وعن المرسوم عدد 11 المؤرخ في 12 فيفري 2022 المنظم للمجلس الأعلى المؤقت للقضاء والمرسوم عدد 35 المنقح له طلب قيس سعيّد من وزيرة العدل خلال لقائه معها مؤخرا الاقتطاع من أجور القضاة المضربين، قرار زاد من احتقان الساحة القضائية ومن تمسك القضاة بإضرابهم لتتواصل بالتالي المعركة بين قصر قرطاج وقصور العدالة وذلك في انتظار الخطوات القادمة.
وقد انبثق قرار تعليق العمل لمدة أسبوع قابل للتمديد عن الاجتماع الذي عقده المجلس الطارئ لجمعية القضاة التونسيين مؤخرا بمشاركة بقية الهياكل المهنية كما تقرر تنفيذ اعتصام مفتوح في مقراتها ودعوة القضاة إلى عدم الترشح لتعويض زملائهم المشمولين بقرار العزل كذلك لعضوية الفروع الجهوية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
«تعليق العمل متواصل إلى حين رد الاعتبار»
أكد رئيس الجمهورية قيس سعيّد في لقائه مع وزيرة العدل ليلة جفّال على أن المرفق العمومي لا يمكن أن يتوقف داعيا إلى ضرورة الاقتطاع من الأجور للقضاة المضربين عن العمل واتخاذ جملة من الإجراءات الأخرى المنصوص عليها بالقانون حتى لا يتكرّر المساس من مصالح المتقاضين وفق ما جاء في الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية، في المقابل عبّرت الهياكل المهنية عن مواصلتها لتنفيذ قرار تعليق العمل بكافة محاكم الجمهورية واعتبرت أن المسّ من الأمان المادي للقضاة لن يثنيهم عن موقفهم حتى وإن ماتوا جوعا على حدّ تعبيرهم، مطالبين بردّ الاعتبار للسلطة القضائية من خلال التراجع عن المرسوم عدد 11 والمرسوم المنقح له والمنظمين للمجلس الأعلى المؤقت للقضاء كذلك عن الأمر الرئاسي المتعلق بعزل 57 قاضيا.
وبالعودة إلى المرسوم المنظم للمجلس الأعلى المؤقت للقضاء وتحديدا الفصل التاسع منع فإنه « يُحجّر على القضاة من مختلف الأصناف الإضراب وكلّ عمل جماعي مُنظم من شأنه إدخال اضطراب أو تعطيل في سير العمل العادي بالمحاكم». وبين القانون وما نراه على ارض الواقع هناك معركة بين قصر قرطاج وقصور العدالة من قضاة ومحامين وغيرهم من الرافضين لقرار العزل وحرمان المعزولين من حق الدفاع بمنعهم من الطعن في قرارات عزلهم إلى حين صدور أحكام باتة، ويبقى المتضرر الأول المتقاضي الذي وجد نفسه وسط هذه المعركة بطريقة غير مباشرة ليكون مصير القضايا المنشورة -باستثناء المؤكدة جدا منها- التأجيل إلى موعد لاحق وربما إلى ما بعد العطلة القضائية وهذا احتمال وارد جدّا خاصة وأن تعليق العمل لمدة أسبوع قابل للتمديد.
دعوة إلى حلّ نقابة وجمعية القضاة
جاء ذلك في الوقت الذي عبّرت فيه عديد الأطراف من منظمات وجمعيات كذلك الفروع الجهوية لهيئة المحامين، بالاضافة الى عدول الاشهاد وغيرهم عن مساندتها المطلقة للقضاة في تحركهم الاحتجاجي الرافض لقرار عزل 57 قاضيا دون تمكينهم من حقهم في الدفاع وهناك من وصف هذا الإضراب بالباطل قانونا، نتحدث هنا عن استاذ القانون رابح الخرايفي الذي تساءل في تدوينة وقال «طالما أن القضاء سلطة هل تضرب السلطة؟ بهذا الإضراب اعتقد أن القضاة تخلوا عن ذلك ووضعوا أنفسهم موضع الموظفين العموميين الذين هم في مركز لائحي، ولن يستفيد القضاة من هذا الإضراب ولن يجبروا رئيس الجمهورية على إلغاء الأمر الرئاسي الذي عزل القضاة بل يمكن أن يتبعه قرارات أخرى تتعلق بملفات مازالت موجودة في مكتب التفقدية العامة». كما دعا الخرايفي إلى ضرورة حلّ نقابة وجمعية القضاة التونسيين وقال في ذات السياق» وجوب حل جمعية ونقابة القضاة،( يمكن لرئيس الجمهورية إصدار مرسوم في الحال وهو قرار مؤيد قانونا وواقعا وتوقيتا). وهذا جزء من إصلاح القضاء، إصلاحا عميقا وفي ذلك رد الاعتبار السلطوي والمعنوي للقضاة والقضاء فهو سلطة مستقلة من بين السلطة لا تحتاج إلى نقابة أو جمعية، كما أن الجمعيات والنقابات في القضاء التونسي أجسام غريبة عن القضاء حتى وان كونها قضاة، فهي تجمعات تدافع على مصلحة لا عن القضاء، فقد كانت هذه الأجسام ماكينة انتخابية لانتخاب أعضاء المجلس الأعلى للقضاء المنحل».