«إسرائيل» وسؤال الهوية الإسرائيلية

منذ عقود طويلة برز السؤال الأهم: من هو اليهودي ومن يحدد من يكون هذا اليهودي وهل يحق فقط للحاخامية الأرثوذكسية المتزمتة

منح صفة اليهودي للشخص المتهود أم أنه يحق لجهات أخرى تحديد هذه الصفة وإعطاء هذا الشخص شهادة اعتناق الديانة اليهودية. بقي هذا السؤال قائما حتى قامت مجموعات من التيار الإصلاحي التقدمي برفع دعاوى قضائية للمحكمة العليا الإسرائيلية من أكثر من خمسة عشر عاما للبتّ في هذه القضية السياسية الدينية المتداخلة والمتنازع عليها وبعد تردد ومماطلة كبيرة من قبل المحكمة العليا اخذ القرار بأغلبية القضاة بأن يقبل كل من مرّ بمراحل التهويد الحديثة التي أقرتها الحاخامية الإصلاحية وحتى وإن لم يكن الأب أو الأم من أصل يهودي يمكن لهذا الشخص أن يصبح يهوديا بالكامل بعد إتمامه هذه الإجراءات التي تعتبر مخففة بل وانقلابية من وجهة نظر شرائح كبيرة في المجتمع المتدين في «إسرائيل» حتى أن الأمر وصل لتوقيع قادة الأحزاب الدينية على وثيقة تم توجيهها الى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقعت مطالبته من خلالها بإقرار قانون جديد في الكنيست يلتف على قرار المحكمة العليا ويلغي قرارها هذا، وتهديده معه في ذات الحكومة ولن يكونوا شركاء في الائتلاف الحكومي القادم إذا لم يتعهد بإقرار هذا القانون.
هذا الأمر الذي يعتبر مصيريا بالنسبة لهذه الأحزاب والذي وإذا حدث سيفقدها الكثير من عوامل وأسباب قوتها التي تتمتع بها بفضل قدرتها على تحديد من يستحق أن يكون يهوديا والتي تعطيها شرعية قيادة المؤسسات التعليمية الدينية والتي تعتبر حجر الزاوية والعمود الفقري في ما تتمتع به هذه الأحزاب من سلطات سياسية ودينية واجتماعية ومادية واسعة . لذلك ستعمل بكل تأكيد على إلغاء أو الالتفاف على هذا القرار التاريخي حتى وإن كان الثمن التحالف مع أحزاب لا تتفق معها أيديولوجيا وعقائديا فهي لم تترك هذه الساحة الهامة تخرج من تحت عباءتها تحت أي ظرف كان. لأجل هذا الهدف بدأت المعارك الإعلامية والسجالات الإعلانية تروج لهذه الأحزاب ولخطورة قرار المحكمة العليا حتى أن بعض المواد الإعلانية تحرض بشكل واضح على من اعتبرتهم المحكمة يهودا ، وهي لن تتورع عن استخدام أي أسلوب مهما كان وذلك بهدف الاحتفاظ بالامتيازات المادية والنفوذ السياسي الذي تتمتع به منذ عقود، والذي ازداد في العشر سنوات الأخيرة مع بروز التيار الإصلاح التقدمي الذي ينتمي اليه معظم يهود الولايات المتحدة الأمريكية الذين كان لهم دور هام وحاسم في اتخاذ هذا القرار .
فالخلاف المتواصل مع رئيس الحكومة الإسرائيلية حول مسألة الزيارات المختلطة لحائط البراق « المبكى» قد أثارت غضبهم وأدى ذلك لأزمة حقيقية أدت لمقاطعة المؤسسات اليهودية في الولايات المتحدة للفعاليات التي يحضرها نتنياهو.
هذا الأمر الذي ألقى بظلاله على العلاقة مع يهود الولايات المتحدة الأمريكية وسيكون مثار نقاش وجدال طيلة السنوات القادمة إذا لم يحصل تنازل من أحد الأطراف أو التوافق على صيغة مرضية لكافة التيارات التقدمية والحريدية المتدينة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115