العراق: من معركة الإصلاح إلى إسقاط النظام الطـــــــــائفي، عَوْد على بدْء

منذ عام 2003..تاريخ الاحتلال الامريكي، والعراقيون يعيشون تحت وطأة نظام طائفي شلّ مؤسسات الدولة وارجع بلادهم عهودا الى الوراء ..ولم يستطع الحكام الجدد ان يغيروا شيئا في هذه التركيبة ، فاصبح الفساد ينخر هياكل الدولة مع تردي اداء الحكومات المتعاقبة.

مند اشهر انطلق الحراك الاجتماعي المطالب بالتغيير ..فخرج آلاف الشبان العراقيين واجتاحوا الشوارع مطالبين بتحرير المنطقة الخضراء ..واعادة عجلة الديمقراطية الى بلادهم عوضا عن الفوضى المستشرية ..وانتقل هذا الحراك الشعبي الى قلب البرلمان العراقي مع مطالبة 170 نائبا عراقيا بتغيير المنظومة السياسية القائمة على المحاصصة الطائفية ..جهود يبدو انها تواجه بضغط كبير من قبل مافيات رجال الاعمال والسياسة المرتبطة بقوى الخارج والتي ليس في صالحها «تحرير» العراق من فاسديه وطبقتة السياسية الجديدة ..
«تمثيل المكوّن»

الكاتب والباحث العراقي نصيف جاسم حسين اعتبر في حديثه لـ«المغرب» ان هناك أسبابا للازمة رافقت عملية انشاء النظام الجديد تتمثل في اعتماد «تمثيل المكونات» كأساس للعملية الديمقراطية والذي يعني ضمنيا قفزا على نتائج الانتخابات وترجيح كفة «تمثيل المكون» على الكفاءة والنزاهة. ويتابع حديثه قائلا :«بات كل وزير او مسؤول يعتمد على دعم «المكون» رغم انها بدعة لا اخلاقية يتم فيها استغلال عواطف الناس البسطاء لانتفاء وجود برامج تنموية تعتمد العقل والتعامل العلمي مع المشاكل والازمات».
اما الأسباب الاخرى والتي تعد نتائج للأسباب الاساسية الاولى فهي: انتشار ظاهرة الفساد بين المسؤولين الكبار في الدولة العراقية مع انعدام تقديم الخدمات الاساسية للمواطنين مثل الماء الصالح للشرب والكهرباء. وانعدام وجود نظام للمحاسبة والمتابعة والمساءلة/ مما أدى الى ظهور احتجاجات جماهيرية عفوية طالبت بمحاسبة الفاسدين وتقديم الخدمات لجميع المحافظات العراقية، لكن الحكومة ومجلس النواب لم يتعاطيا مع هذه الاحتجاجات باعتبارها ناقوس خطر يجب سماعه بل تم تجاهلها تماما وكأنها لم تحدث ولم تكن ،ما أدى الى اتساعها واتساع مطالبها الى إصلاح النظام السياسي برمته واظن انها ستتسع ما دام تجاهلها مستمرا وسيكون مطلبها «إسقاط النظام» لاحقا.

أين الحل؟
اما عن إيجاد خارطة طريق فيرى محدثنا انه لا يمكن التعويل على الطبقة السياسية الحالية في إيجاد حل لمشاكل هي خلقتها بنفسها فلا يزال الخطاب الطائفي هو السائد ولاتزال جمل مثل «تمثيل المكوّن» هي المطلب الذي يخفي خلفه نوايا فساد يعكسها اصرار منقطع النظير على «ضرورة» منح الوزارات لاحزاب معينة متهمة بالفساد وتكرار نفس الأخطاء السابقة ونفس أليات الفساد المدعوم سياسيا. وهذا ما أدى - بحسب الباحث العراقي - الى بروز كتلة نيابية معترضة على ان يكون التعديل الوزاري يخضع للمحاصصة الحزبية - الطائفية واعتماد مبدأ المواطنة كمعيار لأهلية المتقدمين لشغل المناصب الوزارية بالاضافة إلى كفاءة والنزاهة وهذا ما طالب به 170 نائبا. وسمح لهم عددهم بسحب الثقة من رئيس مجلس النواب ونائبيه وانتخاب عدنان الجنابي رئيساً مؤقتا لمجلس النواب لحين انتخاب رئيس جديد للمجلس.

واضاف :«لكن سرعان ما انسحب نواب التيار الصدري الذين كانوا من أشد المتحمسين لإقالة هيئة رئاسة المجلس نتيجة لطلب زعيمهم مقتدى الصدر. فعقدت على اثر ذلك جلسة للمجلس تشوبها الشكوك حول تحقق النصاب صوت فيها المجلس على تغيير خمسة وزراء فقط في حين كان المطلوب التصويت على تغيير كل أعضاء الحكومة واستبدالهم بوزراء جدد من التكنوقراط المستقلين لضمان محاسبة الفاسد والفاشل (اذا كان وحدث لعدم وجود كتلة سياسية تحميه كما هو الحال مع الفاسدين الكبار الان».)
وقد وقع «زعماء الكتل والرئاسات الثلاث» وثيقة قبل ذلك أسموها «وثيقة الشرف» تؤكد على مبدء المحاصصة و «تمثيل المكونات» الامر الذي يعد تجاهلا تاما لارادة الجماهير المنتفضة.
لذلك يؤكد محدثنا انه لا يمكن الاعتماد على هذه الطبقة السياسية في إيجاد حل للمسألة العراقية لان الحل يتطلب الخروج عن نهج المحاصصة المعتمد منذ 2003 وهذا غير ممكن من وجهة نظر مؤسسي هذا النظام والمستفيدين الرئيسيين منه.

ائتلافات جديدة
ويرى حسين ان الحل يكمن في إيجاد احزاب وكتل سياسية عابرة للطائفية ومفوضية انتخابات مستقلة فعلا وقانون انتخابات عادل، حينها ستتشكل ائتلافات جديدة تعيد رسم الخريطة السياسية للعراق وتأخذ على عاتقها احداث تغيير، اي كلام غير هذا هو محض خيال.
وأضاف قائلا: «سيبقى الصراع «المذهبي» ما دامت هناك كتل وأحزاب مستفيدة من تأجيجه». واشار الى خطاب رئيس مجلس النواب سليم الجبوري بعد اقالته ولجوئه الى «المكون» الذي قال فيه «كيف يمكن ان تكون هناك عملية سياسية دون وجود مكون» أساسي (في إشارة إلى السنّة)»؟ فيما ذكر بيان تحالف القوى انهم الممثل الوحيد لـ«السنة» علما ان بين النواب المعتصمين 22 سنيا وان رئيس مجلس النواب الذي اختير لإدارة المجلس لحين انتخاب رئيس جديد هو عدنان الجنابي وهو سني، فالقول بان الحزب الفلاني يمثل «السنة» او «الشيعة» فيه تجنّ كبير على باقي أبناء الطائفتين من غير المتحزبين، كما انه يخفي نوايا غير سليمة من كل الأطراف التي تدعي تمثيل مكونات اجتماعية

اما عن تقييمه لاداء حكومة العبادي فقال :«اداء العبادي لم يكن كما يجب وكما اتاحت له الظروف ان يرتقي فقد منح فرصا كثيرة ليحطم أسس النظام الطائفي ويضرب الفاسدين ولكنه بقي في المنتصف فلا هو استجاب لطلبات الشارع فضرب الفاسدين، ولا هو استطاع إقناع الكتل السياسية بالتخلي عن حماية مفسديها لتعاد نفس دوامة الفساد والفشل، كما انه لم يرتق بالاداء الاداري لمؤسسات الدولة فلا يزال المواطن يتكبد عناء ومشقة بالغة لإنجاز ابسط معاملة».

الى اين تسير الامور بعد استفحال هذه الازمة؟، يجيب نصيف جاسم حسين بالقول :«لا توجد «حكومة جديدة» لغاية الان، فقد تم التصويت على تغيير خمس وزراء من الحكومة القديمة ، لم يؤدوا اليمين الدستورية امام مجلس النواب الذي لا يمكن انعقاده بسبب انشقاقه.
فلا الوزراء السابقون مستمرون في عملهم لأنهم قد قدموا استقالاتهم لرئيس مجلس الوزراء الذي قبلها ولا الوزراء الجدد استطاعوا المباشرة في عملهم لعدم أدائهم اليمين الدستورية!».

العثور على «مصنع كيميائي» لداعش وسط العراق
عثر الجيش العراقي على مصنع للمواد الكيمائية تابع لتنظيم داعش المتشدد غرب مدينة هيت وسط العراق، وفق ما أفاد موقع «سكاي نيوز عربية»، امس وأوضحت السلطات العراقية أن المصنع يحتوي على أجهزة تكرير وكميات كبيرة من الكلور ومواد كيماوية سامة، وقد تركها مسلحو التنظيم وراءهم بعد أن فروا من المدينة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115