على قطاع غزة كذلك الموقف الثابت لسورية تجاه فلسطين والسؤال الذي يفرض نفسه دائماً على مر السنوات الماضية هو: كيف لشعب يعيش في ظل عدوان منذ قرابة عشرة أعوام أن يتضامن مع القضية الفلسطينية؟
والإجابة عن هذا السؤال سهلة جداً... إنها فطرة توجد لدى كل سوري تربى عليها منذ الصغر فمواقف الشعب السوري واضحة منذ قدم الزمان.القضية الفلسطينية من ثوابت السياسة السورية.... بهذه الكلمات عادة ما كان الرئيس الأسد يبدأ حديثه عن فلسطين في كل محفل دولي، حتى وإن كان الحدث لا يتعلق بالنقاش حول القضية الفلسطينية، ويتعهد ببذل الجهود السورية لاستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة .
اليوم لا تحتاج سوريا بكافة مؤسساتها، الى كثير من البراهين والأدلة، لبيان المواقف السورية التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، ولا تحتاج إلى كتاب ابيض يوضح فيه أن القضية الفلسطينية بالنسبة لها هاجس دائم وهم يلازمها في كل زمان ومكان، ففلسطين جزء من الذات السورية، فلا فلسطين قادرة أن تتحرر من دون سوريا ولا سوريا قادرة أن تدير ظهرها لفلسطين لأنها عندئذ ستفقد معناها ودورها وذاتها مثل غيرها من الدول العربية التي تخلت عن قضيتها المركزية، لذلك فإن فلسطين الوطن والشعب والقضية، تتأثر بكل تفاصيل ما يدور في سورية، فسورية كانت ولا تزال ترى في فلسطين قضيتها المركزية قولاً وممارسة.
إن القضية الفلسطينية بالنسبة لسوريا رسالة ومستقبل، ولم يخل أي خطاب سوري من إيلاء فلسطين وأهلها وقضيتها العادلة كل إهتمام ورعاية، وقد شكّل الموقف السوري الثابت تجاه القضية الفلسطينية، الرديف والسند الحقيقي للشعب الفلسطيني، وقد دفعت سورية ثمن هذا الموقف طيلة العقود الماضية، وتحمّلت في سبيل القضية الفلسطينية ما فوق طاقاتها وإمكانياتها إنسجاماً مع ثوابت النهج والرؤية لهذا الوطن في مواقفها من فلسطين والتي لا تحتمل التشكيك والتدليس، فسورية ستظل حائط الصد للمحاوﻻت الاستعمارية وفى القلب منها شبابها المخلص.
اليوم فلسطين موجوعة تصرخ وحيدة والمسماة بالجامعة العربية لم تجتمع لأنه لا هم لها سوى ضرب العرب والعرب لا يضربون إلا بفلسطين، فلسطين هي التي تكشف اليوم الأقنعة بدماء شهدائها ودماء أطفالها، وهي التي كشفت اليوم عن الزيف العالمي الذي يتكلم بحقوق الإنسان، فأين المؤسسات الدولية؟ أين مواقف الدول الكبرى التي طرحت شعار حقوق الإنسان والتي لا تتحرك إلا عندما تتطلب مصالحها أن تتحرك باسم حقوق الإنسان في حين لا أحد يهتم اليوم بفلسطين أو بالشعب الفلسطيني ولا بأطفال فلسطين.
هكذا هي صورة الصهاينة والغرب البشعة، ورغم هذا لازال السوريون يقاومون بكل شراسة وبكل قوة وسيقفون صامدين ضد هذا العدوان كما سيقفون مع الشعب الفلسطيني لأنها فطرة تربى عليها كل سوري أصيل.وأنهي مقالتي بالقول أن القضية الفلسطينية كانت على الدوام حاضرة في الوجدان السوري، لذلك يبقى التضامن مع فلسطين الأوتوستراد الذي يجب أن يسير فيه قلب كل عربي، ويجب على الأمة العربية إعادة الاهتمام بالقضية الفلسطينية وعدم تركها وحيدة ينفرد بها العدو الصهيوني، الذي استغل هذه الأوضاع فضاعف من إجراءاته العدوانية لتهويد القدس من خلال الإعلان عن إقامة آلاف الوحدات السكنية وهدم المنازل بعد مصادرتها وإرهاب المصلين وفق نهج مدروس لتقسيم المسجد الأقصى، فضلاً عن تعزيز الوحدة الوطنية التي تعتبر مفتاح الأمن والاستقرار والتنمية والتي تتحقق عن طرق التضامن الداخلي والالتزام بوطن واحد لا يقبل التقسيم أو العبث بمقوماته الأساسية ووجود إرادة عربية قوية وصريحة تتعامل وتؤمن دائماً بالقضية الفلسطينية وتعمل على حلها.
فتحية من سوريا المرابطة، من سوريا جمال عبد الناصر إلى أطفالنا في غزة وإلى كل مقاوم وكل شهيد يسقط على أرض فلسطين من أجل تحريرها شبراً شبراً.