تركيا ودول المنطقة العربية ... المصالح والمطامع

ليست هذه المرة الأولى التي يهذي فيها الرئيس التركي أردوغان إذ يكاد يمر أسبوع، حتى يخرج علينا بتصريحات نارية فيها تهديد مباشر لدول المنطقة، وتلك التصريحات المتواصلة

تدل على حجم الاضطراب والتحديات التي تواجهه في الداخل التركي، حيث أكد في إحدى تصريحاته- والتي هي أشبه بالبلطجة -وظهرت معها الأطماع علناً، إن «أي أرض جرت فيها دماء جنود من الجيش التركي تعتبر جزءا من الأراضي التركية».

وأضاف: «نحن موجودون في سوريا وموجودون في ليبيا ومع أشقائنا في أذربيجان ودفعنا الثمن لقد قدمنا شهداء في الحرب ضد الإرهاب في عفرين وإدلب وعملية غصن الزيتون ومخلب النسر وعمليات أخرى خارج حدودنا». في ظل ذلك تبدو تركيا استثناءً واضحاً، حيث ما انفك الرئيس أردوغان يدخل في معارك، يقول محللون إنه «لا ناقة له فيها ولا جمل»، سوى محاولة تعزيز مكانته في الشارع الذي فقد شعبيته فيه بشكل كبير في الآونة الأخيرة، فمن سورية إلى العراق وليبيا إلى اليونان وقبرص وأرمينيا، لم يتوقف الرئيس التركي عن إشعال الحرائق بغية كسب تأييد الشارع التركي، الذي تزداد نقمته يوماً بعد يوم على أردوغان بسبب الوضع الداخلي المعيشي المتردي، ولا يبدو هذا الشارع مكترثاً بحروب أردوغان الخارجية.

ويعيش الرئيس التركي حالة تخبّط وهستيريا وهذيان! فإلى أين يمكن أن تأخذه هذه الحالة؟ في سياق الإجابة على هذا التساؤل قد تؤدي سياسة تركيا العدوانية على جميع الجبهات، كما هو متوقع، إلى اشتعال حروب عسكرية عربية - أوروبية ضد أنقرة وتشكيل تحالفات جديدة مناهضة لها خاصة بعد تهديدات أردوغان القتالية مع اليونان بخصوص موارد الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط. علىخط مواز ويوجد تحالف عسكري كبير يتشكل ضد أردوغان من خلال الدعم الفرنسي والإسرائيلي والمصري والسعودي لليونان في موقفها ضد خطط أردوغان، لذلك سيجد أردوغان نفسه في وضع صعب للغاية هناك، لذلك ربما يحاول أردوغان الجلوس إلى طاولة المفاوضات من أجل حل جميع نزاعاته الإقليمية سلمياً مع الدول الجارة في شرق البحر المتوسط. ويبدو من خلال قراءة المشهد الميداني، أنّ تركيا والدول الداعمة للجماعات المسلحة أصبحت في وضع حرج وفاقدة للقدرة على منع قرار الجيش السوري في تحقيق هدفه الأساسي بتحرير ادلب من سيطرة الجماعات المتطرفة بعد أن أصبح في وضع المقرّر لمسار الأمور في الميدان العسكري وفي هذا الإطار باتت معركة ادلب في

آخر مراحلها، خاصة بعد تحرير مناطق مختلفة من ريفي ادلب وحماه، وكنتيجة طبيعية، بدأ الرئيس التركي محاولاته لإقناع “النصرة” بالخروج من إدلب والبديل حرب جديدة في ليبيا بالانسحاب من ادلب، وهذا يؤكد العجز التركي عن تقسيم سورية والمنطقة لحماية امن الكيان الإسرائيلي الإرهابي و أن خارطة القوى قد تغيرت لصالح الجيش السوري. مجملاً... وباتت هناك تحركات متسارعة ومكثفة على أكثر من جبهة، مع تصريحات عدة لمسؤولين دوليين وإقليميين، تشير في جملتها إلى أن المنطقة، على أبواب مرحلة جديدة، وأن مرحلة الصراعات والفوضى التي عمت المشرق العربي، في السنوات الماضية، قد استنفذت غاياتها وأهدافها. كحاصل نهائي، إن تركيا تعيش في الوقت الراهن أسوأ مراحلها من حيث خسارتها لأكبر شبكة تحالف صنعتها لعقود طويلة، كما أن أردوغان يدفع بتركيا إلى حرب قد تكون عواقبها وخيمة، خاصة بعد أن نظرت أمريكا بريبة إلى ما أسمته « تمرد أردوغان»، لهذا سيعزز استمرار التوتر في العلاقات بين واشنطن وأنقرة، بذلك أصبحت تركيا أقل قدرة على تحقيق رهاناتها في المنطقة وهذا يقضي على أمالها في انتصار حليفتها «القاعدة الإرهابية».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115