بين دمشق وبيروت .. آمال ببناء استراتيجية جديدة وإحداث توازن صعب

ما يجمع دمشق وبيروت ليست المصالح الآنية فقط، بل كذلك وحدة الدم والهدف والمصير المشترك، فالتطور الذي تشهده العلاقات السورية- اللبنانية

في المرحلة الراهنة يثلج القلب وينعش الأمل لبناء استراتيجية جديدة وإحداث توازن في العلاقات الدولية، هذه العلاقات كانت العامل الرئيسي في صمود سورية ولبنان في وجه مخططات الدول المعادية التي تسعى إلى إضعاف البلدين وزعزعة استقرارهما ونشر الفوضى في المنطقة ككل.

وتعكس زيارة الوفد الوزاري اللبناني لدمشق تقديراً لافتاً لمكانة سورية في الساحة الدولية، وقد نوقشت في هذه الزيارة ملفات وصدرت عنها رسائل وإشارات كثيرة، استمرار الدعم السوري الثابت للبنان بعدما وقع لبنان ضحية أزمات تهدّد وجوده وكيانه، رغم الأخطاء المميتة التي ارتكبها البعض بحق سورية، والتي لم تقابلها القيادة السورية يوماً بالمثل، بل استمرت في الحفاظ على التزاماتها إزاء لبنان والشعب اللبناني. كما تحمل هذه الزيارة في طياتها رسائل إلى من يهمه الأمر بأن علاقات الشراكة الإستراتيجية القائمة بين سورية ولبنان متينة، وهي خارج المساومات والصفقات ولا يمكن أن يعكر صفوها ازدياد حجم التحديات.
ورغم أن الزيارة تتعلق بالشق الاقتصادي فقط ولها صلة بعملية استجرار «نقل» الكهرباء من الأردن والغاز من مصر عبر سوريا، إلاّ أنها تحمل دلالات سياسية خاصة وانها المرة الأولى التي تتم فيها الزيارات اللبنانية لسورية على طريقة وفد رسمي يمثل الدولة ويتفاوض بإسمها. بالتالي يمكن لهذه الزيارة أن تفتح الباب لعدد من الاتفاقات المشتركة بين البلدين، نظرا الى ان سوريا منفذ لبنان البري الوحيد إلى العالم ولأن المقاطعة لن تجدي نفعاً على لبنان.

هنا اعتقد في وجود رؤية استراتيجية موجودة في كافة الأوساط اللبنانية على أعلى المستويات، مفادها أن سوريا المؤثرة في الإقليم، هي سورية التي يمكن أن تسهم في عودة الاستقرار مرة أخرى إلى منطقة الشرق الأوسط المضطربة كما توجد رؤية إستراتيجية ثابتة وهي دعم سوريا للبنان في كل الأوقات.
نحن في سورية كنا وما زلنا نتطلع إلى علاقات متجذّرة فريدة في مختلف المجالات مع الشقيقة لبنان، وتقديم مصلحة الأمة على أي مصالح ثنائية لا تخدم الأمة بأكملها، لذا يجب أن تبقى سورية ولبنان على وئام ووفاق إنطلاقاً من إستيعاب دروس التاريخ اذ انه أنه كلما كانت سوريا ولبنان في خندق واحد، وموقع واحد تكونان متضامنتين باعتبارهما “في جبهة واحدة” لمواجهة التهديد الإرهابي.

ويمثل تمتين العلاقات السورية اللبنانية في الظروف الحالية حاجة إستراتيجية للطرفين، والتنسيق بينهما سيعيد إلى المنطقة شيئاً من التوازن ومنطلقاً للتأسيس لحالة من الاستقرار في خضم المرحلة المضطربة حالياً.
ذلك يؤكد أن الشعبيبن السوري واللبناني قادران على تجاوز وتخطي أزمتهما ومحنتهما الراهنة بفضل تماسكهما ووحدتهما الوطنية، لأنهما يدركان جيداً دورهما في المنطقة العربية من خلال عودتهما الى تبوئ موقعيهما ومكانتهم العروبية والقومية في مواجهة كل المشاريع الامبريالية في المنطقة العربية الرامية إلى تجزئة وتقسيم الأقطار العربية وتفتيت وحدة الإنسان العربي من المحيط الأطلسي حتى الخليج.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115