خاصة ان تقرير اليونيسيف تحدث عن 201 الف طفل محاصرين في الفلوجة .
الاشكالية نفسها اليوم تنطبق على معارك تحرير عديد المناطق من داعش في سوريا والتي تطلقها ما تسمى بقوات سوريا الديمقراطية (وهي قوات كردية) وايضا قوات الجيش المؤيدة للنظام السوري ..ففي معركة حلب قبل اسابيع جرى الحديث عن سقوط اعداد كبيرة من الاطفال والمدنيين ..
ويوم اول امس اتهم رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري ميليشيات الحشد دون أن يسميها بارتكاب تجاوزات في معركة الفلوجة، مطالبا بإجراء تحقيق. فلا يخفى اليوم ان هناك اكثر من واجهة لهذه الحرب التي يقودها العالم ضد الارهاب وداعش في سوريا والعراق ..فهي في جزء كبير منها ايضا حروب طائفية. اذ يراد لداعش ان يلبس لبوسا «سنيا» باعتبار ان جل عناصره من الطائفة السنية في حين ان الارهاب لا دين له ولا طائفة ..هناك موقف صامت وغير واضح من داعش ومن هذه العمليات العسكرية من قبل الشخصيات السنية في العراق وفي سوريا ايضا ..فالتحفظات على مشاركة قوات « الحشد الشعبي» الشيعية في تصفية هذا التنظيم الارهابي في الفلوجة كان يجب ان يقابلها تأييد سني مطلق لأية عملية كانت ..توجه مدافعها ورصاصها صوب الارهاب الذي يقتل ويبيد ويتفنن بأساليب التدمير الوحشي بشكل غير مسبوق ..
يجب الاقرار انه في عالمنا العربي (خاصة في مشرقه ) تلاحقنا نقمة الطائفية ولعنتها .. حياتنا اليومية وشأننا العام وتوجهات انظمتنا السياسية باتت كلها تدار بشكل طائفي ..من الحرب التي تقودها المملكة العربية السعودية ضد الحوثيين في اليمن ..الى معارك الحشد الشعبي في العراق ..وحتى الحرب على ابشع التنظيمات الارهابية واكثرها اجراما وفتكا بالعباد يراد لها ان تلبس لباسا طائفيا ومذهبيا سيئا .
وحقيقة الحال انه لن تنجح أية محاولة لاستئصال الجهل والتخلف والارهاب والعنصرية والتشدد وغيرها من الامراض التي تفتك بجسدنا العربي الا بالتسامح والوحدة ومن خلال مشروع فكري وديني موحد يعبر عن الوجه المتقدم لمنطقة تعاقبت عليها عديد الحضارات عبر تاريخها ..فأي دور حضاري لنا في هذا الركب لا يتحقق دون نزع هذا الرداء الطائفي البشع والالتحاق بموكب العقلاء والحكماء .لذلك المعركة اليوم ضد الارهاب تبدأ من العقول اولا وعبر تغيير العقليات البائسة والرجعية وتلك هي اصعب المعارك وأمرها.