الجنائية الدولية والولاية على الأراضي المحتلة

كاد الشعب الفلسطيني يفقد صبره بعد أن استبدت «إسرائيل» واستشرت جرائمها بطول الأرض وعرضها حتى أن شعبنا أصبح يهزأ مما يسمى العدالة الدولية

والمحكمة الجنائية. فمنذ سنوات ونحن نسمع عن محاكمة إسرائيل وقادتها على جرائمهم المرتكبة بحق هذا الشعب. واليوم وبعد هذا القرار الذي يضع الأراضي المحتلة ضمن الولاية القانونية في المحكمة الجنائية الدولية نستطيع القول بأن القادم من الأيام سيحمل أخبارا سارة للشعب الفلسطيني الذي يكتوي كل يوم بالجرائم الإسرائيلية على أيدي جيش الاحتلال أو أيدي قطعان المستوطنين الذين يعيثون في الأرض فسادا.

إن هذا القرار يعيد القطار لسكته الصحيحة، فهو مؤشر على بداية حقيقية لعقاب إسرائيل على جرائمها ، فهو صادر عن أعلى سلطة قضائية دولية وهي ذات السلطة المخولة دوليا بإجراء تحقيقات في الجرائم المرتكبة بحق الشعوب. وهذا يعني أن العالم بدأ يدرك حجم الجريمة المرتكبة بحق الإنسانية جمعاء عندما يحتجز شعب بأكمله ويؤخذ رهينة ويتم استباحته بالليل والنهار دون حسيب أو رقيب . هذا الأمر لا مفر منه ولا مناص من أن توضع هذه القضية على الطاولة من جديد وأن يتحدث العالم بأسره عن ما ارتكب على الأرض الفلسطينية طوال سبعة عقود مضت.
هذا القرار الهام سيفتح الباب على مصراعيه لإدانة دولية واسعة لإسرائيل على ارتكابها الجرائم اللاإنسانية بحق الشعب الفلسطيني وهو المدخل الأمثل لتدويل قضية الشعب الفلسطيني وجعلها قضية كل الشعوب المدافعة عن العدل والحق والحرية. وبذلك نكون قد أتقنا استراتيجية جعل العالم بأسره يدرك حقيقة أهمية حل القضية الفلسطينية حلا عادلا وشاملا، وذلك هو المدخل الأمثل لنزع فتيل الصراعات المشتعلة بالمنطقة . وهو الأمر الذي حاولت إسرائيل نفيه والتعتيم عليه من خلال القول الدائم بأن المشكلة هي ليست إسرائيل وإنما هي دولة أخرى أو دول تعمل على إحلال السلام. وهذا الأمر يجافي الصواب والحقيقة، فإسرائيل هي الدولة القائمة بالاحتلال وهي السبب الأول والأوحد لجر المنطقة لحروب متواصلة استمرت لأكثر من نصف قرن.

البناء على هذا القرار واجب كل فلسطيني وكل عربي وكل مناصر للحق والحرية أينما وجد، كذلك تنبع أهمية القرارات من طبيعة الارتباط السياسي والإنساني مع دول العالم المختلفة وهو بالضبط ما سينعكس إيجابيا على مجمل التعامل مع القضية الفلسطينية التي تنتظر الإنصاف على أيدي مجموعة من أهم القانونين الدوليين الذين يشكلون من خلال موقعهم رأس حربة ضد التميز العنصري والظلم والاضطهاد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115