الحكومة الفرنسية تنجو من لائحة سحـــــب الثقة أمام البرلمان: الحزب الاشتراكي الحاكم علـى وشك الانفجار

تأزمت الأوضاع السياسية والاجتماعية بعد أن قرر رئيس الحكومة الفرنسي مانويل فالس استخدام قانون 49.3 الذي يسمح للحكومة بتمرير القوانين بعد نقاشها من قبل البرلمان وبدون تصويت، وذلك لتمرير قانون الشغل الجديد.
وكانت مجموعة كبيرة

من البرلمانيين الاشتراكيين قد أعلنت عدم نيتها التصويت على القانون بسبب اعتبارها أن القانون الجديد يرجع قانون الشغل إلى ما كان عليه في القرن التاسع عشر راميا عرض الحائط بكل مكاسب الشغالين. وشكل ذلك خطرا على إمكانية استمرار الحكومة. وبعد استخدام الـ49.3 أقدمت مجموعة «المنتفضين» الاشتراكيين على تقديم لائحة سحب الثقة من حكومتها الاشتراكية في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الجمهورية الخامسة. في المقابل نظمت المظاهرات والاحتجاجات التي أدت إلى مواجهات مع قوات الأمن في عديد المدن الفرنسية.
في غضون أسبوع واحد، إثر استخدام الـ49.3 ، دخلت الحكومة الفرنسية في دوامة مذهلة تأزمت فيها الأوضاع السياسية بعد تقديم لائحة سحب الثقة من الحكومة. وقد تمكنت المجموعة من جمع 56 صوتا ولم ينقصها سوى صوتين لقبول اللائحة من قبل رئيس البرلمان. وأثر ذلك على الأوضاع في صلب الحزب الاشتراكي الحاكم و في صفوف الأحزاب اليسارية والنقابات.

وضع اجتماعي ساخن
اثر القرار الحكومي تعددت المظاهرات العمالية التي قادتها 5 نقابات عمالية كبرى وأكبر نقابة طلابية يسارية. وتعكرت الأوضاع في مختلف المدن الفرنسية حيث شاركت مجموعات من «المخربين» في المظاهرات خلفت أضرارا في بعض المنشآت من ذلك تحطيم زجاج مبنى محطة النقل في مدينة نانت. وقامت مجموعات بمهاجمة الشرطة في باريس رامية عديد الكوكتيل مولوطوف.

وقامت الشرطة بالتصدي للمشاغبين وأوقفت عديد المتظاهرين في مختلف المدن. وعبرت النقابات عن مواصلة احتجاجاتها وتصعيدها في أشكال النضال معتبرة أن الحكومة أخلت بوعودها و»خانت» ما وعدت به في الحملة الانتخابية لرئاسية 2012. وتوالت التصريحات الملتهبة من قبل المسؤولين النقابيين. لكن عدد المتظاهرين أخذ في التقلص في الشوارع ومن المتوقع أن يتناقص عدد الطلبة في المظاهرات بحكم الامتحانات.

انقسام خطير في الحزب الإشتراكي
من ناحية أخرى، وعلى المستوى السياسي، قدمت الكتل البرلمانية من الجمهوريين والوسطيين لائحة سحب ثقة ضد الحكومة، على أعقاب اللائحة الأولى، و لكن فشلت في تمريرها ولم تحصل إلا على 246 صوتا في حين أنّ الأغلبية المطلقة هي 288 صوتا. معارضة اليمين التقليدية تدخل في نطاق العمل البرلماني. لكن اللائحة الأولى خلقت شرخا سياسيا في الحزب الحاكم. وقام مباشرة الأمين العام للحزب الاشتراكي جون كريستوف كوباديليس بتقديم شكوى لهيئة مراقبة المعاملات الأخلاقية في الحزب ضد النواب الـ24 الذين وقعوا في لائحة سحب الثقة وذلك في محاولة لتحويل الفضيحة إلى عملية تأديبية يتحكم فيها الحزب بدون تداعيات سياسية. والسبب في ذلك هو عدم رغبة الرئاسة والحكومة في تواصل الأزمة قبل سنة من موعد الانتخابات الرئاسية. ويعتقد المحللون أن للحزب الاشتراكي تراتيب داخلية تمكنه من تجاوز أزمة الثقة في حين تلوح النقابات وأحزاب اليسار الراديكالي بتصعيد المواجهة.

في الحقيقة لا يتوقع أحد أن تشهد الأزمة الحالية حلا قريبا لما للتطاحن داخل اليسار بين المواقف الإيديولوجية من حدة لا تمكن من توحيد الصفوف حول نظرة موحدة. الأزمة الحالية المتفاقمة أبرزت في واضح النهار انقسام اليسار الفرنسي بين أحزاب ترغب في الحكم وتطوير التشريعات حسب مقتضيات العولمة وأحزاب أخرى تتموقع في المطالبة والتظاهر دون اكتراث بتقلبات الأوضاع على المستوى الأوروبي والعالمي.

هذا المشهد الجديد يجعل من إمكانية نجاح اليسار الحكومي المنقسم في تقديم حلول لمشاكل البطالة والعجز في الميزانية والاستثمار أمر يكاد يكون مستحيلا. مما يشير إلى هزيمة منتظرة في الانتخابات القادمة. ولم يبق للرئيس هولاند إلا أحد عشر شهرا للم الشمل.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115