التي تقدمت بها الشرطة الفرنسية والنقابات المنظمة لتلك المظاهرات. وحصلت العريضة الوطنية المناهضة للقانون التي وزعت على شبكة الإنترنت على مليون ومائتي ألف توقيع.
شاركت جل نقابات الشغل الفرنسية ونقابات الطلبة والتلاميذ في المظاهرات. وتصدرت المتظاهرين نقابة الإتحاد الوطني للطلبة التابعة للحزب الاشتراكي الحاكم مما أثار حفيظة المسؤولين في الحكومة الفرنسية وفي قصر الإيليزي لأنه لأول مرة في تاريخها تنظم النقابة الطلابية لمظاهرة ضد الحزب الذي تسانده. وهو ما يشير إلى الهوة التي تكونت بين الحكومة والرأي العام الفرنسي بما في ذلك المنظمات اليسارية التي، من المفروض ان تكون في مقدمة الداعمين لسياسة الحكومة.
مباشرة إثر المظاهرات أذن الرئيس فرنسوا هولاند بالدخول في مفاوضات مع منظمات الطلبة والنقابات للتوصل إلى حل للأزمة. وسبق أن طالبت النقابات الأكثر تمثيلا بسحب القانون في حين اعتبرت الكنفدرالية الديمقراطية للشغل أن هنالك إمكانية التوصل إلى حل في صورة قبلت الحكومة ببعض التعديلات.
مظاهرات جديدة يوم 31 مارس
الاجتماعات الأولى بين النقابات والحكومة أظهرت تباينا في صلب السلطات الحاكمة. ففي حين حرص الوزير الأول على ترؤس المفاوضات مع الوزيرة المسؤولة على الملف مريم الخمري، نشرت بعض الصحف أخبارا تفيد أن الوزيرة لم تكن مقتنعة في البداية ببعض بنود القانون وأنها صرحت بأنها لا ترى نفسها تدافع على القانون في صيغته الحالية. لكن الموقف المتصلب للوزير الأول الذي هدد باستعمال قانون 49-3 الذي يسمح للحكومة بتمرير قوانين دون المرور بالبرلمان جعل النقابات و بعض السياسيين داخل الحزب الحاكم، بما في ذلك الأمين العام للحزب جون كريستوف كومباديليس، يعبرون عن عدم رضاهم عن التمشي الحكومي.
وهي أول مرة منذ انتخاب الرئيس هولاند يدخل الحزب الاشتراكي في معارضة واضحة لقانون تتقدم به الحكومة الاشتراكية. و لو أن موقف الأمين العام كان معتدلا و لم يدع للمشاركة في المظاهرات لكنه كان واضحا بالكفاية حتى يربك الوزير الأول الذي اضطر إلى تغيير موقفه والدخول في عملية تفاوض. و بدأت الألسن تتحرر للإشارة إلى إمكانية تقديم مانويل فالس استقالته في صورة فشله في التوصل إلى حل يبقي على البنود الهامة للقانون خاصة أن أحزاب اليمين المعارضة عبرت بصراحة عن مساندتها للقانون بدون تحفظ.
وذهبت الحكومة وقصر الإيليزي إلى تقديم بعض المقترحات البديلة مثل فرض ضريبة إضافية على عقود الشغل المؤقتة لضمان التشغيل بالعقد غير المؤقت الذي يضمن استمرار الشغل. لكن المحللين في النقابات و الجامعات اعتبروا أن في صيغته الحالية يقوم القانون بالرجوع إلى القرن التاسع عشر. وهو يضرب عرض الحائط بمكتسبات الشاغلين التي تقررت عام 1936 في ظل حكومة الجبهة الشعبية وعام 1958 مع الجنرال دي غول وكذلك مكتسبات عام 1981 مع رجوع اليسار إلى الحكم في ولاية الرئيس الراحل فرنسوا ميتران.
المفاوضات الجارية هذه الأيام عالقة بموقف الكنفدرالية الديمقراطية للشغل التي ترغب في تغيير الوضع الحالي لضمان استمرارية الشغل من جهة ومساعدة المؤسسات على التشغيل. لكن لا يعتقد في أن فرنسا تقدم النقابة على إرساء مبدأ التشغيل على أساس 60 ساعة أسبوعيا أو التخلي عن الضمانات القانونية الحالية عند طرد الشغالين. باقي النقابات لم تغير من موقفها. وهي تطالب بسحب القانون والإبقاء على الوضع الحالي. لكن الوزير الأول عازم على تغيير القانون لإصلاح المنظومة التي أصبحت عبئا على الاقتصاد الفرنسي. لذلك قررت النقابات تنظيم دورة جديدة من المظاهرات يوم 31 مارس الجاري للضغط على الحكومة أكثر فأكثر.