بين الإقبال المرضي للقضاة وضعف مشاركة المحامين: انتخابات المجلس الأعلى للقضاء: نتائج دون مفآجات وردود فعل أهم الأطراف

أسدل الستار أول أمس الأحد 23 أكتوبر الجاري على انتخابات المجلس الأعلى للقضاء بإقبال على صناديق الاقتراع قدرت نسبته بـ46.9 % ليتم الإعلان عن التركيبة الأولية لهذا الهيكل القضائي الذي يعتبر اللبنة الأولى نحو بناء الوضع الدائم للسلطة القضائية وبذلك تنتهي مهام الهيئة الوقتية

للإشراف على القضاء العدلي التي أنشئت منذ سنة 2013 لإدارة المسار المهني للقضاة. انتخابات شملت محامين وجامعيين وخبراء محاسبين وعدول تنفيذ إلى جانب القضاة بجميع أسلاكهم المالي والإداري والعدلي عبروا عن أصواتهم واختاروا من سيمثلهم في هذا المجلس ولكن ردود الأفعال كانت مختلفة حول هذه المسألة فهناك من هو راض على هذه الانتخابات وهناك العكس والخيار القانوني هو الفيصل إذ فتح باب الطعون في النتائج الأولية بداية من يوم أمس 24 أكتوبر الجاري.

المجلس الأعلى للقضاء هيكل قضائي انتظره الكثيرون وأولهم أهل القطاع الذين يحلمون بأن يكون ضامنا لاستقلالية القضاء التي طالما كانت شعارهم في كل المنابر،الميدان وانطلاق أعمال هذا المجلس والنتائج التي سيحققها هي الفيصل لتقييم التجربة خاصة وان المجلس السابق الذي كان في عهد بن علي هو عبارة عن هيكل صوري.

باب الطعون يغلق غدا
ما إن تم الإعلان عن النتائج الأولية لتركيبة المجلس الأعلى للقضاء حتى انطلقت بقية المراحل وأولها فتح باب الطعون في التركيبة منذ أمس الاثنين 24 أكتوبر الجاري ويغلق غدا 26 من نفس الشهر لدى الدوائر الابتدائية بالمحكمة الإدارية ثم الطور الاستئنافي إن وجد ، فترة زمنية ماراطونية يجري فيها المعترضون سباقا ضد الساعة وكذلك القضاء الإداري باعتبارها الجهة المخولة للنظر في تلك الطعون فتبدأ مهمتها والتي تستغرق طبقا للقانون 3 أيام أي من تاريخ غلق باب الاعتراضات ليكون تاريخ 22 نوفمبر موعد الإعلان عن النتائج النهائية لتركيبة المجلس الأعلى للقضاء. وعن وصول طعون من عدمه إلى المحكمة الإدارية فقد أكد عماد الغابري رئيس وحدة الاتصال بهذه الأخيرة أنه والى حد كتابة هذه الأسطر لم يسجل أي طعن في النتائج الأولية لتركيبة المجلس الأعلى للقضاء».

مكان شاغر: فما قول القانون؟
سجلت التركيبة الأولية للمجلس الأعلى للقضاء المعلن عنها مؤخرا حادثة أثارت الكثير من الجدل وتتمثل في شغور مقعد بخصوص القضاء المالي وتحديدا المختصين في الجباية حيث بدا من البداية عزوف عن الترشح لهذا المنصب وهي مسألة لم يضبطها القانون لتكون بذلك ثغرة من الثغرات ولكن السؤال المطروح هل لها تأثير على أشغال المجلس المقبلة ؟ سؤال توجهنا به إلى عماد الغابري القاضي الإداري ورئيس وحدة الاتصال بالمحكمة الإدارية الذي قدم جملة من التوضيحات فقال « إشكال قانوني لم يتحدث عنه المشرع لأن المسألة تتعلق بعزوف من المترشحين و لا يمكن جبرهم على ذلك و من المحتمل أن يبقى شاغرا إلا إذا تم تغيير شروط الترشح وهذا مستبعد لأن المسالة كما قلت تبقى رهينة حرية الترشح والمعنيين بالمقعد عبروا عن عزوفهم أما بخصوص تأثير ذلك على عمل هذا الهيكل فيمكن أن يكون على مستوى نصاب التصويت والحضور أي انه في بعض حالات التساوي المفترضة بالقانون في التصويت فإنّ غياب شاغل المقعد سيؤثر بالضرورة في القرار أو أن الصوت المفقود كان سيعزز الأغلبية في اتخاذ القرار فالمشكل في النص ولكن مهما كان الحال فإن ذلك لا يعطّل تركيبة المجلس أو شرعية انعقاده كما أن المهم هو طالما أن حالة الشغور بقيت دون تأثير على نصاب انعقاد المجلس فهي دون تأثير» .

هذه نسبة حضور القضاة
ذكرنا أن النسبة الجملية للحضور والمشاركة في انتخابات المجالس الأعلى للقضاء لم تصل 50 % حيث سجل المحامون النسبة الأقل وهذا ما اعتبره البعض قد أثر على احتساب نسبة الحضور وفي هذا السياق قدم عماد الغابري توضيحا قال فيه «عدم الحضور لبقية القطاعات اثر في احتساب نسبة الحضور والتي تعتبر مرتفعة بالنسبة للقضاة إذ تراوحت بـين 70 % و90 % ولا تنسي أن نسبة تمثيل القضاة بالمجلس هي ثلثان.

مراد المسعودي رئيس جمعية القضاة الشبان
«النتيجة كانت مستحسنة»
أكّد رئيس جمعية القضاة الشبان مراد المسعودي في تصريح لـ«المغرب» أنّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد أحسنت تنظيم انتخابات المجلس الأعلى للقضاء.
امّا فيما يتعلق بنتائج الانتخابات، فقد اكّد المسعودي بانها مقبولة، مشيرا الى انّ معظم الأشخاص الذين تمكنوا من الفوز في الانتخابات يشرفون المهنة على مختلف رتبهم، وقادرون على تمثيل زملائهم سواء على مستوى القضاء العدلي او المالي او الاداري.
وبخصوص نسبة المشاركة افاد محدّثنا بانها كانت ضعيفة من جهة المحامين والخبراء وعدول التنفيذ، قائلا «يبدو انهم غير مهتمين بشأن المجلس الأعلى للقضاء، ويظهر انّ وجودهم كأنّه دور رقابي فحسب»، لكن القضاة، وان كانت مشاركتهم معتبرة، لكنها حقيقة لم تكن بالقدر المأمول. وارجع ذلك الى قانون المجلس الأعلى للقضاء في حدّ ذاته، مشيرا الى انّ هنالك من القضاة من يرى انّ صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء محدودة و لن يعطي أي إضافة نظرا لنقصان إطاره التشريعي ، كما انه مجرّد مجلس تأديب لا أكثر ولا اقل ولو انّ هذه الصلاحية البسيطة من جملة الصلاحيات الأخرى على حدّ تعبيره.

عضو الهيئة الوطنية للمحامين سفيان بن الحاج محمد
«ضعف الاقبال لم يشكل مفاجأة كبرى»
من جهته أفاد سفيان بلحاج محمد عضو الهيئة الوطنية للمحامين انه على الرغم من دعوة الفرع الجهوي للمحامين بسوسة لمقاطعة الانتخابات الّا أن العميد دعا كافة المحامين للمشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي لكن ونظرا لحالة الإحباط التي يعيشها المحامون اليوم بسبب ما جاء به مشروع قانون المالية للعام 2017 من إجراءات جبائية جديدة وما تتعرض له مهنة المحاماة من شيطنة كل ذلك حال دون المشاركة بكثافة وأضاف المتحدث ان الاقتصار على 13 مكتبا فقط بكامل أنحاء الجمهورية خلق مشكل تنقل لدى بعض الناخبين الى جانب عزلة بعض المكاتب الاخرى وعن ضعف مشاركة المحامين قال المتحدث انها لم تشكل مفاجأة كبرى.

رئيس نقابة القضاة التونسيين فيصل البوسليمي
«النقابة تحترم إرادة القضاة»
اعتبر رئيس نقابة القضاة التونسيين فيصل البوسليمي أنّ ما أفضى إليه الصندوق أول أمس الأحد بخصوص انتخابات المجلس الأعلى للقضاء يعبر عن إرادة ورغبة القضاة ولا شيء غير ذلك، ولا يجوز لنا إلا الانحناء أمام هذا الصندوق. وأشار الى انّ الانتخابات التي أجريت أول أمس الأحد قد شهدت لها كلّ المنظمات والهياكل التي تابعتها بأنها كانت مثالا في النزاهة والحرية والشفافية. وأوضح البوسليمي بانّ النقابة لم تتقدم بقائمة مترشحين لانها ترفض ان التجارب المسبقة رفضا قطعيا، كما انها لن تقبل ان تكون هنالك مكاتب تابعة للنقابة في المجلس الاعلى للقضاء، ودعا البوسليمي في السياق نفسه الفائزين في الانتخابات الى التحرّر من الانتماءات الهيكلية والعمل على مصلحة القضاء فحسب، خاصة وانّ هنالك اعمالا هامّة تنتظر ومن بينها ارساء المحكمة الدستورية.
امّا فيما يتعلّق بمسألة المقعد الشاغر في تركيبة المجلس الاعلى للقضاء، افاد البوسليمي بانّ النصوص جاءت صامتة في هذا الخصوص، وانّ العزوف عن العمل صلب هيكل دستوري يعتبر امرا خطيرا ومثيرا للريبة.

لبنى الماجري عضوة جمعية المحامين الشبان
«نسبة إقبال المحامين غير مرضية»
اعتبرت الأستاذة لبنى الماجري عضوة جمعية المحامين الشبان انّ نسبة اقبال المحامين بصفة عامّة على ممارسة حقهم الانتخابي في المجلس الأعلى للقضاء لم تكن مرضية، حيث سجلت نسبة الاقبال على الانتخاب 37.1 % .
وأرجعت محدّثتنا تراجع نسبة المقبلين على انتخابات المجلس الأعلى للقضاء لعدّة أسباب لعلّ ابرزها غضب المحامين من مسألة مشروع قانون المالية لسنة 2017 كمرحلة أولى، وتركيبة المجلس الأعلى للقضاء في حدّ ذاته كمرحلة ثانية، مشيرة الى انّ الدستور التونسي، وفي الفصل 105 منه، قد جعل من المحامي شريكا في إقامة العدل إلا انّه لم يتم إعطاؤه الّا 8 مقاعد فحسب في تركيبة المجلس، وعلى هذا الأساس رفض بعض المحامين المشاركة في الانتخابات.

عضو جمعية القضاة التونسيين انس الحمايدي
«نجاح 50 % من مرشحي جمعية القضاة»
من جهته اكد نائب رئيسة جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي أنّ نتائج انتخابات المجلس الأعلى للقضاء كانت مفاجأة بالنسبة للجمعية. وأشار الى انه وبعد المخاض العسير الذي أل اليه قانون المجلس، كانت الجمعية تأمل في ان يكون يوم 23 اكتوبر 2016 يوما فارقا في تاريخ القضاء وتاريخ البلاد ككل، نظرا لأهمية المؤسسة في التعديل بين السلط واثبات وجود السلطة القضائية المستقلة. وهو كذالك تاريخ تخرج فيه السلطة القضائية من الوضع الانتقالي الذي ظلت فيه منذ الثورة الى اليوم. مشيرا الى انّ مرشحي جمعية القضاة التونسيين قد فاز تقريبا 50 % منهم بنتائج الانتخابات. من جهة اخرى اوضح الحمايدي بان النقطة التي أدهشت جميع القضاة هي عدم تمكن بعض الأسماء المعروفة بنضالها واستقلاليتها وكفاءتها مثل كلثوم كنّو من الفوز، مؤكدا انّ ذلك لا يعني قلّة كفاءتها وانما لوجود نوع من التصويت الموجه ضدّها.

مضيفا «وفي المقابل نرى صعود الأسماء المعروفة بالولاء للسلطة السياسية زمن الاستبداد وبإشرافها ومساهمتها الفعالة والأساسية في الانقلاب على جمعية القضاة في 2005 ولا نعتقد ان هذه الأسماء تغيرت مبادئها وولاءاتها». واعتبر انّ اكبر أسف لجمعية القضاة التونسيين هو تصعيد رموز الفساد على حساب رموز النضال القضائي، خاصة وانّ ذلك تم على مستوى الرتبة الثالثة من القضاء العدلي والتي من المفروض أنها تضمّ أكثر الناس خبرة ودراية ووعيا بخطورة تسييس القضاء وإعادة تطويعه من جديد للسلطة السياسية.
أما فيما يتعلق بإمكانية الطعن في نتائج الانتخابات فقد أكد انس الحمايدي انّ المسالة مازالت قيد الدرس حاليا.

نورة الهدار وفتحية سعادة

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115