لم يعد يخفى على أحد إشتعال الخلافات بين الإدارة الأمريكية وتركيا -اليوم- ومن بين تلك القضايا حقوق الإنسان في تركيا، والتي انتقدها الديمقراطيون على وجه الخصوص، واعتراف واشنطن بالإبادة الجماعية التي تعرّض لها 1.5 مليون أرمني في عهد السلطنة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، بالإضافة الى شراء تركيا لنظام الصواريخ الروسي «إس-400» الذي أغضب حلفاءها في الناتو وأدى إلى عقوبات أمريكية. كذلك عملها العسكري ضد حلفاء أمريكا الأكراد في شمال سوريا، فضلاً عن تحركات أردوغان العدوانية ضد اليونان وقبرص بسبب موارد الغاز في شرق البحر المتوسط، لتتبع ذلك المزيد من الخلافات بشأن التصريحات التركية المعادية لأمريكا، الأمر الذي وصل بالعلاقات الأمريكية التركية إلى حالة غير مسبوقة من التوتر، وفي هذا التطور الجديد أعلنت الرئاسة التركية عن عزمها على إعادة تقييم ومراجعة العلاقات التركية مع أمريكا في حال استمرار اتخاذ قرارات ضد تركيا.
في المقابل اتهم أردوغان الولايات المتحدة بأنها تقدم الدعم اللوجيستي للتنظيمات الإرهابية المعادية لتركيا، كما انتقد دعم الولايات المتحدة لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية في سورية، قائلا: «أثبتنا بالوثائق أن تنظيم YPG «وحدات حماية الشعب» هو امتداد لتنظيم حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه انقرة بالارهابي .
دون أدنى شك، حملت العلاقات التركية الأمريكية في طياتها الكثير من الخفايا والمصالح، والحقيقة هي أنّهما يمثلان القوة الإقليمية الرئيسية المسببة للأحداث في سوريا. تركيا اليوم أهم مصدر للمال والسلاح إلى الجماعات المسلحة وأدواتها، وقد عملت على إنشاء مراكز التجنيد ومعسكرات التدريب ومخازن السلاح على الأراضي التركية لصالح هذه الجماعات وسائر تشكيلات المرتزقة المشاركة في الحرب على سوريا لذلك لم نتفاجأ مما تخطط له أمريكا وتركيا لتلعبه في المنطقة.
وانطلاقاً من ذلك فإن علاقة أمريكا بتركيا، تنطلق من أساس واحد وفروع متعددة تتعلق بكل دولة على حدة، والأساس هو إن لأنقرة علاقات إستراتيجية مع أمريكا ،وهذه العلاقات قائمة على خدمة المشروع الأمريكي، وتنفيذ مطالبه من حيث الجوانب العسكرية والتي تتمثل بتنفيذ الأجندات الأمريكية وتوريد الأسلحة والمعدات الأمريكية، وبالتالي فإن بقاء شهر العسل بين أمريكا وتركيا لن ينتهي قريباً طالما بقيت هذه الدول على علاقة جيدة مع «إسرائيل» ولا أظن إن هذا التحالف سيتلاشى طالما بقيت هذه المنطقة المصدر الأساس للطاقة والاقتصاد والنفط.
وعلى نفس المنوال، إن استمرار الاحتلال الأمريكي –التركي والإبقاء على حالة النهب والسرقة للنفط السوري، هو الماكنة التي ستسرع في تشكل وتكوين المقاومة الشعبية السورية الوطنية، ليجد الأمريكيون-والاتراك أمام حرب عصابات يعجزان أمامها عن تحقيق أهدافهما الاحتلالية.
وبذلك لن يكون هناك موطئ قدم للاحتلال ومتطرفيه مهما بلغت غطرستهم وعربدتهم من خلال صمود أبناء الشعب السوري ومعهم جنود الجيش العربي السوري في الميدان الذين يرابطون للدفاع عن بلدهم بصدورهم العارية.