من مجموع إشعارات الاستغلال الجنسي للطفل خلال سنة 2016 تلتها حالات ممارسة الجنس مع الطفل بنسبة 35.5 %.
أثارت قضية تعرّض فتاة الـ14 سنة الى الاختطاف والاغتصاب من قبل صديق لها على شبكة التواصل الاجتماعي «الفايسبوك» موجة من الانتقادات خاصة فيما يتعلق بالنصوص القانونية المنطبقة.
تحويل وجهة ثم مواقعة بالعنف
قضية الحال انطلقت بعلاقة تكونت عبر شبكة التواصل الاجتماعي «الفايسبوك» وبعد لقائهما اتخذت العلاقة بينهما منعرجا أخر حيث قام المتهم والبالغ من العمر 25 سنة تحويل وجهة طفلة لم تتجاوز الـ15 سنة من عمرها دون رضاها وفق أحكام الفصل 237 من المجلة الجزائية الذي ينصّ على انه « يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام كل من يختطف أو يعمل على اختطاف شخص أو يجرّه أو يحوّل وجهته أو ينقله أو يعمل على جرّه أو على تحويل وجهته أو نقله من المكان الذي كان به وذلك باستعمال الحيلة أو العنف أو التهديد...»
ومواقعتها دون رضاها وذلك باستعمال العنف طبقا لأحكام الفصل 227 من المجلة الجزائية والذي ينصّ على انه « يعاقب بالإعدام كل من واقع أنثى غصبا باستعمال العنف أو السلاح أو التهديد به، وكل من واقع أنثى سنها دون العشرة أعوام كاملة ولو بدون استعمال الوسائل المذكورة.
ويعاقب بالسجن بقية العمر كل من واقع أنثى بدون رضاها في غير الصور المتقدّمة. ويعتبر الرضا مفقودا إذا كان سن المجني عليها دون الثلاثة عشر عاما كاملة».
وقد شمل الملف كذلك متهما آخر تمت إحالته بحالة احتفاظ وهو كهل متزوّج ومحل منشور تفتيش لدى الوحدات الأمنية من أجل دفع النفقة، في حين أحيلت صديقة المتضررة بحالة تقديم على أنظار المحكمة باعتبار انّها كانت على علم بكافة أطوار الواقعة، علما وانّ هذه الأخيرة تبلغ من العمر 17 سنة وفق ما أكّدته الناطقة الرسمية باسم محكمة سوسة زهية الصيادي في تصريح لـ»المغرب».
ترسانة قانونية لا يستهان بها
وفي تعليق على النصوص القانونية المنطبقة، أكّد الدكتور فريد بن جحا في تصريح لـ«المغرب» بان المشرع قد حرص على ايلاء حماية خاصة للأطفال وذلك منذ مصادقة تونس على اتفاقية حقوق الطفل وإصدار مجلة لحماية الطفل تعتبر رائدة لا فقط في المنطقة العربية بل ذلك في كامل أنحاء المعمورة وذلك بالنظر الى التدابير المنصوص عليها لحماية الطفولة المهددة آو الجانحة.
وأوضح بأن المجلة الجزائية قد تضمنت عديد الجرائم التي شدّد فيها المشرع العقاب كلّما كان الضحية طفلا سواء تعلق الأمر بجرائم الاعتداء الجسدي أو العنف الجنسي أو الاختطاف الى غير ذلك.
كما صادقت البلاد التونسية على اتفاقيّة منع الاتجار بالأشخاص والتي خصصت فيها عديد الأحكام لمنع الاستغلال الجنسي للأطفال أو التشغيل دون السن القانونية أو في ظروف غير لائقة تصل الى حدّ الاستعباد. اضافة الى ذلك فان هنالك ترسانة لا يستهان بها من النصوص القانونية سواء على مستوى مرسوم الصحافة أو مجلة الاتصالات أو قانون مكافحة الإرهاب تهدف كلها الى حماية الأطفال من التداول اللامادي للمعلومات في الفضاء العنكبوتي وتحجر نشر معطيات خاصة بهم من شأنها الإساءة إليهم أو استغلالهم وهو ما تضمنه أيضا قانون حماية المعطيات الشخصية لسنة 2004 الذي يجرم إحالة معطيات شخصية للأطفال ولو من طرف الولي.
وشدد محدّثنا على انّ النصوص القانونية تبقى أدوات غير فعّالة في غياب آليات ناجعة وهياكل تسهر على مراقبة هذه المواقع والفضاءات الرقمية بصفة مستمرة لحماية الاطفال من العصابات التي يمكن انّ تستغلهم أو تتاجر بهم جنسيا أو اقتصاديا ...
واعتبر انّ دور مندوب حماية الطفولة بقي محدودا في غياب التحرك السريع والتلقائي بدون وجود تشكي من طرف اهالي الضحية وهو ما نلاحظه في عديد الحالات التي يقوم فيها المندوب بالتحرك بناءا على شكايات تقدم له ممكن تبرير ذلك بغياب الإمكانيات المتاحة لهذا الأخير والذي يجب دعمه من طرف الوكالة التونسية للانترانت وغيرها من هيئات الإشراف الفضاء السيبيري من خلال إحالة جميع المعطيات التي تكون متضمنة لجرائم رقمية تستهدف القصر.
ودعا بن جحا الى ضرورة تركيز شرطة انترنت تكون متخصصة بـحماية القصر من كل ما من شانه ان يهدد مصلحتهم فضلا عن اهمية التعاون الدولي في هذا المجال باعتبار انّ الجرائم الالكترونية عابرة للحدود ويصعب تضييق الخناق عليها في إقليم معين ويمكن في هذا الإطار الإشارة الى المخدرات الرقمية كسرطان يهدد المجتمع بصفة عامة والطفولة بصفة خاصة وهي عبارة عن موجات الكترونية يتلقها المبحر على الانترنات بواسطة برمجيات الكترونية يقع تحميلها على الحاسوب (mp3) ويكون لها نفس تأثير المخدرات العادية أو حتى أكثر من خلال إرسال ذبذبات يمكن ان تؤدي الى إتلاف الجهاز العصبي وحتى الى وفاة مستخدمي هذه البرامج وهو ما يستلزم تحرك الهيئات المختصة فنيا وتقنيا وتشريعيا لمنع استيراد هذه البرمجيات من طرف الشباب التونسي.
الاستغلال الجنسي للاطفال
من جهتها اكّدت مندوبية حماية الطفولة في التقرير الإحصائي السنوي لنشاطها لسنة 2016 انّ نسبة حالات التحرش الجنسي بالأطفال قد مثّلت 50.5 % من مجموع إشعارات الاستغلال الجنسي للطفل خلال سنة 2016( 297 إشعارا) ، تلتها حالات ممارسة الجنس مع الطفل من خلال 209 إشعارا، أي بنسبة 35.5 % .
وقد فاقت حالات التحرش الجنسي ببعض الولايات 80 % من مجموع إشعارات الاستغلال الجنسي للطفل، على غرار ما شهدته ولاية جندوبة (83.3 %) وولاية قفصة (83.3 % )وولاية توزر (81.8 %) ومثلت حالات ممارسة الجنس مع الطفل 73.3 %من مجموع إشعارات الاستغلال الجنسي التي تلقاها مندوب حماية الطفولة بولاية بن عروس سنة 2016 .
من جهتها فقد سجلت ولاية تونس تلقي إشعارات تخصّ زنا المحارم والتي مثلت 13.8 %من مجموع حالات الاستغلال الجنسي للطفل. واكّد التقرير تنامى عدد حالات الاستغلال الجنسي التي تم التعهد بها من قبل مندوبي حماية الطفولة من خلال 410 تعهدا في الصدد. انحدرت أغلب الوضعيات عن ولايات صفاقس والمنستير ونابل حيث تم تسجيل 52 تعهدا و43 تعهدا و42 تعهدا على التوالي.
علما وانّ مظاهر الاستغلال الجنسي قد توزعت أساسا بين حالات التحرش الجنسي (بالطفل 49.8 %من تعهدات هذا الصنف) وحالات ممارسة الجنس معه (38.5 %من تعهدات هذا الصنف). على المستوى الجهوي، برزت مظاهر زنا المحارم خاصة بولاية تونس (4 حالات) فيما تعهد مندوب حماية الطفولة بولاية سوسة بـ5 وضعيات استغلال جنسي عبر وسائل الاتصال الحديثة.