اليوم وفي خضم الجدل الهائل الذي أثارته هذه النقلة التي ندد العديد من الأطراف بها وذلك لعدم استشارتهم و اخذ رأيهم في ذلك من طرف وزارة الإشراف التي لم تتول الإجابة على بعض الأسئلة الملحة المطروحة عليها إلى حد الآن. في الأثناء تزايدت التعليقات وتحديدا فيما يتعلق بتكلفة عقد التسويغ وقيمته التي اعتبرها العديد من الملاحظين باهضة ومشطة للغاية، مطالبين في هذا الإطار باتخاذ التدابير اللازمة وصولا إلى فسخ عقد التسويغ..
تزايدت موجة الانتقادات لعملية نقلة المحكمة الابتدائية إلي مقرها الجديد بحي الخضراء و تحديدا في البناية التي على ملك الاتحاد العام التونسي للشغل. كثر الكلام في الآونة الأخيرة حول الظروف التي تتم فيها النقلة المذكورة و الإطار القانوني الذي تندرج فيه بالإضافة إلي العديد من الأمور التي تتعلق بعقد التسويغ للعقار الذي سوف يأوي مصالح المحكمة طيلة مدة التسويغ والتي حددت في مرحلة أولى ووفق ما جاء في عقد الكراء بثلاث سنوات لكن يعتبر العديد من المهتمين بالموضوع أن هذه المدة مرشحة للتجديد لمدد عديدة تأسيسا على معطى متعلق بطبيعة الأشغال في قصر العدالة وأيضا على فكرة سائدة الآن و التي يبدو إنها تعرف رواجا كبيرا مفادها انه من المستبعد ان تعود المحكمة الابتدائية إلى مقرها الحالي بعد أن تقع نقلتها الى حي الخضراء. وذلك لأسباب أمنية تحديدا متعلقة برمزية قصر العدالة الذي كان ولا يزال - لكن بنسق تصاعدي - مكان لقاء المحتجين بمختلف مشاربهم و مكانا لشتى أنواع الاحتجاجات.
بإبعاد المحكمة من شارع باب بنات سيقع القطع مع هذه العادات وينقص الكثير من حدة الضغط و يستبعد نسبيا هاجس التهديدات الامنية المتعلقة بالمكان. نقلة المحكمة من باب بنات إلي حي خضراء ستكون لمدة محدودة مثلما تنص عليه العلاقة العقدية بين وزارة العدل و المنظمة الشغيلة لكن هذه المدة قابلة للتجديد إذا رضي الطرفان بذلك. وسوف تطرح في وقت من الأوقات وأمام تصاعد نسق السلبيات المثارة بخصوص هذه النقلة وخصوصا العبء المالي الناتج عن ذلك. سوف يقع البحث عن حل بديل، ربما في بناء مقر جديد للمحكمة أو في تسويغ مقرّ أخر أو – و هذه فرضية صعبة- شراء عقار بأكمله يفي بالحاجة. الرأي هنا حسب البعض ان مسالة عودة المحكمة الي مقرها التقليدي مستبعدة جدا و ذلك للأسباب الأنفة الذكر.
165 الف دينار شهريا
ارتفعت الأصوات منذ مدة مطالبة وزير العدل أو من ينوبه بعقد ندوة صحفية يخصص موضوعها للكشف عن كل ما يتعلق بعملية النقلة وخصائص و بنود العقد وآجال انجاز وانتهاء العملية. لكن أمام مرور الوقت و اقتراب انجاز النقلة في ظل شبه «تكتم» و«تعتيم» مثلما يصف البعض انطلقت التحاليل لتناول بالنقد و التحليل ما توفر من معلومات. تركزت هذه الانتقادات علي العديد من النقاط لعل أهمها يتعلق بالجانب المالي لهذه العملية أي تكلفة عقد التسويغ والمعينات الكرائية المستوجبة عن كل المدة الأولى مثلما تم تدوينه في العقد. هذه المدة و التي حددت بثلاث سنوات انطلقت منذ تاريخ إبرام و إمضاء العقد. وقد اكد العديد من المتابعين أنّ معينات الكراء المستوجبة الدفع عن الثلاثية المذكورة في العقد تم تحديدها بستة مليارات من المليمات لحساب مليارين عن السنة الواحدة. لو أردنا التعمق في هذا الجانب
المالي لانتهينا إلي رقم 165 ألف دينار عن الشهر الواحد، معني ذلك ان التكلفة المالية عن الشهر الواحد فضلا عن السنة أو كامل مدة التسويغ بلغت وفق العديد من المنتقدين لعملية النقلة حدودا اعتبروها « مفزعة» و مثيرة للتساؤل. اذ يري البعض ان العملية يشوبها الغموض باعتبار أن ظروف انجاز العقد غلب عليها التعتيم و لم يقع الإعلان عنها بشكل صريح الأمر الذي زاد في موجة الانتقادات المتصاعدة إلي حد الآن. هذا بالإضافة إلى انه نتيجة لكل ذلك طالبت بعض الأصوات بالعدول عن النقلة وصولا إلي حد فسخ عقد التسويغ مع المنظمة الشغيلة. شق كبير من المنتقدين اعتبر من الناحية الجدلية الصرفة ان مبلغ الست مليارات المستوجبة بعنوان التسويغ كافية و زيادة إلي ان تسمح ببناية و في مدة وجيزة- لا تتجاوز السنتين- عقار باكمله يصلح بشكل عصري إلي أن يكون محكمة ويفي بكل الحاجيات المطلوبة. أما بخصوص المكان الذي سوف تقوم عليه هذه المحكمة، فلقد اقتراح العديد من الأطراف استغلال قطعة الأرض التي كان مشيدا عليها السجن المدني بشارع 9 افريل بجانب وزارة الصحة..
في جلسات محكمة الناحية و مصالح المحكمة و الامور اللوجستية..
مع اقتراب موعد انجاز النقلة و تسارع نسق الأعمال المترتبة عنها داخل قصر العدالة أخذت العديد من الأسئلة في فرض نفسها علي الساحة تحديدا بخصوص الجوانب العملية التي سوف تصاحب العملية من بينها ما هو مرتبط بسير الجلسات ومنها ما هو متعلق بالظروف التي يقع العمل في إطارها هناك.
عديدة هي الأمور التي بقيت غامضة بالنسبة للمتعاملين مع المحكمة وبالتالي لم تقم وزارة العدل بالإجابة عنها رغم الطلبات الملحة المقدمة إليها . من بين هذه المسائل والتي برزت بشكل ملحوظ في هذا الخصوص ما هو متعلق بجلسات محكمة الناحية التي كانت تقليديا
تنعقد داخل المحكمة الابتدائية فهل تنتقل هذه الجلسات مع المحكمة آم ستبحث هي الاخري عن مكان مغاير لها؟ إلى حد الآن بقي الغموض سيد الموقف ..
من بين المسائل الأخرى – و هي عديدة- ما تعلق بموضوع القاعات التي سيقع توفيرها في المقر الجديد و طرق تنظيم سير الأعمال انطلاقا من افتتاح السنة القضائية ( هذا إذا ما تم الانتهاء من عمليات النقلة قبل هذا الموعد أي قبل 15 سبتمبر القادم و هذا أمر مستبعد جدا اعتبار لمستوي تقدم الأشغال لحدّ الآن). الإشكال الذي سوف يفرض نفسه و بحدة في هذا الخصوص متعلق مثلما وقعت إثارته في العديد من المناسبات بالبنية التحتية المحيطة بمقر المحكمة والتي يظهر أنها لا تستجيب إلى ما هو مطلوب بخصوص مرفق عام في مستوى محكمة ابتدائية( آماكن ربوض السيارات..).
فتحية سعادة - أحمد جابر