المتعمقة تقول بوضوح إنه لا يوجد أي سبب يجعل ممن لا يريدون الخير لسوريا سعداء هذه الأيام لما يجري في سورية وفي الجنوب تحديداً، فالجيش السوري مدعوماً بحلفائه يتقدم ويحقق مكاسب كبيرة في عدد من جبهات القتال ويكبد المسلحين ومن هم وراءهم خسائر فادحة في المعدات والأرواح ، مكاسب قلبت المعادلات وأجهزت على المخططات التي رصدها أعداء سورية لتدمير إرادة الحياة هناك. ستكون سوريا بعد درعا غير سوريا قبل درعا والمنطقة ككل ستكون غير ما كانت عليه قبل درعا لا سيما أن هذا الإنجاز يتكامل مع الإنجاز الإستراتيجي والعسكري الذي يحققه الجيش العربي السوري بهزيمة داعش واقتراب إنهائه في مختلف المناطق السورية، لذلك فإن تداعيات معركة تحرير حي درعا البلد لن تقف عند تحديد دفة الصراع ووجهته بين المجموعات المسلحة والجيش السوري فحسب، بل ستتجاوز ذلك إلى التأثير المباشر على العديد من المعادلات الإقليمية الحساسة في المنطقة.
ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: ماذا يعني استعادة السيطرة على درعا البلد؟أن تحرير درعا البلد من المسلحين هي خطوة هامة لإعادة الأمن والاستقرار في المنطقة الجنوبية وهو الهدف الاستراتيجي للحكومة السورية ، كما يعني إرسال إشارات واضحة عن تصميم السوريين على إنهاء جميع الاحتلالات، أمريكية كانت أم تركية، وبالتالي احباط المخطط الأمريكي- الاسرائيلي الهادف لخلق اقليم في جنوبي سورية ومنع ايجاد منطقة عازلة حول اسرائيل بحجة التمدد الايراني، كذلك يعني عودة فتح المعابر مع الأردن وبالتالي تعزيز وتنشيط الاقتصاد والاستثمار. كما سيؤدي إلى تخليص سكان درعا من عمليات القصف والقتل والتدمير التي عاشوها طول السنوات الماضية، والتي أدت إلى استشهاد آلاف الأبرياء، إضافة إلى تدمير البنى التحتية وسيضع بالتالي نهاية لمعاناتهم.
لهذه الأسباب وغيرها شاهدنا الفرحة العارمة لسكان درعا بمغادرة المسلحين لحي درعا البلد الى الشمال السوري.من جهة أخرى لابد من التأكيد أن تحرير درعا لا يعني نهاية المعركة ضد الإرهاب، لكنّه خطوة مهمة وكبيرة في هذا الاتجاه. ماذا بعد؟
تشير جميع الدلائل المباشرة وغير المباشرة إلى أن الحرب ضد الإرهاب ستستمر حتى تخليص سورية منه، والخطوة المقبلة الأهم باعتقادنا هي معركة تحرير إدلب وإنهاء سيطرة الإرهابيين عليها.
لو تابعنا المسار الذي رسمته واشنطن في سورية والذي وضعت له كل إمكاناتها بعد تعثر استراتيجيتها في العراق ورهانها على جماعات مسلحة لم تنجح في تغيير المعطيات في الساحة السورية ، نجد بأنها خسرت رهانها وإن سياستها تجاه سورية في حالة يرثى لها وتعاني من ضربات مستمرة، ويوجد اليوم فارق هائل في قراءة المشهد السوري، انطلاقاً من وقائع الميدان، فبعد سيطرة الجيش السوري على مختلف المدن السورية بشكل كامل، بدت المسألة أقرب إلى الحسم النهائي من أي وقت آخر، بذلك تبدو واشنطن المتضرر الأكبر وهي تراقب إعادة تشكيل المنطقة على وقع تنسيق روسي ــــ إيراني وتطورات ميدانية قلبت الموازين على الأرض السورية.
في سياق متصل وفي ظل التغيرات الميدانية، أثبتت معركة تحرير درعا البلد أن سيطرة الدولة السورية على أراضيها مسألة وقت فقط، وأنه من الأجدى للجميع الوصول إلى تسوية سياسية تتضمن الحفاظ على الدولة ووحدة أراضيها، والتخلص من الجماعات الإرهابية، ليستطيع الشعب السوري بناء مستقبله بنفسه وإعادة الإعمار.
إن النصر في الجنوب السوري سيكتب بدء نهاية الأزمة السورية، كما سيغيّر من موازين القوى في المنطقة على الصعيد العسكري كما السياسي و هنا يمكنني القول إن المشروع أو المخطط الأمريكي والذي كان يهدف إلى احتلال أو إعادة رسم خارطة للشرق الأوسط الجديد سياسياً وجغرافياً، أقول: إن ذلك المخطط لن يكتب له النجاح، وها هي الأيام قد كشفت لنا أن سورية أفشلت تلك اللعبة و المخطط الخبيث والذي كان يهدف بالأساس إلى إضعاف الجيش السوري وتجزئة سوريا والمنطقة برمتها. لذلك فإن كل من شارك في العدوان على سوريا يحاول البحث عن مخارج لتخفيف وطأة الهزيمة التي منيوا بها.
ماالذي يعنيه تحرير «درعا» وما هي الخطوة المقبلة؟
- بقلم خيام الزعبي
- 10:32 27/08/2021
- 653 عدد المشاهدات
بعضهم ينتظرون من وراء مكاتبهم تقارير سقوط سورية وانكسارها أمام الإرهاب وأدواته سيظلون ينتظرون كثيراً، فالقراءة العسكرية