أمين العلاقات الخارجية في حزب الإصلاح الموريتاني الحاج أحمد إجيجبي لـ « المغرب»: موريتانيا على أبواب اقتراع جديد يؤسس لمرحلة جديدة عبر حل مجلس الشيوخ

قال أمين العلاقات الخارجية في حزب الإصلاح الموريتاني أحمد إجيجبي ان احتضان نواكشوط للقمة العربية كان بمثابة تحد صعب في ظل ما تمر به المنطقة . واضاف ان بلاده تعرضت لمضايقات بعد تراجع المغرب . ورأى في حديثه لـ «المغرب» ان تفعيل العمل

العربي المشترك بات اكثر تعقيدا بسبب تزاحم الأجندات الإقليمية والدولية إضافة لتفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تمس المواطن العربي في الصميم. وفيما يخص المشهد السياسي في بلاده اوضح ان نواكشوط على ابواب تغييرات سياسية كبرى نحو الديمقراطية.

• بدأت موريتانيا إصلاحات سياسية قبل موجة ما يسمى «الربيع العربي»، إلى أين وصلت هذه الإصلاحات؟
انطلقت بواكير الإصلاحات السياسية عندنا مع نهاية النصف الأول من سنة 2006 وتمثلت إرهاصاتها الأولى في تعديل دستور 20 جويلية 1991 باقتراع أجري في 25 جوان 2006 إذ تم آنذاك تغيير ثماني مواد تكرس مبدأ عدم التناوب على السلطة . ونصت المادة 26 الجديدة على تحديد مدة ولاية رئيس الجمهورية بخمس سنوات، وعلى أن لا يتجاوز عمر الموريتاني المتقدم لمنصب الرئاسة 65 عاما. كما تحظر المادة 27 على الرئيس الموريتاني الانتماء إلى قيادة أي حزب سياسي، وهناك أيضا المادة 28 التي تقول إن الرئيس لا يمكنه أن يتولى أكثر من ولايتين؛ أي أن فترة مأموريته لا يمكن أن تزيد على عشر سنوات. وتفرض المادة 29 على الرئيس المنتخب قسما يحظر عليه بموجبه تعديل أو مراجعة المواد المتعلقة بفترة مأموريته.
وفي ما يتعلق بحرية التعبير تم وفق هذا التعديل إلغاء المادة (11) الذائعة الصيت التي كانت تمكن وزير الداخلية - وعبر مقرر إداري يصدره- أن يمنع نشر وتداول أي صحيفة ودون أي تعليل لأسباب المصادرة. هذه نبذة عن بعض الإصلاحات التي شهدتها موريتانيا قبل موجة ما يسمى «الربيع العربي»، ورغم بعض التعثرات التي شابت مسيرة الإصلاحات هذه إلا أنها جنبت البلاد الكثير من المطبات وامتصت عوامل الاحتقان..... ونحن اليوم على أبواب اقتراع جديد يؤسس لمرحلة أخرى من مراحل الحياة السياسية الموريتانية عبر حل مجلس الشيوخ واستبداله بمجالس محلية وذلك ضمن مقاربة تخطو بالبلاد نحو شكل جديد من أشكال الحكم الديمقراطي.

• لو توضحون لنا توجهات حزبكم فيما يتعلق بالعمل السياسي في موريتانيا وعلى المستويين العربي و المغاربي؟
يحتل حزب الإصلاح موقعا متميزا ضمن تشكيل الأحزاب الداعمة لرئيس الجمهورية فيما بات يسمى اصطلاحا بالأغلبية الرئاسية ، تم بناء هذا الموقف على أساس وطني محض يجافي العاطفة الساذجة وينحاز للتبصر والعقلانية ؛ يعبر عن هذا نظامنا الأساسي ويتجلى أكثر في الفسيفساء السياسية والاجتماعية التي تشكلها القوى المنضوية داخل حزب الإصلاح، أما فيما يخص المستوى العربي فلحزب الإصلاح مواقف واضحة وقوية من قضايا العرب العادلة كمساندته لقضية الشعب العربي في الاحواز. هذا علاوة على القضية الأولى قضية الشعب الفلسطيني، أما على المستوى المغاربي فنحن ندعم حق الشعب العربي الصحراوي في تقريره لمصيره بنفسه بعيدا عن أي ضغوط وعن أي وصاية.

• ماهو تقييمكم لنتائج القمة العربية التي احتضنتها بلادكم؟
من أهم ما تمخضت عنه هذه القمة سياسيا هو دعمها للمبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام قبل نهاية العام الجاري، وخروجه بآلية دولية متعددة الأطراف تعمل على إنهاء كامل الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين والأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، وفق أطر زمنية محددة للاتفاق والتنفيذ..
وفد رافقت ذلك القرار دعوة اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، إلى مراجعة موقفها وإعادة النظر في تقريرها الصادر يوم 1 جويلية 2016، والذي يتجاوز القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، بانحيازه في كثير من مضامينه إلى الرواية والمواقف الإسرائيلية، عبر مساواته بين سلطة الاحتلال وشعب واقع تحت الاحتلال، كما تمت دعوة اللجنة الرباعية إلى دعم عقد مؤتمر دولي للسلام وفق المبادرة الفرنسية، بهدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ضمن إطار زمني محدد وآلية دولية متعددة الأطر...ويذكرني هذا الموقف المتعقل بمشروع بورقيبة لحل الصراع العربي الصهيوني الذي تقدم به في 21 افريل 1965 والذي دعا فيه العرب إلى الأخذ بسياسة «خذ و طالب» بدل «الكل او لاشيء»...وها نحن اليوم وعلى بعد نصف قرن من هذا الكلام ندرك مدى»رائدية» هذا التفكير ومدى تقدمه ...وليس في ذلك غرابة فقد تميز ساسة تونس ومفكروها على الدوام ببعد النظر وعمق الاستقراء السياسي فهذه «الريادة التونسية» كما يحلو لي أن اسميها منبعها أن مصدر قوة العقلانية هو أساسها الواقعي المحض...

• ألا تعتبرون أن قبول موريتانيا باحتضان قمة عربية في هذا الظرف الصعب الذي تمر به المنطقة العربية هو مخاطرة من قبل نواكشوط؟
بل هو تحد كبير وقد تم رفعه والحمد لله، فالكل يعرف الظروف التي تقدم فيها بلادي لاستضافة هذه القمة بعد تراجع المغرب وقد تعرضنا لمضايقات كثيرة لكن الرئيس كان على مستوى التحدي وقد قال عبارته الشهيرة والتي أعتقد شخصيا أن التاريخ سيخلدها «سنعقد القمة العربية ولو تحت الخيمة»..

• ماهي توقعاتكم بشأن مستقبل العمل العربي المشترك في ظل ما تعيشه سوريا و ليبيا و اليمن؟
سؤال صعب في ظل هذه الظروف العصيبة...فقد ازدادت الأزمات العربية تعقيدا في العراق واليمن وسوريا بسبب تزاحم الأجنــــدات الإقليمية والدوليــة إضافة لتفاقـــــم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تمس المواطن العربي في الصميم.
لقد بلغ بنا التمزق مبلغا خطيرا، ووصل الانقسام بيننا أقصى حد حتى لتوشك أن تتلاشي أية آمال في إمكانية تحقيق تقدم علي صعيد لم الشمل وإصلاح منظومة العمل العربي عبر إعادتها لمسارها الطبيعي، ويبقى بصيص الأمل معلقا بادراك النخب العربية للتحديات التاريخية التي تلقي على كاهلها مسؤولية لا يستهان بها ورغم ذلك فلنا العزاء في الجهد الكبير و الطلائعي الذي قام به الإخوة في تونس لإنقاذ بلدهم مقدمين نموذجا رائعا للاحتذاء عبر رص المصالح وفق الأولويات وما يترتب على ذلك من تنازلات وتضحيات للوطن..انه تجل رائع من تجليات «النضج السياسي»

• برأيكم ما السبيل لتفعيل هياكل اتحاد المغرب العربي المجمدة؟
انأ -وحسب رأيى المتواضع- لا أرى جدوى من هذه الهياكل القائمة واعتقد أن الخلل فيها ذاتي إذ كان ينبغي أن يتم بناؤها تصاعديا حتى تكتسب مناعتها من الشعوب ولا تبقى رهينه لأهواء الحكام ونزواتهم ثم إن مبدأ التنازل كقيمة لا بد أن تكون له مساحته في جهد كهذا مثل توسيع مفهوم السيادة من القطرية إلى الإقليمية وكل هذا يعيدنا إلى فكرة «النضج السياسي» التي تكلمت عنها في الجواب على السؤال السابق.

• ما السبيل برأيكم لحل قضية الصحراء؟
السبيل الوحيد لحل هذه القضية يكون عبر تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقوقه المشروعة وغير القابلة للتصرف من أي كان ، يتأتى ذلك بعد أن تصل الرباط والجزائر إلى مستوى عال من القناعة حول حل هذه القضية ، ويمكن لنواكشوط وتونس المساهمة معا في هذا الجهد عبر صياغة وطرح مبادرة جديدة وجريئة تعتمد من ناحية على عامل الوحدة الاجتماعية والثقافية بين الشعبين الموريتاني والصحراوي وعلى ما تمتلكه تونس من أرصدة فكرية و دبلوماسية وحضور دولي.

• ماهو واقع العلاقات الثنائية بين تونس و موريتانيا وكيف يمكن تطويرها؟
العلاقات الموريتانية التونسية قديمة ولها في كل مرحلة من التاريخ وقفة؛ إذ لن تنسى أجيالنا تباعا موقف تونس بورقيبة من استقلال موريتانيا والذي اثر سلبا على العلاقات التونسية المغربية. كما يظهر في المراسلات الدبلوماسية (1957 - 1960).. فقد كان موقف بورقيبة قد أحدث أثرا بالغا لدى ساسة المغرب آنذاك ...على هذا المهاد التاريخي يمكن لموريتانيا وتونس بناء علاقات أكثر ديناميكية وأكثر نموذجية تشيد على أسس صحيحة من المنفعة المتبادلة ومن التنسيق المشترك الذي يستمد مرجعيته من الشعبين وقواهما الحية حينها نكون قد قدمنا نموذجا عمليا لما يمكن أن يؤسس عليه صرح الاتحاد المغاربي الكبير.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115