بعد عزل 57 قاضيا وغلق باب الطعن أمامهم إلى حين: الساحة القضائية على صفيح ساخن،تهم بين الفساد المالي والأخلاقي واتحاد القضاة الإداريين على الخط

أثار قرار رئيس الجمهورية قيس سعيّد إعفاء 57 قاضيا بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 516 المؤرخ في غرة جوان الجاري جدلا واسعا،

حيث تشهد الساحة القضائية حالة من الاحتقان والغليان استنكارا لما اعتبروه «مجزرة للقضاة» وان هناك زجّا بقضاة لا علاقة لهم بالفساد مع آخرين محلّ تتبعات قضائية علما وأن على رأس القائمة نجد وكيل الجمهورية السابق بشير العكرمي والرئيس الأول السابق لمحكمة التعقيب الطيب راشد ،بالإضافة إلى الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء المنجل يوسف بوزاخر والرئيسة السابقة للمجلس القطاعي العدلي مليكة المزاري وغيرهم
اصدر رئيس الجمهورية قيس سعيّد سويعات قبل نشر قائمة القضاة المعفيين المرسوم عدد 35 المؤرخ في غرة جوان الحالي المنقح للمرسوم عدد 11 المؤرخ في 12 فيفري 2022 والمتعلق بإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء.
عن أسباب الإعفاء تحدث سعيّد
استعرض رئيس الجمهورية خلال إشرافه على المجلس الوزاري الأخير التعليلات أو الأسباب الكامنة وراء قرار إعفاء أكثر من خمسين قاضيا وهي أساسا جملة من التهم الخطيرة وجرائم تم ارتكابها ولم يترتب أي جزاء عليها من قبل الجهات المعنية وفق تعبيره كما قال أيضا «لم ولن نتدخل في الوظيفة القضائية ولا في عمل القضاة ولكن الواجب يتطلب منا ضمان السلم الاجتماعي والحفاظ على الدولة، فالأسباب التي دعت إلى اتخاذ هذا القرار ثبوت ارتكاب جرائم وذلك بعد أن تم النظر في كل الملفات من أكثر من مصدر وتم التدقيق والتمحيص لمدة أسابيع حتى لا يظلم احد ومن بين الجرائم تغيير مسار قضايا ،ثراء فاحش ،ارتشاء، بالإضافة إلى تهديد قضاة وتعطيل ملفات ذات صبغة إرهابية وتعطيل تتبع ذي الشبهة في ملفات إرهابية ،حماية قضاة متورطين بتعطيل أعمال التفقد، تواطؤ في ملف الجهاز السري ، تبييض أموال ، تهريب فساد أخلاقي من تحرش و زناء، تدليس بطاقات النيابة...»
«غضب واحتقان»
منذ نشر قائمة القضاة المعفيين حتى تتالت تدوينات زملائهم المستنكرة لهذه الخطوة فهناك من وصفها «بمجزرة للقضاة»، كما ان هناك من استغرب من وجود عدد من الأسماء ضمن القائمة المشهود لها بالنزاهة ونظافة اليد، هذا وهناك قضاة ممن وردت أسماؤهم في القائمة عبروا أيضا عن غضبهم من قرار إعفائهم خاصة وأن المرسوم عدد 35 المنقح لنظيره المؤرخ في 12 فيفري 2022 يمنع الطعن في ذلك القرار إلى حين استكمال كل إجراءات التقاضي أي بعد صدور حكم بات ونهائي، وهي نقطة أثارت أيضا جدلا واسعا في صفوف القضاة.من جانب آخر فقد شهد عدد من محاكم الجمهورية على غرار ابتدائية تونس وبنزرت توقف بعض الجلسات كتعبير عن رفض قرار الإعفاء.
العكرمي وراشد على رأس القائمة
تصدر قائمة الإعفاءات وكيل الجمهورية السابق بالمحكمة الابتدائية بتونس بشير العكرمي والرئيس الأول السابق لمحكمة التعقيب الطيب راشد وكلاهما قد تم ايقافهما عن العمل منذ السنة المنقضية بقرار من المجلس القطاعي العدلي المنحل ورفعت عنهم الحصانة وإحالة ملفيهما على أنظار النيابة العمومية من اجل شبهة ارتكاب جرائم إرهابية وفساد مالي وغيرها ولكن بقيت الملفات في الرفوف، كما نجد أيضا ضمن القائمة الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء المنحل يوسف بوزاخر الذي تعلقت به قضية وحيدة منشورة ضدّه لدى المحكمة الابتدائية بتونس أحيلت عليها من قبل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وذلك من اجل الانحراف بالسلطة وخرق القانون والفساد المالي واستغلال صفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره أو الإضرار بالإدارة، أما بوبكر الجريدي الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بتونس فهو محل تتبع إداري من قبل وزارة العدل على خلفية رفضه فتح بحث تحقيقي في ملف الجهاز السري بتعلّة سبق التعهّد. كما انه من بين الأسماء المعروفة والتي وردت أسماؤها بالقائمة نجد سفيان السليطي الذي تقلد منصب ناطق رسمي باسم المحكمة الابتدائية بتونس والقطبين القضائيين في وقت سابق، بالإضافة إلى مليكة المزاري الرئيسة السابقة لمجلس القضاء العدلي المنحلّ وخالد عباس الذي كان محلّ انتقاد كبير من جمعية القضاة التي قدّمت به عديد الشكايات لدى التفقدية العامة بوزارة العدل ومراد المسعودي رئيس جمعية القضاة الشبان والقاضي حمادي الرحماني.
اتحاد القضاة الإداريين يلوح بالتصعيد
عبر اتحاد القضاة الإداريين في بيان له عن رفضه القطعي لما تضمنه المرسوم عدد 35 لسنة 2022 معتبرا ذلك إنهاء لكل مقومات استقلال القاضي واستقلالية القضاء وترهيبا للقضاة وذلك من شأنه تقويض دورهم كحماة للشرعية وللحقوق والحريات، هذا وقد استنكر الاتحاد عزل القضاة بالشبهة أو دون شبهة من اجل مواقفهم واجتهاداتهم في تطبيق القانون وتمكينهم من الحدّ الأدنى من ضمانات الدفاع والمحاكمة العادلة ومن حقهم الطبيعي في التقاضي مؤكدا على الدور المحوري للمحكمة الإدارية في احترام مبدأ الشرعية، كما أعلن الاتحاد في ختام بيانه عن استعداد أعضائه لاتخاذ كل الأشكال النضالية التي يقتضيها استقلال القضاء والمؤسسات القضائية.
محامون لحماية الحقوق والحريات على الخطّ
استنكرت مجموعة « محامون لحماية الحقوق والحريات ،» قرار رئيس الجمهورية قيس سعيد إعفاء 57 قاضيا معربة عن رفضها لعدم تمكين القضاة المعفيين من ممارسة حقهم في الدفاع عن أنفسهم وكذلك ممارسة حقهم القانوني في الطعن والدفاع عن أنفسهم أمام مجالس التأديب وفق نص البيان الصادر عنها والذي ورد فيه أيضا أن «قائمة العزل تضم عددا كبيرا من الشرفاء المشهود بكفاءتهم ونزاهتهم مما يرجح أنّ سبب عزلهم يعود إما إلى عدم رضوخهم للتعليمات أو لانتقادهم للانقلاب أو لنظرهم في ملفات حساسة يراد توجيهها» هذا ودعت المجموعة القضاة و المحامين إلى التصدي لما أسمته تغول السلطة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115