جرائم التطهير العرقي من افريقيا الى فلسطين اليوم...

من خلال شهادات أطباء من جنسيات مختلفة وممثلين عن منظمات دولية وحقوقية

وحتى من خلال الصور التي تصلنا على الشاشات نتبين ان الوضع في غزة أكثر من كارثي وهو"GENOCIDE" بأتم معنى الكلمة، مع سجن مليون واربعمائة ألف شخص في سجن مفتوح برفح ينتظرون حتفهم او ترحيلهم قسرا الى مصر.
ما يحدث في غزة هو جريمة حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية وسياسة تطهير عرقي ممنهجة، ما يحدث باختصار خارج عن القوانين والاتفاقيات والاعراف الدولية، انه تطهير عرقي وسجن وتجويع مئات الالاف من الفلسطينيين وحرمانهم من ابسط الحقوق.
نعتقد ان كل الدول الأوروبية التي تحترم ما يسمى ب" الإنسانية" عليها ان تحتج بكل قوة طالبة من سفرائها ولو كان ذلك بصفة وقتية ورمزية مغادرة إسرائيل بشكل فوري. دون هذا الاجراء الدبلوماسي المعمول به في هذه الحالات، كل هذه الدول تعتبر شريكة في هذه الجرائم التي لم يعد من الممكن التعتيم عليها او إيجاد أي تبرير لها سواء كان ذلك من الناحية الأخلاقية، الدبلوماسية، الإنسانية، الخ...
بالإضافة ان كل دولة لها سفير في إسرائيل اليوم وكانت ضحية الفاشية والنازية في وقت ما هي كان لها أيضا تاريخ مليء بالتطهير العرقي في افريقيا لمدة أكثر من قرن فاغلب الدول الأوربية والغربية يعج رصيدها بعمليات الإبادة الجماعية وترهيب السكان الأصليين بقتلهم وشنقهم وحرق تراثهم ومحوه، فلعل هذه الدول ترى في بشاعة الصهيونية نموذجا متجددا لسياساتها الاستعمارية في القارة الافريقية الشهيدة.
واني لا ابالغ إذا قلت ان ما يقع اليوم في فلسطين ما اشبهه بما حصل فيما يسمى بكينيا اليوم من تقتيل وتهجير لشعب الماصاي Massai من قبل الاحتلال البريطاني الذي برهن انه قادر على محو الشعوب الافريقية بدون شفقة وكذلك الامر بالنسبة لما حصل في الجزائر من طرف فرنسا وفي الكونغو من طرف بلجيكا... وحتى لا اطنب في تعداد الأمثلة التي صارت اليوم وصمة عار على جبين هذه الدول التي تساند الكيان الصهيوني في القضاء على الشعب الفلسطيني، سأكتفي بذكر بعض من مواقف القادة الاوروبويين وما اشبهها بتصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت وغيره من المسؤولين الإسرائيليين اليوم وهو يصف شعب غزة بالحيوانات البشرية ، نذكر انه في كتابه "Inglourious Empire"، يتذكر Shashi Tharoor قسوة الإمبراطورية البريطانية بالقول إن رئيس الوزراء السابق Winston Churchill يجب أن يعتبر أحد أقسى الديكتاتوريين في القرن العشرين، اذ قال الأخير في محادثة مع وزير الخارجية البريطاني للهند وبورما Leo Amery: "أنا أكره الهنود! إنهم حيوانات ذات ديانة قاسية وهذه المجاعة هي خطأهم، لقد تكاثروا مثل الأرانب".
وحتى لا ننسى، انه من الضروري التذكير بان الحركة النازية والفاشية لم تقف في المانيا بل ساندتها العديد من الحركات والأحزاب الاوربية، ولولا هذه المساندة لكان من الصعب او من المستحيل ان يتمكن هتلر من غزو أوروبا. كما انه لم تقع مكافحة النازية الا في مظهرها الرسمي والعسكري، لكن في الحقيقة تواصل وجود هذا التيار السياسي الى اليوم وتحت ضغوطاته السياسية المتنوعة توسعت فكرة طرد كل الجاليات اليهودية من أوروبا أي تحقيق أبرز اهداف النازية الهتلرية. ولا ننسى ايضا ان اغلب الدول الأوروبية لم تقف ضد التدخل الفاشي والنازي في اسبانيا (1936-1939) الذي كان هدفه دفن الثورة الجمهورية الاشتراكية بتدخل مباشر من طرف الجيوش الإيطالية والألمانية، وفعلا تم ذلك وعرف الشعب الاسباني التهجير والطرد من ارضه والفرار من الإبادة الجماعية ليلجئ الجمهوريون الفارون الى عدة دول أوروبية والى بلدان شمال إفريقيا وامريكا اللاتينية. والمثير للاهتمام اليوم ان الدول الأوروبية وعلى راسها بريطانيا وفرنسا تسترت وراء ما كان يسمى بعدم الانحياز لتفتح فتحا مقصودا وممنهجا كل الأبواب للنازية لغزو أوروبا وما بعدها.
اريد ان أكد في النهاية ان الموقف الأوروبي لمساندة التطهير العرقي في غزة يخضع الى التيارات الايديولوجية الفاشية النازية والاستعمارية المتواجدة الى اليوم في كل انحاء أوروبا، وان هذا التيار لازال جزءا من الثقافة السياسية الأوروبية ويمثل واحدا من اهم الخطب والبلاغات والتصريحات اثناء الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وكما انه يجب الا ننسى ايضا ان أوروبا ساهمت في مقاومة الشيوعية بزعامة الولايات المتحدة ونجحت في ذلك جزئيا ولكن مواقفها الحالية فيما يتعلق بعمليات التطهير العرقي التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني على الأراضي الفلسطينية يدل على انها لم تتخلص من النزعة الفاشية والنازية الاستعمارية، ولعلها لا تريد ان تتخلص من هذا الجزء المظلم من مقوماتها الأيدولوجية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115