أثارت مسالة إرساء لجنة برلمانية مختصة للتحقيق في «وثائق بنما»، التي تمّ احداثها بعد تسريبات على الموقع الالكتروني» انكيفادا» لأسماء شخصيات سياسية ورجال اعمال ضمن تحقيق استقصائي عالمي عرف بوثائق بنما، استنكار الهياكل القضائية التي اعتبرتها بمثابة القضاء الموازي، متمسكة بأنها تمسّ من استقلالية السلطة القضائية.
«صراع السلطتين»
اعتبرت نقابة القضاة أن تكوين لجنة صلب مجلس نواب الشعب للبحث في «وثائق بنما» يعد ضربا لمبدإ الفصل بين السلط الذي كرسه الدستور، و تدخلا من السلطة التشريعية في صلاحيات السلطة القضائية بما ينعكس سلبا ويعطي انطباعا سيئا لدى الرأي العام بوجود صراع بين السلطتين ويكون ذريعة لعدم احترام السلطة القضائية ومدخلا لاستهدافها في مراحل أخرى.
وأكدت في بيان صادر عنها على خطورة هذا التمشي الذي انتهجه مجلس نواب الشعب والذي يؤدي بالضرورة الى ضرب السلطة القضائية واستقلالها عن بقية السلط خاصة انه لا قيمة قانونية لأي عمل تقوم به.
ودعت رئيس مجلس نواب الشعب الى اتخاذ جميع الاجراءات لحل هذه اللجنة وإحالة كل ما توفر لديها من معطيات ومؤيدات الى قاضي التحقيق المتعهد وتحذر من أن يكون إحداث هذه اللجنة مدخلا لإحداث لجان أخرى على المقاس كلما اريد سحب أي ملف من القضاء وتدعو القضاة الى التمسك باستقلاليتهم والتطبيق الصارم للقانون في مواجهة جميع الاخلالات مهما كان مأتاها في اطار حماية الدولة ومؤسساتها..
«قضاء مواز»
من جهة اخرى اعربت نقابة القضاة عن مساندتها التامة للقضاة في رفض الخضوع لاي ابتزاز او ضغط مهما كان مصدرهما ومن شأنهما التأثير في القرارات التي يتخذونها بمناسبة مباشرتهم للقضايا المنشورة لديهم. واكدت عزمها على وضع حد لنزيف التعدي على السلطة القضائية وعدم احترام المؤسسات وفرض ذلك في إطار التطبيق السليم للنصوص القانونية النافذة بالبلاد مع ضمان أسس المحاكمة العادلة لجميع الافراد على وجه السواء. واشارت الى انّ الاحكام والقرارات القضائية لا تقبل الطعن الا بالوسائل والطرق ولدى الجهات المنصوص عليها بالقانون.
وكانت النيابة العمومية بالقطب القضائي المالي بادرت منذ 12 أفريل 2016 من تلقاء نفسها ودون ضغوطات بفتح تحقيق في ما يعرف بـ«وثائق بنما»، وقد تعهد بها احد قضاة التحقيق. كما وجه قاضي التحقيق الأول بالقطب القضائي المالي مراسلة إلى مجلس نواب الشعب أكد فيها أن القضاء هو الجهة الوحيدة المتعهدة بالتحقيق في ملف «وثائق بنما» وفق ما اكده الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس المساعد الاول لوكيل الجمهورية سفيان السليطي. واكد بأن اللجنة البرلمانية التي تحقق في هذه الوثائق تعد «قضاء موازيا»، موضحا بانّ قاضي التحقيق المتعهد بالقضية أصدر العديد من الإنابات العدلية واستمع إلي عدّة أطراف من بينها صاحب الموقع الالكتروني «انكيفادا».