المنقضي وستكون هذه الوثيقة موضوع الاستفتاء المقرر ليوم 25 جويلية الجاري، دستور جديد تضمن توطئة و142 فصلا موزعة على خمسة أبوب من بينها الباب الخامس الخاص بالوظيفة القضائية والذي أثار جدلا واسعا في صفوف القضاة والهياكل المهنية التي عبرت عن رفضها أن يكون القضاء وظيفة بل هو سلطة وفق تعبيرها، كما لاحظنا غياب المحاماة عن مضمون الدستور.
عرّف الفصل 117 من مشروع الدستور الجديد القضاء على أنه وظيفة مستقلة يباشرها قضاة لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، وينقسم إلى قضاء عدلي وقضاء إداري وقضاء مالي ويشرف على كلّ صنف من هذه الأقضية مجلس أعلى يتولى القانون ضبط تركيبته واختصاصاته طبقا للفصل 119.
في الوقت الذي يخوض فيه القضاة إضرابا عن العمل منذ أربعة أسابيع احتجاجا على الأمر الرئاسي عدد 516 المتعلق بإعفاء 57 قاضيا مطالبين رئيس الجمهورية قيس سعيّد بالتراجع الا انه صمن الحق النقابي في الدستور الجديد بما في ذلك الحق في الإضراب ومنعه عن القضاة والأمن والديوانة وذلك في الفضل 41 من باب الحقوق والحريات، مسالة أثارت جدلا كبيرا وغضبا لدى القضاة الذين يعتبرون ذلك مسّا من حقهم النقابي، كما عبّر عدد من القضاة عن استنكارهم ورفضهم القطعي لاعتبار القضاء وظيفة لا سلطة مع العلم أن الدستور نصّ ايضا على الوظيفة التشريعية والوظيفة التنفيذية، في هذا السياق تحدثت الرئيسة الشرفية لجمعية القضاة التونسيين روضة القرافي فقالت» دستور التخلي على السلطة القضائية، التخلي على وصف السلطة واستبدالها بالوظيفة. التخلي عن المجلس الأعلى للقضاء كهيكل دستوري مستقل يضمن حسن سير القضاء واحترام استقلاله واستبداله بمجالس اقتراح (بلا قرار) يعينها الرئيس طالما أن الرئيس أصبح يحتكر كامل سلطة تعيين القضاة ،التخلي على مبدإ عدم نقلة القاضي بدون رضاه وتقنين مبدإ النقلة في الحالات التي يضبطها القانون، التخلي على ضمانة تسمية القضاة بالرأي المطابق وبالترشيح الحصري من المجلس الأعلى للقضاء والتخلي على ضمانات العزل بالرأي المعلل للمجلس الأعلى للقضاء والتخلي عن وحدة القضاء ضمن المجلس الأعلى للقضاء والتخلي على الحق النقابي والحق في الإضراب للقضاة ، دستور التخلي على السلطة القضائية دستور التخلي على حماية الحقوق والحريات وعلى كنه دولة القانون والتوازن بين السلط». في انتظار المواقف الرسمية من الهياكل المهنية للقضاة سواء بصفة فردية أو إصدار موقف مشترك لتنسيقية الهياكل القضائية التي توحّدت مؤخرا بعد قرار الإعفاءات.
من جهة أخرى فإن الدستور الجديد للجمهورية التونسية لم يتضمن أي فصل يتعلق بمهنة المحاماة ودسترتها خلافا للدستور القديم الفصل 105 الذي عرّف المحاماة فاعتبرها مهنة حرة مستقلة تشارك في إقامة العدل ولدفاع عن الحقوق والحريات يتمتع المحامي بالضمانات القانونية التي تكفل حمايته وتمكنه من تأدية
مهامه»، وأمام هذه الوضعية عبّر عدد كبير من المحامين عن غضبهم مما اعتبروه نسفا للمحاماة من الدستور ولم تتم الإشارة إليها لا تصريحا ولا تلميحا، في هذا الإطار أوضع محمد الهادفي رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس في تصريح لـ«المغرب» بأن ما حصل خطوة غير مسبوقة في ضرب الحقوق والحريات وقال أيضا» تطبيق الحريات لا يكون بالقوانين بل بالآليات الموجودة في الدولة الديمقراطية لأن العمود الفقري للحقوق والحريات هي المحاماة باعتبارها هيكل الدفاع وقت تطبيق القانون وبعد ذلك» ،هذا ورجّح الهادفي حصول تحركات احتجاجية للفروع الجهوية للمحامين على خلفية تغييب المحاماة من مشروع الدستور الجديد.