الرئيس عباس في زيارة مغاربية ضمّت تونس والجزائر: القضية الفلسطينية والاستحقاقات القادمة داخليا وخارجيا

شرع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في جولة اقليمية استهلها بالجزائر ثم تونس التي كانت المحطة الثانية، وتأتي زيارته في ظل ظرف دقيق

تمرّ به القضية الفلسطينية والمنطقة في خضم تصاعد موجة التطبيع العربي ومزيد تضييق الخناق على الحقوق الفلسطينية . وقد رافق عباس وفد يتكون من وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، وقاضي قضاة فلسطين، مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش، ومستشار الرئيس مصطفى أبو الرب، ورئيس اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس، مدير عام الصندوق القومي الفلسطيني رمزي خوري.
وقد حملت الزيارة عناوين عديدة هامة في اطار التشاور الاقليمي بشأن أهم المواعيد القادمة فلسطينيا وعربيا في مقدمتها احتضان الجزائر لقمة جامعة الدول العربية القادمة في مارس، والتي ستكون محطة هامة نظرا للأهمية التي توليها الجزائر لهذه القضية.
تونس تدعو إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني
في لقاء صحفي مشترك بين الرئيسين قيس سعيد ومحمود عباس امس في قصر قرطاج تمّ التأكيد على أهمية انهاء الانقسام الفلسطيني. وأعرب عباس عن شكره لتونس على المواقف الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني في كل المراحل المتعاقبة وفي كل الهيئات الدولية. وقال: «تونس لا يمكن أن تبخل على الشعب الفلسطيني بأي شيء ؟
من جانبه قال سعيد: «ليس لنا مشكل مع اليهود ولكن مشكلتنا مع المحتل . وأضاف: «أخوتنا في فلسطين خرجوا من تونس الى فلسطين ، لقد حاولت الحركة الصهيونية ان تُخرج الحق الفلسطيني من دائرة اهتمام المواطن ولكنها فشلت لان هذا الحق في وجدان كل حرّ في العالم وفي الوطن العربي. وستبقى القضية الفلسطينية ولن يضيع الحق الفلسطيني ابدا». وتابع: «حاولوا بكل السبل اخراج هذا الحق ولكنهم فشلوا وسيفشلون» . وأعرب رئيس الجمهورية عن أمله بان تتحقق وحدة الصف الفلسطيني مؤكدا بان المشكل يتمثل في العدو الذي قتل وشرّد واستولى على هذا الحق . وقال ان المشكل كذلك في الخروج من هذا الوضع الى وضع جديد يقوم على الوحدة لأن انقسام الصف يؤدي الى اضعاف العمل من أجل تحرير فلسطين. وأكد: «ان أكبر الأخطار التي تتهدد الأمة والقضية وتتهدد الحق الخطر الداخلي لا الخطر القادم من الخارج». وأضاف: «أتوجه لشعوب العالم ولكل أحرار العالم للعمل من أجل رفع هذه المظلمة التي تستمر لمدة تجاوزت قرنا» .
عباس : قريبا قرارات هامة للمجلس المركزي
من جانبه قال عباس: «نقدّر موقف الشعب التونسي فقد خرجنا من تونس الى فلسطين وكانت تونس هي المحطة الجميلة الرائعة التي عشنا فيها سنوات عظيمة وكنا مرحبا بنا مدعومين من فرد تونسي ومن كل حكومة تونسية. وتابع :«الفرصة سانحة اليوم لبحث العديد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك وقد اطلعت الرئيس على آخر المستجدات الفلسطينية التي تهمّ شعبينا وما يعزّز العلاقات الأخوية بينهما في جميع المجالات وتفعيل الاتفاقات الموقعة بما يعزز الشراكة بين بلدينا وشعبينا. وقد اطلعت الرئيس على معاناة أبناء شعبنا الفلسطيني الذين يعيشون تحت نير الاحتلال والقهر والاضطهاد ويعيش منهم في مخيمات اللجوء في فلسطين ودول الجوار والعالم. وأكدت بأننا لن نقبل ببقاء الاحتلال والابارتاييد الاسرائيلي لأرضنا وشعبنا . ولن نقبل بالاعتداءات على أهلنا ولا على المسجد الأقصى المبارك والحرم الابراهيمي وكنيسة القيامة. ولن نقبل بمواصلة عمليات القتل وهدم المنازل والتنكيل بأسرانا واحتجاز جثامين شهدائنا ولا بمواصلة حصار قطاع غزة .وأضاف في كلمته: «من ناحية أخرى فإننا نمدّ أيدينا للسلام في اطار مؤتمر دولي ينعقد وفقا لقرارات الشرعية الدولية التي وضعت وقررت ونحن نقبل بها، قد تكون مجحفة كل الاجحاف ومع ذلك قبلنا بها وهم لم يقبلوا بتطبيقها وتهدف لإنهاء احتلال فلسطين وعاصمتها القدس. وأؤكد ستكون لنا خيارات وإجراءات في وقت قريب اذا استمرت سلطات الاحتلال في طغيانها وممارساتها العدوانية ضد أبناء شعبنا وأرضنا وعاصمتها القدس. نعم خلال شهر من الآن سنعقد المجس المركزي لاتخاذٌّ قرارات مهمة ونحن نقول لم تعد لدينا الطاقة للانتظار والتحمل وسنتخذ القرارات التي تفيد شعبنا في اطار الشرعية الدولية ولن نخرج عنها وسنواصل العمل من أجل توحيد أرضنا وشعبنا وتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون جميع القوى المشاركة فيها ملتزمة بالشرعية الدولية». وقال: «نأمل ان ينتهي الانقسام الذي لا يفيد أحدا ويضرّ بشعبنا وعلينا ان ننهيه بأقسى سرعة ممكنة».
دعم جزائري
وفي الجزائر، أكد عبد المجيد تبون أثناء استقباله للرئيس عباس في العاصمة الجزائرية قبيل مغادرته لتونس، أن بلاده قدمت للرئيس الفلسطيني محمود عباس «مساهمة مالية» في إطار الجامعة العربية بقيمة 100 مليون دولار، بحسب ما جاء في بيان للرئاسة الجزائرية. وقال تبون خلال مؤتمر صحافي مع محمود عباس إن القرار جاء «وفاءً لتاريخِ الجزائر الثوري والالتزام الثابت للشعب الجزائري برمته، بمساندة القضية الفلسطينية العادلـــــــة في كل الظروف».
وشدد الرئيس الجزائري على أهمية بلورةَ موقف موحد ومشترك حول دعمِ حقوقِ الشعب الفلسطيني عبر إعادة التمسك الجماعي بمبادرة السلامِ العربية لعامِ 2002، سيكون له الأثرُ البالغُ في إنجاح أعمالِ هذه القمة». ولعل الاختراق الأهم اعلان الرئيسين الجزائري والفلسطيني الاتفاق على استضافة الجزائر لـ«ندوة جامعة للفصائل الفلسطينية قريبا». وهي خطوة لقيت ترحيبا كبيرا من قبل الفصائل الفلسطينية وفي مقدمها حركة حماس . اذ أكدت الحركة في تصريح صحفي التزامها بموقفها وسياستها الثابتة بالترحيب بكل جهد عربي واسلامي وطني لتوحيد الصف الفلسطيني وانهاء الانقسام.
المعلوم أن الجزائر حافظت -طوال الفترة الماضية بكل ما حملته من ارهاصات تتعلق بـ»صفقة القرن الأمريكية «المشؤومة-، على موقف وطني واضح ورافض لموجة التطبيع الصهيونية التي بدأت تتفشى في المنطقة، وسط مخاوف من تداعياتها الأمنية خاصة بعيد زيارة وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس الأخيرة للمغرب. هذا الموقف الجزائري قابله ترحيب فلسطيني حيث اثنى الرئيس الفلسطيني، على ما وصفه بـ«المواقف الجزائرية الداعمة للقضية الفلسطينية في المحافل العربية والإفريقية والدولية وبخاصة تصديها لمحاولات إسرائيل الأخيرة لاختراق الاتحاد الإفريقي بمساعدة بعض الدول الحليفة لها. كما قدم عرضا لما يتعرض له الشعب الفلسطيني من قبل قوات الاحتلال».
وبحسب بيان الخارجية الجزائرية «أجرى الرئيس عبد المحيد تبون ونظيره الفلسطيني محادثات معمقة على انفراد لتتوسع بعدها إلى الوفدين، تناولت مجمل القضايا العربية والدولية التي تهم البلدين الشقيقين وعلى رأسها القضية الفلسطينية».
حيث أكد «الرئيس تبون على تضامن الجزائر الحازم مع الشعب الفلسطيني ودعمها الكامل لحقوقه المشروعة وعلى رأسها الحق الثابت غير القابل للتصرف في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وأكد أن القضية الفلسطينية مسألة تهم كافة الشعوب العربية والإسلامية والمحبة للسلام والعدل وتخاطب الضمير الإنساني الحي لنصرة الشعب الفلسطيني. كما شجب الممارسات القمعية التي تمارسها إسرائيل ضد أبناء فلسطين».
كما «تناول الرئيسان مسألة الوحدة الوطنية الفلسطينية واتفقا على ضرورتها وإنجازها في أقرب وقت. وفي هذا الصدد، أبدت الجزائر استعدادها لاحتضان مؤتمر جامع لمختلف الفصائل الفلسطينية لتجسيد هذا الهدف النبيل وتوحيد الصف الفلسطيني تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية».
قمة موحدة وجامعة؟
وبخصوص القمة العربية التي ستحتضنها الجزائر في مارس 2022، فقد أكد الرئيسان على أملهما أن تكون قمة موحدة وجامعة، تهدف للم الشمل العربي ورص الصف حول القضايا المصيرية للأمة العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ورفع التحديات التي تواجه الشعوب العربية خاصة في هذه الظروف الحساسة والمحملة بالمخاطر والتهديديات.
وخلال الزيارة، التي قام بها محمود عباس والتي دامت ثلاثة أيام «قام الرئيس تبون بتوشيح الرئيس عباس بوسام (أصدقاء الثورة الجزائرية). ومن جانبه، وشح الرئيس عباس الرئيس تبون بـ (القلادة الكبرى لدولة فلسطين)، وهي أرفع وسام فلسطيني».
ويتطلع الجزائريون الى ان انجاح الموعد العربي المقبل على مختلف المستويات، والى ان يكون انطلاقة جديدة للعمل العربي المشترك بحسب تصريح الرئيس الجزائري.
في هذا السياق بدا موضوع مشاركة سوريا من عدمه في القمة هاجسا كبيرا أمام الساسة الجزائريين خاصة أنهم أطلقوا مبادرة لإعادة سوريا للحضن العربي بعد قرابة 11 سنة من الحرب العبثية والدمار والاقتتال الأهلي والتدخل الخارجي وما خلف وراءه من تفكيك للدولة السورية في اطار معادلات القوى المتصارعة على النفوذ في المنطقة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115