وأزمات عديد من الدول العربية لا فقط على المستوى السياسي بل كذلك على المستوى العسكري. وأخذ هذا التدخل التركي أشكالا عديدة سواء من خلال دعم جماعة الاخوان المسلمين في مصر وغيرها ودعم صعودها السياسي، او من خلال التدخل العسكري كالذي حصل في سوريا وليبيا . وكان لهذا التدخل الأثر البالغ في تغيير المشهد نحو الأسوإ في هذين البلدين بدافع الأطماع الأردوغانية التي لا تنتهي عند حدود ، وبحثا عن إعادة حلم الخلافة العثمانية وأمجادها في المنطقة .
لقد استغلت انقرة انتفاضات «الربيع العربي» وسارعت الى التدخل بحجة تقديم الدعم للمتظاهرين والباحثين عن الديمقراطية الضائعة في العالم العربي، رغم ان أسوأ الانتهاكات الحقوقية بحق المعارضين والصحفيين والأقليات الكردية وغيرها تنفذ في تركيا نفسها، ولكن ما حققه اردوغان من نهضة تنموية لبلاده وقفزة اقتصادية كبيرة كانت تشفع له في كل مرة عند ناخبيه لإعادة التصويت له في صناديق الاقتراع .
أزمات متعددة
ويقول الباحث السوري خيام الزعبي لـ«المغرب» ان تركيا تقدم على إشعال الأزمات من سوريا إلى ليبيا والعراق وتدعم جماعات على حساب أخرى وذلك عبر توفير التدريب والسلاح لها للنفاذ الى تحقيق أطماعها في تلك الدول حتى وإن أدى ذلك إلى انتشار الإرهاب والدمار والخراب في المنطقة». ويتساءل محدثنا عما حققت تركيا من الحرب على الشعب السوري بعد أكثر من 10 اعوام؟ وعما اذا كانت لدى أنقرة القدرة على ايقاف عدوانها على الشعب السوري ؟
ويضيف بالقول: «ليس من شك أن أردوغان مستمر بطموحاته السياسية والنفطية، إذ أعلن صراحة عن أنشطة بلاده المستقبلية في المنطقة، ضاربا عرض الحائط بكل المبادرات الإقليمية و الدولية لوقف الحرب هناك، ولا يخفى على أحد ضلوع تركيا في عدد من الصراعات العسكرية الدولية، ضد الدول المجاورة لها، مثل اليونان وأرمينيا وقبرص وكذلك ضد دول أخرى مثل اليمن والصومال إضافة الى مصر، كل هذه التصرفات تشير الى أن السياسة الخارجية التركية تزعزع بصورة متزايدة الاستقرار، ليس فقط بالنسبة لدول عدة، بل بالنسبة للمنطقة ككل.»
اما بخصوص الأحداث في سوريا يقول: «برؤية تحليلية نكاد نجزم ان تركيا على حافة الهاوية وذلك لتدخلها في أكثر من بلد لتحافظ على هيمنتها ونفوذها بالمنطقة في حلبة صراع مع سوريا وحلفائها، هذه السياسة المتبعة من قبل تركيا جعلتها تخسر الكثير من قواها إقتصادياً، لذلك نحن على أعتاب متابعة مشهد جديد في المنطقة خصوصاً بعد حملة تحرير واسعة في الشمال السوري».
وقال ان أنقرة تكون بذلك قد حرقت سفنها مع سوريا تماماً، ولقد سبق وأن أكدّت أكثر من مرة، بأن الدبلوماسية التركية أطلقت النار على أقدامها، لذا لا بد لتركيا بدلاً من اللعب بكرة النار التي قد تحرق أصابعها قبل غيرها، أن تبتعد عن لغة التهديد والوعيد وشن الهجمات، وأن تجنح إلى لغة العقل والمنطق والسلام التي تدعو إليها الحكومة السورية باستمرار.
أي دور لحزب العدالة والتنمية
ولا يخفى على أحد الفشل الذي حلّ بحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا والذي جعله يصل إلى نهاية دوره وجعلت سياساته في مهب الريح، وذلك بعد الهزائم المتلاحقة نتيجة الفشل السياسي الداخلي، والأزمة الاقتصادية، والسياسات المتهورة خارجياً، ويتابع الزعبي بالقول: «أن التدخل التركي في سوريا محفوف ومليء بالمخاطر الإقليمية ويجب أن تضع أنقرة في حساباتها أنها تخوض حرباً مع جبهة المقاومة كما هي إسرائيل الآن».
ويرى عديد المتابعين بان سياسات الحكومة التركية وحزب العدالة والتنمية ستجلب الويلات على تركيا، وستتسبب في كوارث كثيرة في المنطقة. لذلك يُلاحظ التغير الذي طرأ على تصريحات القادة الأتراك مؤخرا سواء نحو مصر والمصالحة مع النظام المصري او من خلال إعادة ترتيب الأوراق في ليبيا وسوريا والقبول بالتسوية الجديدة وذلك خشية السيناريوهات المرعبة التي قد تنتظرها بعد فوضى التدخلات الإقليمية والدولية والتي لم تجلب سوى الحروب والويلات للمنطقة .