شهدت المحكمة الابتدائية بالمنستير أوّل أمس الاثنين حالة من الهلع، حيث اقتحمت مجموعة من الأشخاص مقر المحكمة واتجهت مباشرة الى الدائرة الجنائية التي قضت مؤخرا بسجن 3 أشخاص لمدّة 15 سنة من أجل تهم تعلقت باجتياز الحدود البحرية خلسة الناجمة عنه الموت. الا انّ احد المتهمين، ونظرا لعدم تقبله الحكم أقدم الخميس الفارط على وضع حدّ لحياته.
وقد حمّل المحتجون مسؤولية وفاة السجين الى الدائرة الجنائية التي بتت في القضية المذكورة وفق ما أكّده مصدر قضائي مطلع لـ«المغرب».
ونظرا للنقص الهام في أعوان السجون والإصلاح المكلفين بتامين المحكمة، تمكن المحتجون من الدخول الى المحكمة والاتجاه الى مكتب وكيل الجمهورية والتوجه بعبارات ماسة بالاحترام الواجب للقضاة وللهيئات القضائية .
امام حالة الهلع والاحساس بالخطر الكبير اضطرّ كافة القضاة الى تعليق كافة الاعمال القضائية وتاخير الجلسات على حالتها الى موعد لاحق.
من جهتها عبرت جمعية القضاة التونسيين عن استنكارها الشديد لتلك الأحداث نظرا لما تمثله من اعتداء جسيم على السلطة القضائية وعلى هيبتها وعلى السادة القضاة وعلى الاحترام الواجب لحرمة المحاكم ومقراتها باعتبارها مقرات لإقامة العدل ولحماية الحقوق والحريات من كل انتهاك . وادانت في بيان صادر عنها أمس الثلاثاء الاعتداء وحالة الترويع التي نتجت عن تلك الوقائع وطالت القضاة والمحامين والمتقاضين وكل الاطار الاداري بما عطّل سير مرفق العدالة تماما وتطالب بفتح بحث تحقيقي لكشف المعتدين وكل الأشخاص أو الجهات التي تقف وراءهم ومحاسبتهم على ما اقترفوه من جرائم.
كما عبرت عن تضامنها الكامل مع قضاة المحكمة الابتدائية بالمنستير، وحملت السلطة التنفيذية ووزير العدل مسؤولية إهمال وتجاهل ظروف العمل بالمحاكم وشروط أمنها وسلامتها بما سمح بحدوث مثل هذه الوقائع بالغة الخطورة بالمحكمة الابتدائية بالمنستير رغم مطالبة جمعية القضاة التونسيين بذلك في العديد من المناسبات كما تحمّلهما مسؤولية كل التبعات الخطيرة التي قد تنجر عن ذلك على حد تعبيرها.
وطالبت في السياق نفسه باستحثاث الأبحاث في ملابسات وفاة السجين والكشف عن أسبابها وتحميل المسؤولية لمن يتحمّلها إن ثبتت مسؤولية في ذلك، وجددت مطالبتها بضرورة توفير الأمن الكافي بكافة مقرات محاكم الجمهورية وللسادة القضاة وكل العاملين بالمحاكم والمتعاملين معها بصفة مستعجلة والتسريع ببعث جهاز أمني مختص توكل إليه تلك المهمّة تحت إشراف المسؤولين الأول عن المحاكم .
ويجدر التذكير في هذا الاطار بان جمعية القضاة التونسيين كانت قد خاضت سلسلة من التحركات الاحتجاجية للمطالبة بتحسين ظروف العمل بالمحاكم، ودعت رئاسة الحكومة الى فتح باب التفاوض حول وضعية القضاة وظروف العمل.