الأمريكيين، وجذورها أعمق من أن تنتزع رغم جميع قوانين المساواة والحرية واحترام حقوق الإنسان التي تنادي بها الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد تشكلت الولايات المتحدة في بدايتها من عناصر أوربية كان الغالب عليها هو العرق الأبيض وقد شنت هذه العناصر حملة إبادة شاملة ضد سكان القارة الأصليين من الهنود الحمر لتسهيل أمر المستوطنين الجدد من ناحية، وجلب أكبر عدد من الأفارقة وتحويلهم إلى عبيد لتعمير القارة الجديدة من ناحية أخرى.
وتتجدد يوماً بعد يوم جراح السود في أمريكا بنيران الشرطة الأمريكية، التي انتهجت سياسة التفرقة في المعاملة بين المواطنين، في هذا السياق عاشت مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا الأمريكية احتجاجات كبيرة بعد حادثة مقتل الرجل الأسود (جورج فلويد) من قِبل أفراد الشرطة الأمريكية، كما ألقت قوات الشرطة الأمريكية (أتلانتا) القبض على مراسل شبكة «سي إن إن الإخبارية، أثناء بث مباشر من موقع الاحتجاجات في مدينة مينيابوليس.
وتعيد واقعة قتل الشاب الأسود «جورج فلويد» إلى الذاكرة واقعة مماثلة في الماضي القريب عام 2018 بمقتل الشاب الأسود «ديانتى ياربر» بـ 20 رصاصة على يد الشرطة الأمريكية ، والشاب «ستيفون كلارك» الذي قتل برصاص الشرطة في ساكرامنتو عاصمة ولاية كاليفورنيا، ولم يكن مسلحاً وقد تحولت الجنازة فيما بعد إلى مسيرة حاشدة ضد عنف الشرطة الأمريكية.
وحمل الرئيس الأمريكي السابق»أوباما» أملاً كبيراً للأمريكيين من أصول أفريقية في إنهاء ذلك الانقسام العرقي والتاريخي الذي استمر عقوداً من الزمن، وظنوا أنه جاء لاستكمال مسيرة «مارتن لوثر كينغ»، أحد أهم الزعماء المدافعين عن الحرية وحقوق الإنسان ونبذ التفرقة بسبب اللون والجنس، وصاحب مقولة، «نحن لا نصنع التاريخ.. بل التاريخ هو الذي يصنعنا» إلا أن أحلام الأمريكيين سرعان ما تبخرت، فالسود ما زالوا يُقتّلون ويُعذبون على أيدي الشرطة الأمريكية، دون أي ذنب سوى أنهم أصحاب بشرة سوداء.
أما الرئيس ترامب، فيقف اليوم عاجزاً عن إنصاف ذوي الأصول الأفريقية، وكبح جماح ما يتعرضون له من انتهاكات من قبل الشرطة التي أفرطت باستخدام العنف والقمع ضدهم، فالشرطة لا تكف عن تجاهل حقوقهم، وبخاصة بعد أن أعطيت الضوء الأخضر لممارسة التحقيق والبحث والاحتجاز وإطلاق النار عموماً على أي مشتبه به من ذوي البشرة السوداء.
و على الرغم من أن الولايات المتحدة أكثر دول العالم صخبا وضجيجا بالحديث عن حقوق الإنسان وشعاراته، وأنها الدولة الأكثر استخداما لورقة حقوق الإنسان في سياستها الخارجية، فهي تقوم بتقسيم الدول إلى محاور خير وشر واعتدال وتطرف وتضعها على لوائح سوداء وملونة على أساس احترام حقوق الإنسان، إلا أنها على صعيد الممارسة الفعلية تعد الدولة الأخطر على مر التاريخ التي انتهكت ولا زالت تنتهك حقوق الإنسان، بالتالي حقوق الإنسان كانت اللافتة التي اتخذتها الولايات المتحدة ستارا لارتكاب أبشع ممارسات انتهاكات حقوق الإنسان في تاريخ البشرية.
كما حاولت أمريكا تلميع صورتها عبر إيصال عدد من الأمريكيين السود إلى مواقع في السلطة إلا أن ذلك لن يغير شيئا في فكر ومنهجية الولايات المتحدة الأمريكية العنصرية والعدوانية على مواطنيها السود، و على الرغم من أن السود يشكلون 13% من سكان أمريكا، إلا أنهم يشكلون 40% من السجناء.
بالتالي إن جريمة الأبيض ضد الأسود، تتجدد باستمرار في أكثر من مدينة أمريكية، لتظهر الوجه الحقيقي والواقعي لسياسة الإدارات الأمريكية المتعاقبة، الموغلة في دماء المواطنين الأمريكيين السود وغيرهم من الأعراق الأخرى.
لذلك فإن هذه القضية لن تنتهي وهذه الظاهرة السيئة تنتشر بكثرة في المؤسسات التعليمية والصحية والأجهزة القضائية والشرطة وأجهزة الأمن، حيث يتم اعتبار ذوي البشرة البيضاء هم السلالة الأفضل في أمريكا وفي وقتنا الحالي يمثل «ترامب» رمزاً حقيقياً لهذه الظاهرة التي انتشرت بشكل واسع في عهده.