تركيا ومساعي إعادة العلاقات مع سوريا

تركيا «تغازل» سوريا لإعادة العلاقات بعد تغير المعادلات في سوريا، وسقوط الرهانات الإقليمية والدولية وخاصة التركية،

بات واضحاً أن جميع الأطراف المناوئة لسورية باتت عاجزة أمام مواجهة مجريات الوقائع وهو ما يُشير الى تعاظم دور سوريا على حساب الدور التركي -الغربي في المنطقة، وكانت الصفعة الكبرى في حلب التي أغلقت الباب أمام أي آمال وتمنيات بسقوط الدولة السورية والتي شكلت دفعة قوية رفعت من معنويات الجيش الذي يقاتل في الميدان.
بذلك بدأت الأوراق تختلط في المنطقة، وبدأنا نرى مرحلة جديدة وحساسة من تبدل التحالفات وتغير الأهداف والأولويات، حيث تمخضت عن هذه المرحلة مفاجأة كبيرة على صعيد الأزمة السورية، خاصة بعد تصريحات نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا مصطفى شين، حول إمكانية عودة العلاقات بين تركيا وسورية. نائب أردوغان، مصطفى شين، قال خلال أحدث ظهور إعلامي له بأن: «العلاقات مع سورية ستتحسن بالتأكيد وستعود كما كانت»، تلك التصريحات، جاءت خلال مشاركته في برنامج “ميدان الفكر» على قناة “ULUSAL” التركية، حيث أوضح نائب الرئيس التركي أن «تركيا ستفتح خطا لعودة الاتصالات مع مصر، وغداً سيتم تصحيح العلاقات مع سورية بالتأكيد»، ومن الواضح بأن هذه التصريحات تشير إلى استعداد أنقرة للتفاوض مع الدولة السورية بعدما ان استؤنفت في الأيام الماضية المفاوضات الدبلوماسية مع مصر، عقب توتر العلاقات بينهما منذ عام 2013.

وقد وجدت تركيا نفسها -اليوم- شبه معزولة بسبب صلف الرئيس أردوغان، فبدلاً من سياسة صفر مشاكل التي جاء بها وزير الخارجية الأسبق أحمد داود أوغلو تركيا توترت علاقات تركيا مع معظم الجيران ودول المنطقة، وتورطت في الحرب على سورية، لذلك تجد تركيا نفسها أمام مأزق حقيقي، خاصة بعد أن أصبحت المنطقة العازلة فِكرة غير قابلة للتحقق في ظل معارضة حلفاء دمشق، كما أن تركيا التي أدارت الصراع في سورية خسرت رهانها على أن تكون الراعية التي بيدها الورقة الكردية، لكن الرهان الأكبر سقط بعد فشل أردوغان في إعادة خلط الأوراق وإحداث فوضى في سورية لتحقيق أهدافه هناك، بذلك تلاشت أوهامها وإنهارت لأن الجيش السوري استطاع القضاء على داعش وطردها من البلاد، وهنا دفعت تركيا ثمناً سياسياً ودبلوماسياً باهظاً لمغامراتها الطائشة في سورية. إن الإستدارة التركية الجديدة نحو سورية، تقول أن أردوغان يتخبط ويغرق في المستنقع السوري، وان إقترابه من المعسكر الإيراني السوري الروسي، سيؤدي الى حل مشاكل كثيرة في بلاده، وإنطلاقاً من كل ذلك، يجب على تركيا إعادة النظر في الرهانات السياسية الخاطئة قبل فوات الأوان. مجملاً....

لا يمكن لأحد في العالم أن ينكر الدور الرئيسي الذي لعبته تركيا سياسياً وعسكرياً واستخباراتياً بالحرب على سوريا ومشاركتها الرئيسية بتدمير سورية ولكن الآن وبعد أن فشل المخطط الرئيسي لتركيا بتقسيم سوريا على أساس طائفي و إضعاف جيشها وبعد الانتصارات التي حققها الجيش السوري حان وقت الحساب وهنا نتساءل: هل سيدفع أردوغان و تركيا حساب ما فعلاه؟، أم سيتغير النهج ويعود الى الحضن السوري واذا توافق الطرفان وقبلت انقرة ببعض شروط دمشق فمن سيكون الضامن للايفاء بالتعهدات التركية أعطيت ؟إنّ الأسابيع القادمة ستشهد تدويراً للكثير من الزوايا والقضايا في مجمل العلاقات الدولية، والأيام المقبلة وحدها ستجيب عن ذلك.

من الطبيعي أن تفشل تركيا في سوريا، و لعل أنقرة قد اكتشفت مؤخراً أن صعود الشجرة السورية ليس سهلاً، لذلك بدأت في البحث عن مخرج من الوضع الصعب التي وجدت نفسها فيه خلال السنوات الأخيرة، في إطار ذلك لم يبق أمام أردوغان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إلا أن يتراجع في سياساته الداعمة لداعش وأدواتها، والإنخراط في التسويات والترتيبات الإقليمية والدولية التي تهدف لمواجهة الإرهاب من خلال وقف الدعم اللامحدود الذي قدمته للتنظيمات المسلحة و وقف تدخلها في الشؤون الداخلية السورية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115