الناطق الرسمي باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب والمحكمة الابتدائية بتونس سفيان السليطي لـ«المغرب» «التجربة العملية أثبتت وجود ثغرات ونقائص في القانون الأساسي لمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال»

• ندعو الى إحداث أقطاب جهوية للنظر في الجنح الإرهابية
• يجب التسريع في سنّ الإطار التشريعي للقطب القضائي المالي

أكّد المساعد الأول لوكيل الجمهورية والناطق الرسمي باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب والمحكمة الابتدائية بتونس انه رغم المحدودية المادية واللّوجستية للقطبين القضائيين (القطب المالي وقطب مكافحة الإرهاب) إلا أنهما حققا نجاحات اقل ما يقال عنها انها هامّة وممتازة. ودعا الى التسريع في سنّ الإطار التشريعي لـلقطب القضائي المالي وإجراء تنقيحات في قانون القطب القضائي لمكافحة الإرهاب.

 

ما يفوق السنة حاليا على إحداث القطب القضائي لمكافحة الإرهاب والثلاث سنوات على إحداث القطب المالي، تضاعفت خلالها الملفات وتعددت قائمات المتهمين المحالين عليه.
أمام خصوصية الملفات وتشعبها تعالت الأصوات المطالبة بتحسين ظروف العمل وتوفير الموارد المادية واللّوجستية لتفادي مسألة التباطؤ في البتّ، زيارات متعددة من هياكل قضائية ومختلف الوزراء المتداولين على حقيبة العدل ورؤساء الحكومات كذلك... لكن بقي القطبان على حالهما تلك دون تسجيل أيّ تحسنات من شأنها ان تذكر وفق ما أكده المساعد الأول لوكيل الجمهورية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب في حديثه لـ«المغرب».

«إحداث أقطاب جهوية»
اعتبر المساعد الأوّل لوكيل الجمهورية انّ الحديث عن قطب قضائي يستوجب توفير العديد من المقوّمات الماديّة منها واللّوجستية، مشيرا الى أن تعهد 8 قضاة تحقيق فقط سواء كان في القطب المالي أو قطب مكافحة الإرهاب، في ظلّ الكمّ الهائل من الملفات المحالة عليهما، غير معقول، موضحا بانّ نسبة مدّة العمل اليومي سواء لممثلي النيابة العمومية أو لقضاة التحقيق بالقطبين تتجاوز الـ13 ساعة يوميا.

وارجع محدّثنا ذلك الى العديد من الأسباب لعلّ أبرزها تلك المتعلقة بمحدودية الإطار القضائي المتعهد وضعف الإمكانات الماديّة واللّوجستية. ففي ما يتعلق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، باعتباره المختصّ حكميا بالنظر في كافة الملفات ذات الطابع الإرهابي، فانه ترد عليه يوميا تقريبا عشرات الملفات سواء كانت محالة في الأصل أو تلك التي تتخلى عنها مختلف محاكم الجمهورية لإمكانية وجود شبهة إرهابية.

واعتبر مصدرنا أن هذا الكمّ الهائل من الملفات يستوجب جهدا إضافيا لكلّ من ممثل النيابة العمومية الذي سيقوم بتكييف الأفعال ولقاضي التحقيق، خاصة خلال الطور الاستقرائي في البحث عن الإدانة أو البراءة، علما وانّ الجريمة الإرهابية تتميز بقرينتي التشعب(تعدد المتهمين مثل ملف الخلية الإرهابية بالمنستير، ملف بن قردان،...) والتنوع (تعدد التهم مابين الانضمام والدعوة وتلقي التدريبات...).
كما دعا الى ضرورة إدراج خبراء محلفين وفنيين بالقطب القضائي، من اجل تسهيل عمل القضاة والنيابة ومنه التسريع في ختم الأبحاث في القضايا الإرهابية، يتم انتدابهم من قبل وزارة العدل.

«حتمية تنقيح قانون مكافحة الإرهاب»
أكد السليطي بأنه بات من الضروري تنقيح بعض الفصول التي تضمنها قانون أساسي عدد 26 لسنة 2015 مؤرخ في 7 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، ومن بينها الفصل 43 الذي ينصّ في فقرته الأولى على أن « التحقيق وجوبي في الجرائم الإرهابية».وأفاد بأنه كان من المفروض أن ينصّ على أن التحقيق وجوبي في الجنايات فحسب أي القضايا الكبيرة المتعلقة بالتنظيمات والسفر والتسفير وتلقي التدريبات... ، خاصة وانّ الجنح لا تستوجب التحقيق باعتبار أن مدّة العقاب فيها لا تتجاوز الخمس سنوات. وذلك تفاديّا لإثقال كاهل قضاة التحقيق.

ودعا في هذا الإطار الى إحداث أقطاب جهوية بدوائر المحاكم الابتدائية بمختلف الجهات تتعهد بالجنح الإرهابية كجرائم الإشادة والتمجيد وعدم الإشعار، وذلك ستكون لها أثار هامّة خاصة على مستوى الردع الجهوي.
كذلك الشأن بالنسبة لقضاة التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، حيث اقرّ الفصل 43 على انه « يباشر قضاة من الرتبة الثالثة التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب أعمالهم بكامل تراب الجمهورية ودون التقيد بقواعد توزيع الاختصاص الترابي»، موضحا ان قضاة الرتبة الثالثة اغلبهم تتجاوز أعمارهم الـ55 سنة، اي أنه ستتم إحالتهم على التقاعد في ظرف يعتبر وجيزا، والحال انّ هنالك قضاة من الرتبة الثانية ممتازون ولهم الخبرة والكفاءة اللازمة لمعالجة الملفات الإرهابية.
واعتبر السليطي انّ التجربة التي دامت حاليا أكثر من سنة أكدت وجود العديد من النقائص والثغرات بقانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال تستوجب التدخل السريع. ودعا في هذا الإطار الى الاستئناس بالتجربة الفرنسية، حيث يمكن تعهيد اكثر من قاضي تحقيق بالملفات الإرهابية الكبرى، ففي فرنسا مثلا تمّ تعهيد أكثر من 50 قاضيا بملف أحداث نيس، خاصة وانّ الملفات الإرهابية تستوجب تدقيقا خاصا ومعاملة استثنائية.

«نصوص بقيت حبرا على ورق»
من جهة أخرى أوضح سفيان السليطي أنّه رغم التهديدات التي طالت بعض القضاة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب وعائلاتهم والتي وصلت في بعض الأحيان الى ترصد سيارة احد القضاة، إلا انّ السلط المعنية تجاهلت الفصل 71 من قانون مكافحة الإرهاب الذي بقي حبرا على ورق، علما وانه كرّس ضرورة اتخاذ «التدابير الكفيلة بحماية كل من أوكل لهم القانون مهمة معاينة الجرائم الإرهابية المنصوص عليها بهذا القانون وزجرها من قضاة ومأموري ضابطة عدلية ومأموري الضابطة العدلية العسكرية وأعوان ديوانة وأعوان سلطة عمومية. وتشمل تدابير الحماية أيضا مساعدي القضاء والمخترق والمخبر والمتضرّر والشهود وكل من تكفّل، بأي وجه من الأوجه، بواجب إشعار السلط ذات النظر بالجريمة. كما تنسحب التدابير المشار إليها، عند الاقتضاء، على أفراد أسر الأشخاص المشار إليهم بالفقرتين المتقدمتين وكل من يُخشى استهدافه من أقاربهم».

«ضرورة سنّ إطار تشريعي»
أمّا فيما يتعلق بالقطب القضائي المالي، فاعتبر المساعد الأول لوكيل الجمهورية بتونس أنّه بات من الضروري التسريع في سنّ إطار تشريعي واضح وصريح، يحدّد مهام قضاة القطب المالي واختصاصاتهم.
واعتبر أن الظروف السيئة التي يعمل فيها القطب المالي سواء من حيث ضعف الإمكانيات المادية واللّوجستية إلا انه حقّق العديد من النجاحات. فقد تمّ تسجيل أكثر من 100 إنابة قضائية دولية من أجل استرجاع الأموال المهربة، وهو خلافا لما يتمّ تداوله، مشيرا الى أن شجاعة القضاء التونسي وجرأته ساهما في استرجاع بعض الأموال من بينها أموال سليم شيبوب.
أمّا فيما يتعلق بأموال بن علي فانّ الإجراءات لاتزال جارية في انتظار ما ستسفر عنه الانابات القضائية المقدمة في الغرض.

إحالة 2690 محضرا في قضايا إرهابية
منذ انطلاقه في العمل أحيل على أنظار القطب القضائي لمكافحة الإرهاب 2690 محضرا في الأصل تمّ الاذن بفتح بحث تحقيقي في 1571 محضرا وتمّ السراح والحفظ في 303 محضر. كما تقرر السراح والإرجاع الى المصدر لمواصلة التحريات في 658 محضرا وتمّ اتخاذ قرارات بالسراح لانتفاء الصبغة الإرهابية في 126 محضرا.

الفصل في 394 قضية إرهابية
أما فيما يتعلق بالقضايا المنشورة حاليا لدى الدائرة الجنائية الخامسة بالمحكمة الابتدائية بتونس، فمنذ 15 سبتمبر 2015 الى أواخر سبتمبر 2016، تمّ تسجيل 617 قضية. تمّ الفصل في 394 منها ولاتزال 223 منشورة .

1084 قضية فساد مالي
أوضح سفيان السليطي بأنّ عدد قضايا الفساد المالي المنشورة بالقطب القضائي المالي قد بلغت 1084 قضية تمّ الفصل في 425 منها في حين لا يزال 659 منها منشورا لدى القطب المالي. وأفاد مصدرنا بانه وبالتوازي مع نظر القضاة المعنيين في قضايا الفساد المالي فانهم متعهدون كذلك ببعض قضايا الحقّ العام والتي يفوق عددها 2026 قضية تمّ الفصل في 1628 منها ولاتزال البقية بعهدتهم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115