزب الله (الذي سحقه الصراع في غزة) وإيران (التي تعرضت مواقعها في سوريا لقصف إسرائيلي مكثف لأكثر من عام) وروسيا (التي حشدت قواتها على الجبهة الأوكرانية). كان نظام الأسد متذبذبًا بالفعل ولم يبدِ أي مقاومة لهجوم هيئة تحرير الشام.
بصيص من الأمل في سوريا: سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024 هو” انفراج“ حقيقي للمجتمع السوري وجالياته المشتتة. فالعديد من المواطنين الذين غادروا البلاد في عام 2013 يرغبون في العودة، أو يأملون في العودة قريبًا. ويعطي أحمد الشرع، وهو الذي يترأس الحركة الإسلامية” هيئة تحرير الشام“، الذي تخلى عن اسمه الحركي لصالح اسم مدني، انطباعًا بأنه يتمتع بحس سياسي متميز: على مدى السنوات الخمس الماضية، تمكن من إدارة المنطقة الذي كان يحكمها في إدلب، مُبديا حرصا على حماية الوحدة واحترام الأقليات [خاصة المسيحيين والأكراد]، وهو اليوم يعطي انطباعاً بأنه يضع خلفيته السلفية والجهادية جانباً ليحاول أن يصبح شخصية سياسية وطنية، أي شخصية تمثل ثورة جديدة للشعب السوري.
تحدي الوحدة: لا تزال سوريا عبارة عن فسيفساء من الحساسيات الدينية والعرقية. وهيئة تحرير الشام ليست الوحيدة التي تدّعي خلافة نظام الأسد: يجب عليها التعامل مع حلفائها من الجيش السوري الحر في الشمال الشرقي، الذي يعتمد على تركيا، ولكن أيضًا مع الجماعات المتفرقة في الجنوب، التي كانت أول من وصل إلى دمشق، وهي تتميز بانتماءات متنوعة. وبالتالي، فإن نقل تجربة إدلب إلى المستوى السوري مهمة معقدة للغاية. ومع ذلك، فإن وجود توافق معين بين هذه التيارات المختلفة - بالإضافة إلى الأكراد والطوائف العلوية في الساحل - أمر ضروري لضمان أن يفسح رحيل الأسد المجال لحكم توافقي (انظر السيناريو 4)
الآفاق: يمكن تصور أربعة سيناريوهات رئيسية لمستقبل سوريا:
السيناريو الأول ”على الطريقة الليبية“: الخلاف بين المجموعات المختلفة وتقسيم البلاد⁏
السيناريو 2 ”على النمط الأفغاني‟: تفرض المجموعة الحاكمة الشريعة الإسلامية الكاملة والقوانين الصارمة والاستبدادية، حيث تلعب هيئة تحرير الشام دور حركة طالبان⁏
السيناريو 3 ”على الطريقة السودانية“: يؤدي الخلاف بين الجماعات المختلفة إلى حرب أهلية دائمة⁏
السيناريو 4 ” السيناريو المرغوب فيه“: يتبع القادة (على الأرجح من هيئة تحرير الشام) التطلعات الوطنية السورية ويتعاملون معها من خلال دمج تنوع المجموعات.
دور الغرب (وفرنسا): قادة هيئة تحرير الشام الاسلامية ومجتمع سوري مصدوم بعد عقد من الرعب والذي” يمثل المذهب السني المحافظ مركز ثقله“ وكذلك اقتصاد غارق وترقب دولي: المرحلة الانتقالية في سوريا تتناغم مع حالة عدم اليقين. وفي هذا السياق، وبالاستفادة من دروس تخلي الغرب عن سوريا في عام 2013، وتركها في أيدي الإسلاميين، فإن لنا دورًا يجب أن نلعبه على الميدان في سوريا لدعم العملية الانتقالية. يجب أن نتجنب ترك الميدان مفتوحاً للإسلاميين المتطرفين أو المنافسين الإقليميين. وإذا كانت سوريا تعتبر نهاية الربيع العربي، فربما من خلال سوريا يعود الأمل لشعوب المنطقة؛ وهذا سبب إضافي يدفعنا للسعي إلى التواجد في هذه اللحظة التاريخية، دون أن ندخر جهدنا لإعادة إعمار سوريا عبر حوار سلمي.
ملاحظة: السفير ميشيل دوكلو هو أيضًا مؤلف كتاب "الليلة السورية الطويلة"، الذي صدر عن دار النشر Editions de l'Observatoire سنة 2019.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115